نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن العدد الأخير من مجلة "دابق" التابعة لتنظيم الدولة، حيث هاجم بشدة جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المقال الذي نُشر في مجلّة "دابق" تحت عنوان "الإخوان المرتدّون"، تضمّن عبارات لاذعة واتهامات للحركة الإسلامية الكبرى، كما وصفت المجلة الجماعة بأنها "سرطان مدمر، سرعان ما امتد وانتشر، محاولا إغراق كل الأمة في الردة"، وأنّ "هذا السرطان أنتج دينا آخر غير الإسلام وباسم الإسلام نفسه"، بحسب مجلة التنظيم.
وعلقت الصحيفة الإسبانية بأنه على الرغم من أن الهجوم الذي شنّه
تنظيم الدولة ضدّ "منافسيه" يُعدّ أمرا مفاجئا، إلا أنه لا وجود لتحالف بين المنظمتين كما هو سائد في الغرب.
وأوردت الصحيفة قول أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون تنظيم الدولة، غابرييل غاروم، إنه "على الرغم من أن كلّا من الحكومة
المصرية والجهات الفاعلة الأخرى، أرادت تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية شبيهة بتنظيم الدولة، إلا أن أصول وتقاليد وفكر وممارسات كليهما مختلفة جدا".
وأضاف الخبير قائلا إن "تنظيم الدولة أراد في العدد الأخير من مجلة دابق تشويه سمعة الإخوان المسلمين، استنادا على ثلاثة مزاعم، تبيّن بالأساس الاختلاف القائم بينهما. فقد تبنّت جماعة الإخوان رفضها للمذهب التكفيري، وقبولها بالحوار بين الأديان، ومشاركتها في العمليات البرلمانية والدستورية والديمقراطية".
وبينت الصحيفة أن "الجماعات الإرهابية" تنتقد الإخوان المسلمين؛ بسبب "مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية"، وبالتالي هم "يقودون الناس إلى الردّة، عوض الدعوة إلى الجهاد ضد الأطراف التي لا تلتزم بضوابط الشريعة".
كما يستند هجوم التنظيم على الإخوان المسلمين إلى أنهم يعتبرون أن المسيحيين "إخوة لهم، ولا يريدون معارضة أي دين آخر"، ويتبنون "مبدأ المساواة بين الكفار والمسلمين"، وبالتالي، فهم في نظر تنظيم الدولة "يرفضون الالتزام بالجهاد ضد اليهود والمسيحيين"، كما تقول الصحيفة.
وأوردت الصحيفة قول اجناسيو ألفاريس أوساريو، أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة أليكانتي الإسبانية، أن "الخلاف بين المجموعتين ليس بالجديد، ويعود ذلك أساسا إلى سببين رئيسيين. الأول، يتعلق بالمشاركة في اللعبة السياسية، والقبول بالمشاركة في الانتخابات، وهو ما يعتبره الإرهابيون بدعة تتعارض مع التقاليد السياسية الإسلامية، وأن الجماعة جزء من أداة ابتكرتها القوى الصليبية؛ للسيطرة والتحكم في العالم الإسلامي".
ويضيف أوساريو: "يرجع السبب الثاني إلى أن الجماعات الإرهابية تلوم دائما الإخوان المسلمين؛ بسبب سياستها البراغماتية وليونتها في تطبيق الشريعة. ففي حين ترى الجماعات الإرهابية أنها يجب أن تفرض مفاهيم الشريعة بالقوة والسلاح، يعتمد الإخوان المسلمون على استراتيجية تقوم على أساس الوعظ، وهو ما يضعها في خلاف مع المشروع المتشدد لتنظيم الدولة".
وبحسب غاروم، يبحث تنظيم الدولة من خلال هذا الهجوم عن "تشويه سمعة خصومه، بما في ذلك تنظيم القاعدة، وإرسال رسالة إلى العالم مفادها أن تنظيمه هو الممثّل الوحيد للإسلام في العالم". وفي الوقت ذاته، يسعى هذا التنظيم إلى "الاستفادة من الاستقطاب الاجتماعي والسياسي في البلدان التي يتواجد فيها دعم كبير لجماعة الإخوان المسلمين".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الخلاف يبدو أكثر وضوحا في مصر، فبعد الانقلاب الدموي الذي أطاح بحكومة محمد مرسي ومهّد لوصول الديكتاتورية الحالية إلى السلطة، اضطر الإخوان المسلمون في مصر للتأقلم مع المعطيات السياسية الجديدة.
ونقلت الصحيفة عن غاروم قوله إن "تنظيم الدولة يسعى إلى خلق انقسامات داخل جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بين مؤسسي هذه الحركة والشباب، من خلال الترويج لنفسه بديلا للأنظمة القمعية، وهو ما سيمكّنه لاحقا من استقطاب المزيد من الأنصار".
ويقول أيضا: "يجب ألا ننسى تواجد تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء منذ سنة 2014، وهو ما قد يؤدي إلى جانب ممارسات النظام العسكري، إلى انفجار الوضع الاجتماعي، تماما مثلما حدث في
سوريا خلال أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات".
وفي الختام، يقول أوساريو إن "تنظيم الدولة عمل على استغلال الفوضى في المنطقة؛ بهدف التوسع في عدد من المناطق، ومحاولة التأسيس لخطاب بديل عن خطاب الإخوان المسلمين".