تسببت قوات الأمن
المصري في محافظة المنيا، جنوب مصر، في وفاة المعتقل جلال محمد نصر، 49 عاما، في 1 كانون الثاني/ يناير الجاري بسبب
الإهمال الطبي بالسجن العمومي، شديد الحراسة بالمنيا، وذلك بعد منع إدارة السجن دخول الأدوية له، بحسب ما أعلنت عنه أسرة الضحية، الاثنين.
وكان "نصر" يعاني من إصابته بمرض السكري، وقصور في الشريان التاجي، وضعف في عضلة القلب، وتكيسات دموية على الكليتين، وارتفاع ضغط الدم، ما تسبب في إصابته بحالة إعياء شديد، استدعت نقله إلى المستشفى، وبعد استدعاء سيارة الإسعاف لنقله للعلاج بالمستشفى خارج السجن زعم المسعف –غير المخول بالكشف الطبي- أن حالته الصحية لا تستدعي نقله للمستشفى، فأعادوه إلى محبسه، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد ساعات من إعادته إليه.
ويعمل "نصر" مفتشا للتغذية بالمعهد الديني الأزهري بقرية الصفانية التابعة لمركز العدوة بالمنيا، ويعول سبعة أبناء.
وقالت أسرة "نصر" لمنظمة "
هيومن رايتس مونيتور" – في بيان للمنظمة الاثنين- إنه لم يتم فتح أية تحقيقات حول الوفاة، بل كتبت سلطات الصحة والداخلية أنه "جار البحث عن سبب الوفاة".
وأضافت المنظمة أن السلطات المصرية اعتقلت "نصر" في 3 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، من داخل محطة قطارات مصر، بمنطقة رمسيس، وسط القاهرة، بدون تصريح قضائي وبلا معرفة لسبب الاعتقال.
وأشارت إلى أن نيابة المنيا وجهت له اتهامات بـ "التظاهر والانتماء لجماعة محظورة"، في القضية رقم 28 لسنة 2013، واستمر محبوسا بأمر النيابة بسجن المنيا شديد الحراسة منذ ذلك التاريخ حتى وفاته.
واستطردت "هيومن رايتس مونيتور": "تعنتت إدارة السجن في إدخال المستلزمات الخاصة والأغطية والملابس والطعام والأدوية للسجين، الذي ظل يجدد له 45 يوما، من قبل النيابة، وفق رواية أسرته، وذلك بالمخالفة لقوانين
السجون المصرية، والاتفاقات والمواثيق الحقوقية الدولية".
واستنكرت "هيومن رايتس مونيتور" مقتل "نصر"، بالإهمال الطبي، الذي أضحى أحد أسلحة السلطات الأمنية في مصر، للقضاء على حياة المعتقلين، في ظل التكدس العام الموجود في سجون وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز بمعسكرات الأمن، ومع عدم الاهتمام بتهوية الزنازين أو توفير بيئة نظيفة للمعتقلين، ومع استمرار التعذيب والقمع الذي ثبت وجوده من أكثر من حالة في سجون مصر، تجد الأمراض المعدية فرصتها لتتنامى وسط أجساد المعتقلين المتكدسين، ومع تعنت المسؤولين في السجون ورفضهم إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى يصبح الوضع أكثر كارثية.
وكانت "هيومن رايتس مونيتور" قد رصدت في منذ بداية العام 2015 حتى آب/ أغسطس الماضي، مقتل نحو (59) حالة بالإهمال الطبي، تتركز النسبة الأعلى منهم في سجن العقرب شديد الحراسة، ثم سجن طرة، يليه سجن المنصورة العمومي، ثم سجن برج العرب وسجن وادي النطرون.
فيما وثقت آخر إحصائية لمركز "النديم لتأهيل ضحايا التعذيب"، مقتل نحو 137 سجينا بالسجون ومقار الاحتجاز المصرية، بالإهمال الطبي، في العام 2015.
وترى "هيومن رايتس مونيتور" أن الإهمال الطبي بالسجون المصرية يخالف كل المواثيق والأعراف الدولية، ويأتي على أبسط حقوق المعتقلين الآدمية، وهو الحق في الحياة، فضلا عن أنه يتناقض مع المادة (18) من دستور مصر 2014، التي تنص على أن: "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة".
وأوضحت أن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء تنص على أن: "السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة، ينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية، ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية، بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضى، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوي التأهيل المهني المناسب".