بانعقاد جلسة مجلس نواب ما بعد الانقلاب، الأحد المقبل، 21 شباط/ فبراير الجاري؛ يكون أكثر من أربعين يوما مرّ على عمل المجلس منذ بدء دورة انعقاده يوم 10 كانون الثاني/ يناير الماضي، ليصبح الإنجاز الوحيد للمجلس هو تمرير قرابة 340 قانونا، باستثناء قانون "
الخدمة المدنية" الذي رفضته غالبية الأعضاء، في وقت يواجه فيه المجلس دعوى قضائية بالبطلان، واتهامات بإهدار المال العام.
في البداية، سارع رئيس المجلس علي عبدالعال، وأعضاؤه، إلى الانتهاء من نظر هذا الرقم الكبير من القوانين، التي أصدرها كل من عدلي منصور، ورئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، تطبيقا للمادة 156 من دستور 2014، التي ألزمت المجلس بالانتهاء منها في الـ15 يوما الأولى له، لكن الأمر تم دون مناقشة.
ولم يعمل المجلس خلال تلك الفترة -بحسب جريدة "الفجر" الخميس- سوى 15 يوما فقط، منها 12 يوما في انتخاب رئيسه ووكيليه، وتشكيل لجانه النوعية، فضلا عن الانتهاء من تمرير تلك القوانين، في خلال ثلاثة أيام خصصت لنظرها.
وعقد المجلس جلسة عامة في اليوم الثالث عشر لانعقاده يوم 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، وأصدر فيها قرارا بتشكيل لجنة لإعداد مشروع لائحة المجلس، مكونة من 25 عضوا.
ثم دخل في إجازة لمدة أسبوعين، عاد منها للانعقاد في جلسة عامة يوم 7 شباط/ فبراير الجاري، ولم تستغرق سوى ساعة واحدة، وتم فيها رفض طلب رفع الحصانة عن ثلاثة من أعضائه، مع تشكيل لجنة تقصي حقائق في تقرير فساد الستمائة مليار جنيه.
وجاءت آخر جلسات المجلس السبت الماضي مع إلقاء السيسي خطابه على النواب، إيذانا بافتتاح الدورة البرلمانية، وذلك في انتظار جلسته العامة المقررة يوم الأحد المقبل 21 شباط/ فبراير الجاري، حيث يتم بحث لائحته، فيما يلقي رئيس الوزراء شريف إسماعيل بيان الحكومة أمام المجلس يوم 27 من الشهر ذاته.
استقالات بالجملة
وبحسب صحيفة "الوطن"، تبقى "الاستقالات" التي جرت تحت القبة أو لوّح بها الأعضاء هي الحدث الأبرز لتلك الفترة، ما بين استقالات من عضوية البرلمان، أو أخرى من الأحزاب والكتل السياسية التي ينتمي لها العضو، ما استقبله المواطن بتساؤلات وحيرة حول مستقبل الدورة الحالية، ولا مانع من بعض السخرية، وفق الصحيفة.
فقد تخلى المستشار القانوني سري صيام عن عضويته في البرلمان، وكانت تلك أحدث الاستقالات التي شهدها المجلس، ومن قبلها استقالة كمال أحمد، النائب عن دائرة العطارين في الإسكندرية، قبل أن يرفضها المجلس.
واستقال أكثر من عضو من كيانات حزبية وسياسية ينتمون إليها داخل المجلس، مثل استقالة عماد جاد من حزب "
المصريين الأحرار"، واستقالة مصطفي بكري من ائتلاف "دعم مصر"، فيما هدد توفيق عكاشة، لفترة طويلة في بداية انعقاد المجلس، بتقديم الاستقالة لأسباب سياسية خاصة به.
ويرى أستاذ القانون الدستوري في جامعة عين شمس، الدكتور رمضان بطيخ، أنه لأول مرة في تاريخ البرلمان يكون هناك هذا العدد من الاستقالات، التي ستعطي نظرة سلبية للمواطن عن البرلمان، وفق رأيه.
سفريات بالجملة
إلى ذلك، يواجه المجلس أزمة إدارة خلال الأيام الحالية وحتى جلسته المقررة يوم الأحد المقبل، وذلك بعد سفر رئيسه علي عبدالعال، ووكيليه سليمان وهدان، ومحمود الشريف، في توقيت واحد، خلال الأسبوع الجاري، إلى كل من سويسرا والأردن والمغرب، لحضور مؤتمرات برلمانية أوروبية، وعربية.
