اعتبر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، أن رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب
أردوغان زوجا من الشخصيات المتناقضة المتنافرة، إذ قضيا وقتهما وهما يرمقان بعضهما البعض عن بعد.
وشبههما من خلال ردود أفعالهما بما كان يفعله نابليون وكوتوزوف على مشارف قرية اسمها بورودينو، مشيرا إلى أن هناك محادثات تجري بشكل جيد بين إسرائيل وتركيا لتطبيع العلاقات فيما بينهما.
وسبق أن شبه أردوغان ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين بتلك التي كان يقوم بها هتلر، وذلك عندما انتقد نتنياهو لتجرئه على حضور المسيرة التي نظمت في باريس بعد هجوم تشارلي إبدو، فرد الإسرائيليون باتهام الرئيس التركي بأنه "متنمر مناهض للسامية".
وأكد هيرست في مقال له أن المسؤولين الأتراك اكتشفوا أن الإسرائيليين منفتحون على الحوار بشأن ما تبقى من مطالب تتعلق بقضية السفينة مافي
مرمرة – وما تبقى هو مطلب تخفيف الحصار عن غزة باستخدام قناة تركية لإيصال الأغذية والمستلزمات الأخرى، ويمكن أن يشتمل ذلك أيضا على توليد الكهرباء من سفينة ترسو في عرض البحر أمام ساحل القطاع.
وأعلن أردوغان أن
تركيا قد ترسل سفينة إلى غزة لتوليد الكهرباء وتزويد القطاع بمواد البناء، وقال إنه تلقى ضمانات بأن إسرائيل سترفع الحصار عن غزة إذا ما توجهت كل المساعدات إلى غزة عن طريق تركيا.
وخاض مسؤولين من البلدين جولة من المفاوضات لحل الأزمة الناجمة عن قضية السفينة مافي مرمرة بعد الحادثة مباشرة وتوصلوا إلى ما يشبه مسودة الاتفاق إلا أن ذلك جوبه بالاعتراض من قبل نتنياهو. ثم في حزيران/ يونيو 2013 اعتذرت إسرائيل عن الحادثة، ومنذ ذلك الوقت ما يزال الشد والجذب قائما حتى يومنا هذا.
وقال نتنياهو في اجتماع نظمه حزب الليكود إن الأتراك يحاججون ضد الحصار عن غزة ونحن بالطبع لا ننوي تغيير سياستنا بفرض الحصار البحري، وذلك رغم أن إسرائيل تقوم بنقل البضائع من أجل بقاء وإعادة تأهيل قطاع غزة، إلا أننا لا يمكن أن نتنازل عن أمننا".
وأكد هيرست أن رفع الحصار الذي استمر لثمانية أعوام وشكل العمود الفقري لاستراتيجية مشتركة أطرافها هم إسرائيل ومحمود عباس والرباعية لن يكون سهلا، وستظل المباحثات رهينة سيقع من بعد من أحداث.
واعتبر أن مصدر الشك الرئيسي الآخر هو شخصية نتنياهو ذاته، فقد كون لنفسه سمعة بأنه مفاوض لا يمكن الوثوق به، إذ لا يلبث أن يخلف وعوده وينكث عهوده ويغير مواقفه التي يكون قد عبر عنها في اللقاءات الخاصة ويتخلى عن محاوريه دون سابق إشعار أو إنذار.
وأشار هيرست إلى أن محادثات تأتي أردوغان في أعقاب الاجتماعات التي جرت بين مبعوث الرباعية السابق توني بلير وزعيم حركة حماس خالد مشعل في الدوحة العام الماضي، والتي كنت أول من كشف النقاب عنها. إلا أن المحادثات التي اشتملت على دعوة خالد مشعل لزيارة لندن في حزيران يونيو من العام الماضي فشلت لأن إسرائيل لم تبد اهتماما بها ولأن مصر اعترضت عليها. كما أن حماس نفسها كانت تساورها شكوك أساسية تجاه دوافع بلير.
وأكد هيرست أنه يوجد مؤشران واضحان على أن المحادثات بين تركيا وإسرائيل تمضي قدما. أما المؤشر الأول فهو حادث مثير للفضول وقع في تلال كردستان العراق، إذ أرادت روسيا أن تنشر قوات لها على الأرض حتى تتمكن من هناك من شن هجمات في الموصل، وطلبت إذنا من الزعيم الكردي جلال الطالباني الذي تهيمن جماعته على تلك المنطقة. وقد تشاور الطالباني مع حلفائه، فلم تعترض الولايات المتحدة الأمريكية ولكن إسرائيل هي التي اعترضت.
وأرادت إسرائيل أن تبدي قلقها من أن التدخل الروسي في سوريا إنما يعزز نفوذ إيران في هذا المسرح للمعارك. كما أنها أرادت أن تثبت لتركيا أن لديها نفوذا في تلك المنطقة.
وأما المؤشر الثاني فهو صيحات الاحتجاج التي خرجت من مصر التي بذلت جهوداً كبيرة في عهد السيسي لتشديد الحصار على غزة من خلال تفجير نصف مدينة رفح الحدودية وإغراق الأنفاق بالمياه. وعبرت مصر من خلال مذكرة قدمتها لسفير إسرائيل في القاهرة وعبر القائم بأعمال سفارتها في تل أبيب عن اعتراضها على أي تنازلات إسرائيلية لصالح تركيا في قطاع غزة.
وخلص هيرست في مقاله إلى أنه مهما حدث فإن المحادثات الإسرائيلية مع تركيا تشير إلى أن المنطقة في حالة حراك دائم، فالتحالفات تنفرط بنفس السهولة التي تتشكل بها والخصوم يعقدون الصفقات، إذ أنه ما كان قائما في يوم من الأيام قد لا يدوم حتى اليوم الذي يليه.