تتخوف الحكومة بالجزائر من اتساع دائرة
الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة، بعد أن بدأ لهيبها في بعض المحافظات إثر إقرار قانون الموازنة للعام الجاري والمتضمن زيادات لافتة بأسعار المواد الاستهلاكية، بعد تراجع مداخيل الخزينة العامة.
وينظم ناشطون، منذ الاثنين، أعمال تعبئة للمواطنين بمحافظات عدة بالجزائر، من أجل تنظيم مسيرات بالشوارع منددة بغلاء المعيشة الناجم عن رفع أسعار المواد الأكثر استهلاكا من طرف
الجزائريين.
وأقر قانون الموازنة للعام الجديد 2016 بالجزائر تدابير تقشفية، رافقتها زيادات بأسعار الكهرباء والوقود بـ30 في المائة، ونجم عن ذلك تلقائيا رفع تسعيرات المواصلات، وكذا أسعار المواد الغذائية الأساسية كالحليب والطحين والسكر.
وطالب نشطاء بمسيرة نظمت الثلاثاء بعنابة (شرق الجزائر) الحكومة الجزائرية بإلغاء التدابير الواردة في قانون الموازنة الجديد، وإعادة أسعار الوقود والكهرباء والمواد الاستهلاكية الغذائية إلى مستواها الأول.
كما شن مواطنون بمحافظة تيزي وزو، شرق البلاد، الاثنين،
مظاهرات منددة بغلاء المعيشة، وطالبوا الحكومة بتوفير أسباب العيش الكريم أو الاستقالة.
وردد النشطاء، ومعهم عشرات المواطنين، شعارات مناهضة لخطة الحكومة الجزائرية، وقالوا "إن الحكومة تريد إفقار الشعب وفي المقابل تمنح مزايا لرجال الأعمال الذين أصبحوا يتحكمون بمصير البلاد سياسيا واقتصاديا".
وكانت الحكومة الجزائرية أقرت زيادات برواتب الموظفين والعمال بقطاعات عدة أهمها التعليم والصحة، لكن رواتبهم الجديدة لم تصمد أمام ما أقرته الحكومة ذاتها بقانون الموازنة الذي فرضه انهيار أسعار النفط بالسوق الدولية، حيث نزل إلى 30 دولارا للبرميل الواحد.
ويعتمد قانون الموازنة الجزائري للعام الجاري سعرا مرجعيا للنفط يساوي 37 دولارا للبرميل، ما يعني أن سعره الحالي نزل إلى أقل من السعر المرجعي بقانون الموازنة، ويرى خبراء أن الحكومة، وتبعا لذلك، لا يمكنها الاستمرار بخطتها الاقتصادية حتى بواسطة التقشف.
وتتخوف الحكومة الجزائرية من اتساع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية، مثلما حصل عام 2009، عندما خرج مواطنون بالعاصمة للمطالبة بالسكن، وانتقلت العدوى إلى عدد من محافظات البلد.
وقال الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، أثناء زيارته لمحافظة سطيف شرق الجزائر، كانون الأول/ ديسمبر، إنه يتعين على الجزائريين التضامن مع الحكومة و"شد الحزام".
وتستغل المعارضة بالجزائر حالة الغضب الشعبي إزاء تدابير الحكومة من أجل إقامة الحجة على فشل السلطة. وتحمل المعارضة السلطة مسؤولية الفشل في إدارة موارد البلاد من النفط عندما كانت أسعاره مرتفعة جدا.
وقال الطاهر بن بعيبش، رئيس حزب "الفجر الجديد" المعارض، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، إن "فوضى الحكومة رمت بثقلها على فوضى السوق، فانعكست الآثار السلبية على جيوب المواطنين".
وتابع بن بعيبش يقول: "الاحتجاجات في بعض الولايات طبيعية وستتفاقم مستقبلا في ظل غياب بدائل حقيقية، فبالأمس كان وزير المالية يصرح بأن وضع المالية للجزائر بخير ومتحكمون في الأزمة، واليوم يعاكس تصريحاته، وهذا طبعا نتيجة عجز الحكومة الحالية عن مسايرة الأزمة".
وبدوره أفاد موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، قائلا: "ما حذرنا منه مرارا قد حدث، وغضب المواطنين ضد غلاء المعيشة دليل على فشل سياسة الحكومة التي لم تتبن اقتصادا بديلا عن النفط، وعليه فإن الحراك الاجتماعي ضد غلاء المعيشة حق مشروع بالنسبة للجزائريين".
لكن أحزاب السلطة لا ترى في الاحتجاجات الشعبية ضد غلاء المعيشة مجرد حراك عفوي، إذ يرى حسين خلدون، القيادي بحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، أن "حق الاحتجاج مُكرس في الدستور، لكن لا نرى أن الحراك في الولايات عادي ولا عفوي، وإنما توظيف سياسي لتحقيق أغراض أخرى، والمعارضة كانت تعلن في وقت سابق أنها تحضر لأشياء أخرى بعد المصادقة على قانون المالية".