لم يكن اللاجئ السوري في أوروبا؛ يظن أنه سيكون مضطرا للنوم في العراء، أو بمأوى المشردين، مع ملاحقة نظام الكفالة له، فضلا عن حرمانه من قيادة السيارات والتنقل بأريحية، واستكمال التعليم؛ بزعم "تزوير" الوثائق الرسمية.
وبعد كل تلك الصعوبات؛ يجد اللاجئ نفسه مضطرا لتوفير جزء من المساعدة الاجتماعية المالية "الزهيدة" المقدمة له، ليعيل به أقاربه في الداخل السوري، حيث الغلاء الفاحش في الأسعار، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
يقول نادر العبدلله، المقيم في ألمانيا، إن العديد من الأفراد والعائلات السورية؛ يضطرون للاستغناء عن كثير من حاجياتهم الأساسية؛ بغية
توفير مبلغ 100 إلى 200 يورو، وإرساله لأقاربهم في المناطق السورية، سواء كانوا مقيمين في المناطق المحررة، أم في مناطق سيطرة النظام.
وأضاف العبدلله لـ"
عربي21" أن هناك حاجيات يمكن الاستغناء عنها لتوفير مبلغ من المال، كبطاقة المواصلات الشهرية التي تبلغ قيمتها 50 يورو، والحصول بدلا منها على الدراجة الهوائية التي تقدمها بعض الجمعيات مجانا، بالإضافة إلى الاعتماد على الطعام والألبسة قليلة الجودة المقدمة من جمعية تسمى "التكافل"، والتشارك بوجبات الطعام، وإلغاء فكرة التنقل بين المدن.
من جهتها؛ قالت السورية لونا العاصي، المقيمة في النمسا، إن دول الاتحاد الأوروبي تقدم المساعدة المالية للاجئ السوري، بحيث تكون متوازنة تماما مع الحد الأدنى من الحاجات اليومية، وبالتالي فإنه يتعسر توفير أي مبلغ من المال.
وأضافت لـ"
عربي21" أن "حاجتنا إلى توفير المال بغرض إرساله إلى الداخل السوري؛ تضطرنا إلى تناول وجبة واحدة في اليوم، وعدم شراء الملابس أو الدخان، واستئجار البيوت المشتركة بين عائلتين، وهذه لا تُعد حياة طبيعية أو مناسبة للعيش، وخاصة للأطفال".
وعن تفاصيل المساعدة المالية المقدمة للاجئين في دول الاتحاد الأوروبي؛ أوضح المحامي ثامر الجهماني أنها "لا تختلف كثيرا من دولة لأخرى في الاتحاد الأوروبي، فمثلا في مكان إقامتي ببريطانيا؛ يحصل اللاجئ على 300 باوند شهريا (420 يورو)، أما بالنسبة للعائلات التي تزيد على خمسة أشخاص فتصل مساعدتها إلى 1500 باوند؛ تشمل المصاريف الحياتية، والتنقلات، وشراء الألبسة، وغيرها من الحاجيات، مع تأمين سكن مستقل من قبل الدولة، أو تقديم تعويض مالي عن السكن".
منغصات التحويل
بعد عمليات التقشف التي يجريها
اللاجئون لتوفير مبلغ زهيد لمساعدة ذويهم في الداخل السوري؛ فإنهم يصطدمون بعراقيل أخرى تتمثل بعملية تحويل المال من أوروبا إلى
سوريا، والتي تكلف نسبة كبيرة من قيمة الحوالة قد تصل إلى 20 بالمئة.
ويقول الصحفي أحمد سلوم إن عموم اللاجئين في أوروبا لا يعتمدون على التحويل السريع بواسطة "ويسترن يونيون" نظرا للتكلفة المرتفعة، مشيرا إلى أنهم يعتمدون على شركات صرافة أخرى للحوالات غير المستعجلة، تقوم بتسليم
الحوالات بعد نحو الأسبوع، وبأسعار معقولة.
وأضاف لـ"
عربي21" أن بعض اللاجئين يستعينون بـ"مكاتب وهمية غير مسجلة لتحويل المال، بالإضافة إلى أنهم يؤمّنون المبالغ المالية مع بعض السوريين الذين يمكنهم السفر من أوروبا إلى دول تركيا ولبنان والأردن؛ لتحويلها من تلك الدول مباشرة إلى سوريا بأسعار بسيطة".
وتساوي الـ100 يورو التي يوفرها اللاجئ قرابة 65 ألف ليرة سورية، وهذا المبلغ يساعد العائلات في المدن السورية على تأمين مصاريف الأكل والشرب لنحو 15 يوما، وفقا لإحصائيات رسمية تتحدث عن حاجة العائلة الواحدة لـ125 ألف ليرة سورية؛ لاستكمال مصاريف الشهر، وخاصة مع شح المساعدات الغذائية المقدمة من المجتمع الدولي.