واعتبر الكاتب طارق أبو السعد، في جريدة "المقال"، هذه السفريات في هذا التوقيت، هروبا من مواجهة مشكلات طاحنة يتعرض لها المجلس وأعضاؤه، فضلا عن كونه هدرا لأموال الشعب.
وتسبب غياب هيئة مكتب المجلس عن التواجد في مشكلة، إذ يُفترض أن يوضع جدول أعمال جلسة الأحد المقبل، قبل يوم 21 شباط/ فبراير، كما أدى الغياب إلى تعطيل العديد من الأدوات البرلمانية، التي يجب أن يتسلمها رئيس المجلس أو الوكيلان، ليتولى إدارة المجلس بالكامل أمينه العام أحمد سعد الدين.
استجوابات متأخرة
وفي تحرك متأخر للغاية، يبدأ عدد من النواب التقدم بطلبات إحاطة للحكومة، وهددوا بسحب الثقة من الحكومة، على اعتبار أن الحادثين يعكسان فشلها في تحمل مسؤوليتها، وتلبية احتياجات المواطنين، مطالبين بإقالة وزير النقل بسبب تكرار حوادث القطارات.
349 مليونا زيادة في مخصصات النواب
في المقابل، أعلن المجلس زيادة المكافآت الشهرية لأعضائه بنسبة 25 في المئة، وبذلك تصل قيمة المكافأة الشهرية للعضو إلى 15 ألف جنيه شهريا (نحو 1764 دولارا)، في حين كانت مكافأة العضو في المجالس السابقة ألف جنيه، بإجمالي راتب 12 ألف جنيه فقط شامل البدلات.
وتكلف تلك الزيادة الدولة 349 مليونا و440 ألف جنيه عن مجلس 2012، خلال السنوات الخمس المقبلة، وفق خبراء.
مكافآت النواب.. ورواتب العاملين
وأبدى الكاتب الصحفي عباس الطرابيلي في مقاله في جريدة "المصري اليوم" بالعنوان السابق، اندهاشه من أن كل نائب في البرلمان الجديد يحصل على 15 ألف جنيه شهريا، غير ما يحصل عليه من بدلات عن حضور الجلسات، وما يحصل عليه عن اشتراكه في اجتماعات اللجان، مع زيادة هذه المكافأة سنويا بنسبة 7 في المئة. وتساءل: "بالذمة ده كلام؟!".
وأشار إلى أن النيابة عن الأمة خدمة عامة، يتقدم بها كل من يعمل لمصلحة الشعب، وليس ليجني المكافآت والبدلات والحوافز.
واستدرك بالقول: "لكن هل هذه المكافأة الشهرية -فقط- هي ما يحصل عليه نائب البرلمان؟ لا.. وحق الكعبة.. إنهم أيضا يكلفون الخزانة مزايا عديدة يحصلون عليها، منها تكاليف العلاج من فحوصات وأدوية وتحاليل وأشعات، وربما يحتاج الأمر أيضا إلى استكمال العلاج في الخارج، ومنها وجبات غذائية مدعمة، فضلا عن القروض-دون فوائد- التي تسدد على سنوات عدة".
وتساءل: "أليس هذا هو الاستنزاف الحقيقي لأموال الدولة، التي هي أموال الشعب، أم نقول بكل صراحة إن النيابة عن الأمة أصبحت مغنما ماليا ونفوذا سياسيا؟".
واختتم مقاله ساخرا: "أخشى ما أخشاه أن يطالب النواب بمستحقاتهم بالدولار ليهربوا من مشكلات انهيار قيمة العملة الوطنية، عليها رحمة الله وبركاته".
دعوى "كفاية" ببطلان الانعقاد
من جهتها، أعلنت حركة "كفاية" أنها تقدمت بدعوى للحكم بصفة مستعجلة ببطلان دعوة رئيس الجمهورية لمجلس النواب بالانعقاد.
وقالت الحركة في دعواها إن ذلك مخالف للدستور والقانون لمخالفته الصريحة لنص المادة 115 التي ألزمت بأن الدعوة لمجلس النواب تكون قبل الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، في حين تمت الدعوة يوم 10 كانون الثاني/ يناير 2016.
وصرّح منسق الشباب في الحركة محمد عطية بأن المادة ألزمت وحددت الفصل التشريعي لمجلس النواب بفترة لا تقل عن تسعة أشهر، وبالتالي يستحيل عمليا أن يكون الفصل الأول من البرلمان أقل من 9 أشهر، لأن الدعوة كانت بشهر يناير وهذا يترتب عليه عوار دستوري واضح، وبالتالي بطلان انعقاد المجلس الحالي، وعدم مشروعية أي قوانين صدرت خلال الفترة الماضية، وفق قوله.