اعتبرت مجلة "المصور" الحكومية
المصرية، في عددها الأسبوعي الصادر الأربعاء، الحكومة والبرلمان المصريين، "قرودا تمارس تكميم أفواه الصحفيين".
وصدرت المجلة بغلاف تتصدره صورة ثلاثة قرود، أحدها يضع يديه على عينيه، والثاني يسد بيديه أذنيه، والثالث يضع يديه على فمه، مع عنوان يقول: "الحكومة والبرلمان يمارسان تكميم أفواه الصحفيين: لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم".
وفي هذا الصدد نشرت المجلة ملفا بعنوان: "بأمر الدولة.. ممنوع الكلام"، قائلة: وزراء حكومة المهندس شريف إسماعيل شأنهم شأن أغلب المسؤولين في مصر لا يحبون الحديث إلى الإعلام، ولا يريدون لموظفيهم كذلك، ووصل الأمر لدرجة أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد قال إنه لن يتعامل إلا مع رؤساء تحرير الصحف".
وأضافت المجلة أن "وزارة الزراعة تراقب موظفيها على "فيسبوك"، وقرر الدكتور ماجد القمري، رئيس جامعة شرم الشيخ، منع الظهور الإعلامي لأعضاء هيئة التدريس إلا بعد موافقته، ونشر د. محمد نور فرحات تفاصيل قرار رئيس جامعة الزقازيق بمنعه من التحدث للإعلام والصحافة إلا بإذن كتابي، وأن العقاب في انتظار من يخالف".
وأردفت: "بل إن البرلمان نفسه منع الصحفيين من تغطية الجلسات بجانب منع البث المباشر لوقائع الجلسات".
وتابعت بأن كل ذلك يستدعي بالضرورة حالة "تكميم الأفواه"، التي اتبعتها الأنظمة السابقة في تعاملها مع وسائل الإعلام.
وفي ملفها رصدت المجلة ما اعتبرته: "تعامل الحكومة في الوقت الحالي مع الإعلام بعد إحجام أغلب الوزراء عن الإدلاء بتصريحات صحفية، علاوة على وجود متحدثين إعلاميين للوزارات، مع إيقاف التنفيذ".
وأضافت أنه: "ما يربك المشهد، ويزيد التعتيم أكثر، وقف بث جلسات مجلس النواب، على الهواء ومنع زملاء الصحفيين من دخول البرلمان، ومحاولة بعض رؤساء الجامعات حرمان الأساتذة الجامعيين من الظهور الإعلامي، أو التحدث للصحافة".
وحذرت "المصور" من أن هذا الوضع في هذا التوقيت، ولسان الحال يقول للحكومة: "الضغط يولد الانفجار".
وشددت على أن القضية ليست هينة، وأن الحكومة متهمة بمعاداة
الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، إلا إذا كانت لعرض الإنجازات، و"التطبيل" لكبار القوم، والسؤال: هل بهذا الأسلوب، ونحن قد غادرنا، زمن العصور الوسطى، تنجح الأمم؟
وأجابت: "بالطبع.. لا، وألف لا.. فنحن في عصر باتت فيه المعلومة كالماء، والهواء".
وأكدت أن المعلومة حق من حقوق الإنسان، وحجبها يضر الحاكم والمحكوم، ولنا في سيرة المخلوع حسني مبارك، خير شاهد، وأفضل دليل، معتبرة أن "معرفة الحقائق عبر وسائل الإعلام أو آية وسائط أخرى، طبقا للمنطق والدستور، نور للرأي العام، يغلق الباب أمام سيل الشائعات، واللغط، والأخبار الكاذبة، التي تنمو هنا، وتكبر هناك، تحت رعاية وسقاية من يفضلون العيش في العتمة، والظلام.
ووصفت المجلة الحكومة بأنها "تكمم أفواه الحكومة"، في محاولاتها حجب الحقيقة عن الناس.
استبعاد 20 صحفيا بتعليمات أمنية
وكانت نقابة الصحفيين أصدرت بيانا الأحد، 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعربت فيه عن انزعاجها من استبعاد أسماء ما يقرب من 20 صحفيا من المنوط بهم تغطية أنشطة البرلمان، بعد ما أشيع من أن الاستبعاد جاء بتعليمات أمنية، الأمر الذي يحمل في طياته، إذا صح، دلالات خطيرة، ويشكل اعتداء على حق المواطنين في معرفة تفاصيل ما يدور في مجلسهم النيابي"، وفق البيان.
ودعت النقابة، في بيانها، رئاسة مجلس النواب، والصحفيين نواب البرلمان، أن لا يكونوا طرفا في أي إجراء تعسفي بحق الصحفيين، وأن يتدخلوا لسرعة تصحيح الوضع الغريب الذي فوجئ به الزملاء في جلسة البرلمان الأحد 17 كانون الثاني/ يناير 2016.
وشددت على أن قرار استبعاد الزملاء بما يمثله من دلالات، ومن تعد صارخ على حق الصحفيين في مزاولة مهنتهم، وحق المجتمع في المعرفة، لا يمكن أن يصدر من جانب ممثلي الشعب، ولا مجلس النواب الموقر المنوط به الرقابة على مثل هذه الممارسات والتشريع للحريات".
عبد العال: وجود صحفي واحد يحقق العلانية
وفي المقابل، ادعى رئيس المجلس، علي عبد العال، أن وجود صحفي واحد في القاعة يحقق علانية جلسات مجلس النواب.
