نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، تقريرا تحدثت فيه عن انتشار ظاهرة الرسوم الكرتونية والمجلات المصورة في
مصر، والتي وجد فيها شبان مصريون متنفسا للتعبير عن الرأي، تحت حكم نظام عسكري قمعي ضيق مساحة الحرية في البلاد، وفرض رقابة شديدة على وسائل الإعلام، وفي ظل تطورات سياسية شهدتها البلاد منذ 2011 مثلت مادة خصبة لإثراء هذا المجال الفني.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن فن "الأنمي" مثل بقية الفنون وأشكال التعبير، يخوض اليوم معركة شرسة ضد النظام الدكتاتوري الذي يسعى لوضع يده على كل المجالات.
وأضافت أن أحمد أباظة، فنان الأنمي البالغ من العمر 34 سنة؛ يقوم بتجهيز عمل فني جديد بعنوان "
مشروع بطل"، وهو أول أنمي مصري يتضمن شخصيات عالمية وأخرى تقليدية مصرية، ويتحدث حول ما يواجه هؤلاء الأبطال من صعوبات في العاصمة المصرية القاهرة.
وبينت أن "مشروع بطل" هو أول فيلم أنمي مصري على طريقة أفلام الأنمي اليابانية، وقد وصفه النقاد بأنه النسخة الشرقية من فيلم "إكس مان"، ويأمل أحمد أن يُعرض مشروعه هذا في رمضان المقبل على شاشات التلفاز، ليكون بذلك أول مشروع أنمي مصري على أرض الواقع.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في يوم 25 كانون الثاني/ يناير 2011، أنجزت مصر ثورة ضد نظام حكم مبارك الذي سيطر على البلاد لمدة 30 سنة، ولكن
المجلس العسكري استلم الحكم بعد ذلك، ثم وصل الإخوان المسلمون للحكم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولكن في صيف 2013 عاد العسكر ليحكموا من جديد في مصر، وعادت الدكتاتورية كما كانت في عهد مبارك.
واعتبرت أن كل هذه التطورات السياسية المثيرة التي عرفتها مصر؛ شجعت فن الرسوم الكرتونية على الانتشار واكتساب شعبية كبيرة، وأن العديد من الشباب المصري اليوم يحلم بتحقيق النجاح والشهرة في مجال رسم شخصيات الأنمي على الطريقة اليابانية، ولكن بمواضيع وشخصيات تحاكي المجتمع والهموم المصرية.
ولفتت إلى أن هنالك العديد من المجلات الكرتونية التي ظهرت في القاهرة منذ سنة 2011، على غرار مجلة "الشكمجية" التي تعالج ظاهرة التحرش وحقوق المرأة، ومجلة "تك تك" التي تناقش الواقع اليومي للمصريين، ومجلة "فوت علينا بكرة" التي تقدم تصورها لمصر في المستقبل، وتعرض قصة تدور أحداثها في الجمهورية المصرية الجديدة في سنة 3014، وتتمحور حول فريق من المخابرات يتكون من رجل وحمار ناطق، وهي تتوقع أنه بعد مرور ألف سنة سيتفاقم الاختناق المروري أكثر، وسوف تكون السلطة قد زادت من قمعها للشعب، وفي المكاتب الحكومية سيكون هنالك المزيد من الموظفين الفاسدين والمرتشين. وهي مجلة يعدها الفنان شريف عادل، الذي عمل سابقا في عدة جرائد مصرية ومواقع إلكترونية، وابتكر شخصية "برباطوظ".
وقالت الصحيفة إن نظام عبدالفتاح
السيسي يمارس رقابة مشددة على كافة أنواع حرية التعبير في البلاد، حيث إنه منذ التقائه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في الصيف الماضي؛ فقد شعر بأنه حصل على الضوء الأخضر لمواصلة سياسته القمعية، وشدد منذ ذلك الوقت سطوة الدولة البوليسية، حيث أًصدر قانون مكافحة الإرهاب الذي يعاقب الصحفيين الذين لا يتبنون الرواية الرسمية للأحداث، كما أن العديد من الطلبة والتشكيلات الشبابية التي شاركت في ثورة 2011 أصبحت ملاحقة من قبل الشرطة، وانتشرت ظاهرة الاختفاء القسري للأطفال والشباب دون محاكمة، وتوالت حالات تعرض المعارضين والصحفيين للتعذيب والقتل.
وأشارت إلى أن أحد النشطاء تعرض مؤخرا للسجن والتعذيب، لمجرد أنه نشر صورة كرتونية رسم فيها السيسي بأذنين كبيرتين في شكل شخصية "ميكي ماوس"، وسماها "ميكي سيسي ماوس".
ونقلت الصحيفة عن أحد أصحاب المكتبات التي تبيع مجلات الأنمي؛ قوله إن "هذا النوع من الفن بدأ في الانتشار، ولكنه لا يزال غير معروف لدى أغلب المصريين، وهو -كغيره من الفنون- يتعرض للتضييق"، مشيرا إلى أنه مُنع من بيع بعض القصص المصورة لأسباب سياسية، على غرار قصة "مترو" التي تناقش مسائل الفساد والفوضى، "وهي أشياء أصبحت ممنوعة في دولة البوليس".
ونقلت أيضا عن أحمد أباظة قوله إن "المصريين أصبحوا في حاجة إلى أبطال، ولذلك فهو يقدم في قصصه المصورة تشكيلة من الشخصيات؛ من بينها الشريرة والطيبة، ومن بين هذه الشخصيات من يستعمل قواه في الخير وليس لمصالح فردية، كما أن هنالك من يستعملون العنف لتحقيق الثراء والفائدة الشخصية".
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إنه في عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي، هنالك الكثير من الشخصيات العامة التي يمكن تجسيدها في رسوم الأنمي التي يقدمها أحمد أباظة، ولكن المشكلة هي أن أغلب هذه الشخصيات التي تسيطر على المشهد العام في البلاد "لا تشبه في شيء الأبطال الطيبين الذي يريد الجمهور مشاهدتهم".