لم يدر بخلد أم خالد يوما أنها ستضع طفليها الصغيرين بدار للأيتام، خصوصا أن زوجها شرطي في نظام بشار الأسد بدمشق، لكنها فعلت بعد أن قتل النظام زوجها بتهمة الخيانة و"التعامل مع الإرهابيين وتزويدهم بالسلاح"، فوجدت نفسها عاجزة عن توفير لقمة العيش لأطفالها، في بلد تدهور اقتصاده وتوقفت العديد من القطاعات فيه وعرف ارتفاعا مهولا للأسعار بفعل الحرب وانعدام الأمن.
أصل الحكاية
صباح العاشر من كانون الأول/ ديسمبر كانت أم خالد مع أطفالها في المنزل بدمشق، تنتظر زوجها الذي غاب عن البيت ليوم كامل، كامل بحكم أنه شرطي، تقول أم خالد لـ"
عربي21": "انتظرت حتى الظهيرة فلم يأت، بعد ساعة سمعت صوت الباب يطرق، وإذ بأحد رفاقه يخبرني بأن الأمن العسكري قد ألقى القبض عليه، وهو في دوامه".
وتضيف أن رفيقه "لا يعرف إلى أين تم اقتياده، بقيت في دمشق شهرا أنتظر الإفراج عنه دون أن يصلني أي خبر، فاضطررت إلى أن أنتقل مع أطفالي إلى قريتي في جبل الزاوية بريف إدلب".
مرت 10 أشهر على أم خالد في قريتها بريف إدلب دون أن تسمع أي خبر عن زوجها "فقررت الذهاب إلى دمشق لأسال عنه"، تقول، وتضيف: "وكانت الصدمة عندما دخلت إلى فرع الأمن العسكري، وأخبرني أحد الضباط بأن زوجي تمت تصفيته وسلمني بعضا من لباسه والبطاقات الشخصية التي كانت بحوزته".
"عدت إلى القرية والدموع على وجنتي، حزنت على زوجي الذي قتل دون ذنب، وعلى أطفالي الذين سيفتحون عيونهم دون أب يحضنهم؛ لكن بقائي في القرية لم يدم طويلا، إذ تعرضت لقصف جوي من الطائرات الحربية والمروحية للنظام فاضطررت للنزوح"، تقول بنبرة حزينة.
الطريق إلى دار الأيتام
وتضيف: "وصلت إلى أحد المخيمات على الحدود السورية التركية، وعشنا فيه لفترة طويلة، ومنذ ما يقارب الستة أشهر جاء شخص إلى المخيم"، وعرض عليها إيداع أطفالها لدى دار للأيتام إن لم تكن قادرة على تأمين عيشهم، فوافقت.
تقول أم خالد مبررة: "ظروفي القاهرة أجبرتني على أن أرسل اثنين من أطفالي محمد ولؤي إلى
دار الأيتام، لعدم قدرتي على تأمين لقمة العيش لهما؛ أما خالد فقد تجاوز الـ13 من عمره لذلك لم أستطع إرساله لأنهم لا يستقبلون سوى الأطفال دون سن العاشرة".
وتضيف أنها بحثت مرارا عن عمل لكن دون جدوى، فيما لم تتوصل من النظام براتب زوجها منذ اعتقاله: "لم أجد بديلا عن إرسالي اثنين من أبنائي إلى دار الأيتام عسى أن تكاليف عيشينا أنا وطفلاي خالد وهيام اللذان بقيا معي، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير جدا وليست لدي طاقة على تأمينها"، بهذه الكلمات ختمت أم خالد حديثها لـ"
عربي21".
أم خالد امرأة سورية تجسد واقع آلاف النساء اللواتي عانين مرارة الحياة بعد فقدان أزواجهن بسبب الحرب الدائرة في
سوريا منذ انطلاقتها وإلى الآن، إما قتلا على أيدي قوات النظام السوري أو اعتقالا أو خطفا.