تناولت صحيفة "الجورنالي" الإيطالية الصراع الإقليمي بين
إيران والمملكة
السعودية، وقالت إن المملكة اختارت معاقبة إيران على تدخلها في سوريا واليمن، من خلال توجيه ضربات قوية لأهم أذرعها في المنطقة، وهو تنظيم
حزب الله اللبناني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن السياسة الإيرانية في المنطقة، التي وصفها المحلل السياسي الأمريكي والي ناصر بأنها "الانتقام الشيعي"، حولت الشرق الأوسط إلى منطقة صراع وشكلت تحديا خطيرا للمملكة السعودية، التي تمثل الحليف التقليدي للغرب وقطب العالم السني.
وأضافت أن هذا الصراع الإقليمي المحتدم امتدت نيرانه فجأة إلى لبنان، بعد أن قررت السعودية اعتماد طريقة جديدة للرد على ملالي إيران، من خلال ضرب حزب الله من أجل إضعاف نفوذ إيران في المنطقة، أي باعتماد أسلوب المواجهة غير المباشرة.
وذكرت الصحيفة أن المملكة قررت في 20 شباط/ فبراير الماضي إيقاف مساعدات كانت موجهة للجيش اللبناني تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، بالإضافة إلى مبلغ مليار دولار كان موجها لأجهزة الأمن الداخلي. هذا القرار تم اتخاذه بعد التقدم الذي حققه النظام السوري، بفضل مساعدة حلفائه من مليشيات حزب الله وغارات الطيران الروسي، ضد فصائل
المعارضة التي تحظى بدعم الدول الغربية والتي تسعى لإسقاط نظام الأسد.
وأضافت الصحيفة أن المملكة لم تكتف بهذه العقوبات، بل أصدرت أيضا قرارا بالإجماع صحبة شركائها مجلس التعاون الخليجي، وهي البحرين والإمارات والكويت وعمان وقطر، يقضي بتصنيف حزب الله اللبناني تنظيما إرهابيا، وهي خطوة غير مسبوقة تؤشر على تردي العلاقات بين لبنان ودول الخليج، التي خرجت شيئا فشيئا عن صف العالم السني، وابتعدت عن الدول التي كانت لسنوات داعمة لها.
وأشارت الصحيفة إلى أن بيان دول مجلس التعاون أكد أن "هذا القرار جاء على خلفية الأنشطة العدائية التي يقوم بها حزب الله في هذه الدول، عبر تجنيد شباب لتنفيذ عمليات إرهابية، كما أن هذا الحزب متورط في عمليات تهريب أسلحة ومتفجرات لتهديد سيادة وأمن المنطقة".
وذكرت الصحيفة أن هذه الدول طلبت من مواطنيها مغادرة لبنان خوفا على حياتهم، فيما ذهبت المملكة إلى حد منع مواطنيها من السفر إلى بلد الأرز. ويأتي هذا بعد عجز الحكومة اللبنانية عن إصدار بيان إدانة للاعتداءات التي طالت المؤسسات الدبلوماسية السعودية في إيران، بعد اندلاع احتجاجات في طهران بسبب إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر.
ورأت الصحيفة أن اتهام حسن نصر الله مؤخرا للسعودية بالوقوف وراء الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها لبنان وانتشار التشدد والإرهاب والحرب الطائفية في المنطقة، هو ما استفز المملكة ودفعها لتفعيل إستراتيجيتها الجديدة، المتمثلة في توجيه ضربات قوية للجمهورية الإيرانية، التي تسببت بإغراق لبنان في الفوضى لسنوات وعمقت معاناتها عبر التسبب بموجة المهاجرين من سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن البعض يرى في الموقف السعودي تناقضا كبيرا، باعتبار أن المملكة بدورها متهمة بدعم تنظيم الدولة، كما أن موقفها تعرض لانتقادات، كون حزب الله الذي هو في الأصل صنيعة الخميني والمخططات الإيرانية، نجح في اكتساب صبغة لبنانية وأوجد لنفسه حلفاء مثل المسيحيين المارونيين بقيادة ميشال عون.
وفي الختام، أشارت الصحيفة أيضا إلى أن المواقف الدولية من حزب الله اللبناني كانت مرتبطة بالمواقف الإقليمية والتحالفات، حيث إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وضعته على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، وفي المقابل تعتبره روسيا "قوة اجتماعية وسياسية شرعية وشريكا في الحرب على الإرهاب في سوريا".