تناولت الصحف الغربية حادث مقتل الطالب الإيطالي "
جوليو ريجيني" في القاهرة والتي تشير أصابع الاتهام إلى مسؤولية الأجهزة الأمنية
المصرية عن تعذيبه حتى الموت.
وأشارت إلى أن جريمة قتل "ريجيني" المروعة تعكس بوضوح وحشية نظام عبد الفتاح
السيسي، وتزايد منحنى القمع الذي يمارسه منذ استيلائه على السلطة في تموز/ يوليو 2013.
قمع غير مسبوق
وقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في تقرير لها الأحد تحت عنوان "الربيع العربي يتحول في مصر إلى شتاء القمع والتعذيب"، إن ما تشهده مصر من قمع وانتهاكات مروعة باتت أسوأ بكثير مما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأضافت أنه على الرغم من ادعاء الحكومة المصرية بأن مقتل "ريجيني" قبل أسبوعين جاء جراء حادث سير عادي، إلا أن وفاته تحت التعذيب كان أمرا واضحا للجميع، وأن الآثار التي وجدت على جثمانه أثبتت تعرضه لتعذيب وحشي أفضى إلى مصرعه.
ونقلت "الإندبندنت" عن النيابة المصرية قولها إن الطالب الإيطالي تعرض لموت بطيء، وهو ما يؤكد أن قاتليه كانوا يستجوبونه لانتزاع المعلومات منه قبل موته.
وأشارت إلى تقرير نشرته التنسيقية المصرية للحقوق والحريات في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أوضح توثيق 340 حالة اختفاء قسري خلال ثلاثة أشهر فقط انتهى عدد منها بظهور جثة المختطف بعد تعذيبه على أيدي قوات الأمن، في حالة مشابهة لما وقع مع الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني".
كما نقلت عن "شادي حامد"، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، قوله إن "مستويات القمع والانتهاكات في عهد السيسي ارتفعت بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث، حيث طالت المنتمين لكافة القوى السياسية المعارضين للنظام".
تعذيب وحشي
أما صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية فنشرت تفاصيل التقرير الطبي الذي أعدته السلطات الإيطالية بعد تشريح جثمان ريجيني في مدينة روما، وقالت إنه فارق الحياة بعد تلقيه ضربة عنيفة على رأسه أدت إلى كسر فقرات العنق.
وأضاف التقرير أن الجثمان وجد به أيضا كسور متعددة في مختلف أعضاء الجسد، وآثار تؤكد تعرضه لتعذيب وحشي قبل وفاته.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتائج التشريح في إيطاليا تتطابق مع التقرير الذي أعلنته النيابة المصرية والتي أكدت أن الوفاة كانت نتيجة التعذيب وليس حادث سير كما سبق وأعلنت وزارة الداخلية المصرية.
اتفاقية في مهب الريح
إلى ذلك، كشفت صحيفة "لا ريبوبيكا" الإيطالية أن واقعة مقتل الطالب الإيطالي قد تقوض الاتفاقية الهامة التي وقعتها مصر وإيطاليا للتنقيب عن البترول.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاقية التي من المتوقع أن يتم التوقيع عليها الأسبوع المقبل بقيمة تزيد عن 7 مليارات دولار أصبحت محل شكوك بعد توجيه الاتهام للأمن المصري بقتل ريجيني، لافتة إلى أن وفد شركة "إيني" الإيطالية قطع زيارته الرسمية إلى القاهرة وغادر إلى روما بصحبة وزيرة التجارة الإيطالية بعد علمهم بنبأ العثور على جثة الطالب الإيطالي وعليها آثار تعذيب وحشي.
ونقلت "لا ريبوبيكا" عن مراقبين إيطاليين قولهم إن الحكومة الإيطالية ستستخدم أوراق الضغط الاقتصادية لإجبار الحكومة المصرية على إعلان ملابسات مقتل ريجيني والجهة المسؤولة عن هذه الجريمة، بعد أن باتت الشبهات كلها تحوم حول أجهزة الأمن المصرية.
كان يخشى الملاحقة
من جانبها، أكدت صحيفة "المانيفستو" الإيطالية، التي كان يعمل "جوليو ريجيني" كمراسل لديها، إن الطالب الإيطالي القتيل كان مستمرا قبل مصرعه في إرسال تقارير صحفية من القاهرة يتم نشرها في الصحيفة.
وأوضح "سيمون بريني" مسؤول القسم الخارجي في الصحيفة أن ريجيني كان يخشى الملاحقة الأمنية لذلك كان يمتنع عن وضع اسمه الحقيقي على التقارير مفضلا استخدام اسم مستعار.
وأكد "بريني" أن آخر تقرير تم نشره قبل مصرع "ريجيني" بأيام قليلة كان عن الأوضاع الاقتصادية في مصر، التي كان يقيم فيها منذ أيلول/ سبتمبر الماضي لإعداد رسالة دكتوراه.
وأوضحت الصحيفة أن "ريجيني" كان يعد دراسة حول أوضاع النقابات العمالية المصرية في أعقاب ثورة كانون الثاني/ يناير، وهو على ما يبدو، ما جعله هدفا للأجهزة الأمنية التي انزعجت من اتصاله بمعارضي النظام من القيادات العمالية، حتى أن زملاءه الطلاب المصريين نصحوه بتغيير موضوع الدراسة حتى لا يتعرض لأذى السلطات.