أعلنت كل من
روسيا وأمريكا الاتفاق على وقف لإطلاق النار في
سوريا ابتداء من يوم الجمعة في السادس والعشرين من شهر شباط/ فبراير الجاري، هذا الاتفاق لن يشمل جبهة النصرة وتنظيم داعش، وبانتظار التطبيق الفعلي للاتفاق الذي يمهد لمتابعة الحوار بين الحكومة السورية وقوى المعارضة، ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية، فإن مجرد قيام روسيا وأمريكا بإعلان هذا الاتفاق، فإنه يؤكد أن هاتين الدولتين تتحكمان بإدارة الصراع في سوريا وكل المنطقة.
وما يؤكده أيضا أن كل الأطراف الأخرى هي مجرد أدوات تفصيلية في الصراع، ليس لها قرار حاسم في مجريات الصراع، وأن كل الخسائر البشرية او المادية في الصراعات الإقليمية والمحلية تخدم الصراعات والاتفاقات الدولية، وأنه عندما يأتي القرار من القوى الدولية الفاعلة، فإن على بقية الأطراف الالتزام بمثل هذا القرار .
ومن أجل تحديد الموقف من هذا الاتفاق وكيفية التعامل معه من قبل الأطراف المحلية والإقليمية، لا بد من الإشارة إلى بعض النقاط التي وردت في الاتفاق.
فقد جاء في نص الاتفاق: يسري وقف الأعمال العدائية في عموم البلاد على أي طرف مشترك حاليا في عمليات قتالية عسكرية أو شبه عسكرية، ضد أي أطراف أخرى، باستثناء "تنظيم داعش" و"جبهة النصرة"، وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن الدولي.
وإن روسيا الاتحادية والولايات المتحدة، بصفتهما رئيسين مشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا ولمجموعة عمل وقف إطلاق النار التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، مستعدتان للعمل معا من أجل ضمان التواصل الفعال ووضع الإجراءات اللازمة لمنع تعرض الأطراف المشاركة في وقف إطلاق النار إلى هجوم من قبل القوات المسلحة الروسية، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، والأطراف الأخرى المشاركة في وقف الأعمال العدائية.
وتتعهد جميع الأطراف بالعمل على الإفراج المبكر عن المعتقلين، خصوصا النساء والأطفال.
وحدد الاتفاق كل التفاصيل بشأن وقف إطلاق النار من قبل المجموعات السورية المسلحة ومن قبل الحكومة السورية ومن ثم الالتزام بالعودة إلى المفاوضات السياسية.
ومع إن الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار الكامل قد يكون صعبا نظرا لعدم شموله جبهة النصرة وتنظيم داعش، فإن مجرد الإعلان عنه وتولي روسيا وأمريكا رعايته بالتعاون مع
الأمم المتحدة، فإن ذلك يؤكد أن الأزمة السورية أصبحت تحت الرعاية الدولية الروسية والأمريكية، وإن هناك سقفا محددا سيتم فرضه على جميع الأطراف الأخرى مع الاحتفاظ بدور القوى الإقليمية والمحلية ضمن هذا السقف.
وما يجري على صعيد الأزمة السورية يشبه ما يجري على صعيد الأزمات الأخرى في المنطقة في اليمن وليبيا والبحرين والعراق، وما جرى سابقا بشأن الحرب العراقية- الإيرانية ما بين العام 1981 و1988، وكما جرى في لبنان خلال الحرب الأهلية ما بين عامي 1975 و1990، فنحن نتقاتل ونقدم التضحيات وتدمر بلادنا وارزاقنا ويسقط منا مئات الألوف من الضحايا والجرحى ونخسر مليارات الدولارات من الأموال ومن أثمان الأسحلة المستخدمة في الحروب، وفي نهاية الأمر تأتي القرارات الدولية والاتفاقات الدولية كي تفرض علينا وقف إطلاق النار، واتفاقات معينة لتقسيم السلطات والبلاد.
فلماذا لا نوفر علينا وعلى شعوبنا كل هذه التضحيات ونوقف إطلاق النار ونتفق على الحلول السياسية قبل أن تفرض علينا من الخارج.
واليوم هاهو الاتفاق الروسي -الأمريكي يفرض وقف إطلاق النار في سوريا، فماذا نحن فاعلون؟