وأضاف أن منع البث التليفزيوني المباشر لا ينال من علنية الجلسات، قائلا: "كل الصحفيين متواجدين في القاعة، والعلانية متوفرة"!
وتابع أنه تم إبلاغه بأن الممنوعين ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين، لكنه تبين له في اتصال هاتفي بنقيب الصحفيين يحيى قلاش أنهم نقابيون، ومن ثم تم السماح لهم بدخول المجلس.
شرط العلانية البرلمانية
وتعجب محمد الشماع، بجريدة الأخبار، الثلاثاء 19 كانون الثاني/ يناير، في مقاله بعنوان: "شرط العلانية البرلمانية"، من تأكيد رئيس مجلس النواب علي أن وجود صحفي واحد تحت قبة البرلمان يحقق شرطة علانية الجلسات.
وقال: "إذا كان هذا مفهوم شرط العلانية عند رئيس البرلمان، فما الداعي إلي محاولات إقامة مجتمع ديمقراطي حر تتعدد فيه الآراء وتتفاعل وتعبر فيه كل التيارات السياسية الشرعية عن آرائها وأفكارها في حرية وبشفافية كاملة؟ وإذا اقتصر مفهومنا لتحقيق علانية الجلسات علي هذا المفهوم فعلينا أن نستبعد بل ونستغني عن الصحافة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية ونصدر بيانا في نهاية كل يوم عمل برلماني نذكر فيه ما نريد أن يعرفه الشعب من وجهة نظر المجلس ـ وبلاها شفافية وعلانية ومتشكرين لكل من شارك في دستور 2014".
وخاطب الشماع "عبدالعال" قائلا: "الشفافية هي الأساس في العمل البرلماني يجب أن نحرص عليها، وأن نحث عليها، حتى يتاح للشعب مراقبة نوابه، ومدي التزامهم بالشأن القومي، وبصالح المواطنين، ومن يوقع إلكترونيا لزملائه، ومن يصور سيلفي، ومن يطلق الشتائم، ومن يتابع أعماله علي المحمول تحت القبة، ومن وجد نفسه تحت القبة دون أن يدري!
وتابع: "أما الكلام عن حجب جلسات مجلس الشعب فلا يجوز إلا في الموضوعات التي تمس الأمن القومي المصري، وبناء علي قرار من رئيس المجلس أو طلب من الجهات العسكرية المسؤولة، وما عدا ذلك فلا يجوز حجبه إلا إن كان هناك اتجاه للتغطية علي قضايا يري المجلس أن الشعب لم يصل بعد إلي النضج الكافي لكي يطلع عليها، فإذا ما وصلنا إلي هذه النقطة فإن المجلس يكون قد فقد مبرر وجوده من الأساس".
دعوى ضد منع البث
إلى ذلك، قررت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الاثنين، إحالة الدعوى التي أقامها جمال خطاب المحامي بالبحيرة ضد رئيس مجلس النواب، طالبا فيها بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قراره بعدم إذاعة الجلسات، وعقدها علانية للشعب، لمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة، الدائرة الأولى بها، للاختصاص.
وقال المدعى، في عريضة دعواه، إن القرار يخالف نص المادة 120 من الدستور التي جعلت الأصل علانية الجلسات، والاستثناء هو انعقادها سرية، كما أن هذا القرار إهدار لمبدأ الرقابة الشعبية على البرلمان.
ويُذكر أن المجلس اتخذ قراره بوقف بث الجلسات على الهواء بناء على طلب موقع من أربعين عضوا، في اليوم الثاني مباشرة لبدء انعقاده، أي يوم 11 كانون الثاني/ يناير الحالي.
فقهاء: منع البث يخالف 8 مواد بدستور 2014
ورأى فقهاء دستور أن القرار يخالف ثمانية مواد دستورية منصوص عليها في دستور 2014، (الذي وضعته لجنة "الخمسين" المكلفة من قبل العسكر)، هي المادة 52، والمادة 218 التي تنص على أن "النزاهة والشفافية ضمان لحسن أداء الوظيفة العامة"، ونص المادة 100، التي تنص على أن "تصدر الأحكام باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها"، وقرارات مجلس النواب أحكام تصدر باسم الشعب.
كما خالف القرار نص المادة 187، التي تنص على أن جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام أو الآداب، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية، ومخالفة نص المادة 5 التي تؤكد تلازم المسؤولية مع السلطة احتراما للحقوق والحريات، وكذلك نص المادة 72، التي تنص على أن "تلتزم الدولة عند مخاطبة الرأي العام بمراعاة قواعد العدالة والمساواة والشفافية، بالإضافة إلى المادة 68، التي تؤكد احترام الإرادة الشعبية في المعرفة، والحصول على المعلومات والوثائق الرسمية والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة "، وفق أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، الدكتور فؤاد عبد النبي، في تصريحات لصحيفة "مصر العربية"، الإلكترونية.
ومن جهته، اعتبر علي عبد العال أن منع بث جلسات البرلمان قرار مؤقت، وأنه جاء لظروف معينة، مشيرا غلى أنه فور الانتهاء من المشكلة الأساسية التي يعاني منها البرلمان، وهي القرارات بالقوانين، التي صدرت في غيبة البرلمان، فستتم إعادة البث مرة أخرى.