ناقشت صحيفة "
فايننشال تايمز" الواقع الصحي في المملكة العربية
السعودية، مشيرة إلى أن "المرضى في السعودية سيواجهون قريبا إجراءات راديكالية، مع تركيز السلطات على تعديلات في قطاعها الصحي الذي يعاني من التضخم وضعف الكفاءة، وذلك في إطار برنامج يهدف إلى تقليل النفقات الحكومية ورفع مستوى
الصحة العامة"، بحسب تعبيرها.
وأشار مراسل الصحيفة سيميون كير، إلى أن "حملة الكفاءة" تتزامن مع تراجع في أسعار النفط، أجبر الرياض على تقليل النفقات للحد من عجز في الميزانية بنحو 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الحالي.
وتوقع التقرير ارتفاع الميزانية المخصصة للشؤون الاجتماعية والصحية في السعودية - التي تستهلك 20 في المئة من النفقات الحكومية - مع زيادة أعداد من تزيد أعمارهم على 65 عاما من نسبة 3 في المئة من السعوديين إلى 6 في المئة خلال الأعوام العشرة المقبلة، لافتا إلى أن انتشار فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، المعروف بـ"كورونا"، استنزف موارد المملكة النفطية.
وتسعى الحكومة إلى زيادة أعداد السعوديين العاملين في قطاعها الصحي، في إطار مسعى أوسع يهدف إلى تعزيز المهارات المحلية، بحسب التقرير.
وقال محللون إن المملكة لا تستخدم جهازها الصحي كاملا، بل ما يقارب النصف حاليا، ما يعني وجود خلل كبير في النظام، في حين تتوقع مؤسسة "مكينزي" الاستشارية أن مخزونات الكفاءة المتوقعة بحلول عام 2030 تصل إلى تسعين مليار دولار.
وقال وزير الصحة السعودي خالد الفالح، المدير التنفيذي السابق لشركة النفط السعودية "أرامكو"، إن "الإنفاق السنوي يصل إلى 45 مليار دولار، وهو في تزايد، سعيا لمزيد من الكفاءة".
ويسعى وزير الصحة لبرنامج تمويلي بعيد عن الدولة، يبدأ بنقل السعوديين المؤمنين صحيا عن طريق الدولة إلى نموذج تأمين شبيه بنموذج التأمين الصحي للشركات الخاصة، كما أن الحكومة تسعى لاستخدام الضرائب لتسهيل التكاليف عن الدولة، ومحاولة تحسين النظام.
وتشهد المملكة تزايدا حادا في أمراض القلب والسكري خلال السنوات الماضية، كما أن معدل السمنة يصل إلى ضعف المعدل في الدول النامية.
وأضاف الفالح: "نأمل في أن نخفف العبء عبر فرض الضرائب على الخطايا، مثل السجائر والمشروبات الغازية والحلويات"، كما أنه توقع أن يفرض المزيد من الضرائب على تأمين السيارات لتمويل كلفة إصلاح حوادث السيارات، إذ شهدت البلاد 7661 حالة وفاة عام 2013 من حوادث السير.
وتسعى الحكومة لزيادة السعوديين الموظفين في قطاع الخدمات الصحية، كجزء من مبادرة أوسع لاستغلال الطاقات الوطنية، وتنويع الاقتصاد، إذ إن واحدا من ثلاثة عمال فقط سعودي، بحسب "مكينزي"، بينما يشكل الأجانب ما نسبته 82 بالمئة من الأطباء، و74 من الممرضين، وسط احتياج سنوي للممرضين يصل إلى 7000 ممرض، تخرج منهم 812 سعوديا وسعودية فقط عام 2014، بحسب تقرير الصحيفة.
بدوره، قال الدكتور محمود اليماني، المدير التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية، إن المملكة تحتاج إلى أكثر من مجرد التركيز على العلاج، والانتقال للوقاية، "فعندما تنظر إلى مقياس، فإن الأكثر كفاءة من علاج الشعب كله هو الوقاية من المرض"، مضيفا أن "هناك حاجة لمسار إصلاحي للعناية الصحية تدريجيا بالانتقال نحو القطاع الخاص، مع تولي المستشفيات الحكومية لمسؤوليات الاهتمام الخاص والعلاج للمناطق النائية".
ويتولى القطاع الخاص ما نسبته 30 بالمئة من مجموع الخدمات الصحية السعودية، بحسب وزير الصحة، لكنه يتوقع أن ترتفع النسبة بشكل واضح، مشيرا إلى أن الدولة تنفق ما يصل إلى 30 بالمئة خارج الاهتمام الصحي المباشر، مثل اللوجستيات وتأمين الأدوية، التي يمكن تخفيضها وتأمينها من الخارج.
وتسعى الرياض بشكل فعال لتأمين تمويل للقطاع، عبر عقد مؤتمر للمستثمرين في النصف الثاني عام 2016، إذ إن "الفرصة جيدة، والمخاطر منخفضة، والبيئة التنظيمية فعالة"، بحسب الفالح.