طبيب الأطفال وسيم معاذ (36 عاما) هو بين ضحايا غارات جوية نفذتها قوات بشار الأسد على أهداف في حلب ومن بينها مستشفى القدس الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود ليل الأربعاء الماضي. وقالت المجموعة التي تعرف باسم "أصحاب الخوذ البيضاء" إن المجموعة لا تزال تنقب بين الأنقاض بحثا عن ناجين. وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن المدينة على شفا كارثة إنسانية.
لا يبدو أن الفارق كبير بين صور أنقاض مستشفى القدس، وبين ما شاهدناه هذا الأسبوع في فيلم "ابن شاوول" للمخرج المجري لازلو نمش، الذي نال العام الماضي "الجائزة الكبرى" في مهرجان كان، ثم جائزتيّ "غولدن كلوب" و"أوسكار". في هذا الفيلم حاول ممثله الرئيسي غيزا روريغ (49 عاما)، أي شاوول، أن يدفن طفلا ظلّ على قيد الحياة بعد جرعة الغاز ليكتم الطبيب أنفاسه لاحقا، بدلا من أن يحرق في فرن أوشفيتز(المحرقة اليهودية الشهيرة). وفي حوار أجراه هوفيك حبشيان ونشرته "النهار" في 21 الجاري، يقول روريغ حول انصهاره في الشخصية حتى بعد انتهاء عمله في الفيلم: "كنت أشعر مرارا وأنا جالس في البيت، بإصبع تلمسني، إما تكون إصبع زوجتي وإما إصبع أحد أولادي... ليقولوا لي عد إلينا".
لو بقي الطبيب معاذ حيا لكانت لديه الكثير من الأخبار حول الأطفال السوريين الذين فارقوا الحياة في محرقة سوريا الكبرى. لكن يكفي قراءة عنوان التقرير "سوريا: خمس سنوات في خضم الحرب" وخلاصته التي وزعتها بالأمس الاسكوا في بيروت لكي ندرك هول هذه المحرقة: "... إن السنوات الخمس للنزاع في سوريا قد أدّت إلى سقوط نحو2,3 مليون ضحية بين قتيل وجريح، وإلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص...".
في عز هذه الحرب أطل علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني ليؤكد أن بقاء الأسد في منصبه خط أحمر بالنسبة لإيران". وفي الوقت نفسه، كشف وزير الأمن الإيراني محمود علوي، حسبما أوردت وكالة "تسنيم"، أن قائد "فيلق القدس" في قوات الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، عرض على الأسد "نقل عائلته إلى إيران ليتمكن من قيادة المعركة، لكنه رفض قائلا لسليماني إن عائلته كبقية العائلات السورية وستبقى في دمشق".
من دون الخوض في موقف الأسد من عرض سليماني، هناك علامات استفهام حول عرض الجنرال الإيراني الذي يوحي أن الحياة لم تعد ملائمة لبقاء عائلة رئيس النظام السوري إلى جانبه. وهذا ما يعيد إلى الأذهان ما قالته أوساط مواكبة للاتصالات في موسكو "إن الأسد لن يخرج من سوريا إلا ميتا". ووسط الجحيم السوري هناك من يدير مواقيت من يحترق ومن يتأخر احتراقه، ومن بين أعضاء هذه الإدارة ولي الفقيه الإيراني، الذي ربما يريد أن يسهّل المهمة بإبعاد الأسد عن عائلته. فهل هناك تحضير لسيناريو مشابه لما حصل مع اللواء آصف شوكت الذي صفّاه النظام؟
(صحيفة النهار)