قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الاثنين، إن محاولات إيطاليا للضغط على
مصر حول مقتل الباحث الإيطالي جوليو
ريجيني على يد قوات الأمن المصري، غاب في ظل حاجة المجتمع الدولي لدخول مصر في التحالف في
ليبيا.
وأشارت مراسلة "الغارديان" في روما ستيفاني كيرشغاسنر، إلى أن مقتل ريجيني بداية العام الجاري سبب توترا كبيرا بين روما والقاهرة، وأدى لسحب إيطاليا لسفيرها من مصر في نيسان/ أبريل الماضي، رغم نفي السلطات المصرية لضلوعها بمقتل ريجيني.
ومن جانب آخر، تشارك إيطاليا وحلفاؤها، الذين يدعمون حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها فوزي السراج، بقتال معقد يعتبر به التحالف مع مصر أساسيا لنجاح الحكومة، بحسب "الغارديان".
ونقلت مراسلة "الغارديان" عن مسؤول إيطالي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن "إيطاليا مهتمة بدعم مصر لقائد الجيش الليبي السابق خليفة
حفتر، القائد العسكري في حكومة طبرق شرق البلاد"، مضيفا أن مصر كانت تدعم حكومة طبرق عسكريا، ما تسبب في عوائق في عملية السلام.
وتقاتل قوات حفتر ضد تحالف "فجر ليبيا" غرب البلاد، الذي يشارك فيه بعض الفصائل المدعومة أمميا في الحكومة، والموجودة في طرابلس.
من جانبه، قال فرج سليم، الملحق العسكري الليبي في القاهرة وموالي حكومة "طبرق"، لـ"الغارديان" إن "هناك تنسيقا على المستوى الاستخباراتي فقط، دون توريد عسكري"، مضيفا أن الدعم هناك "لوجستي، فمصر ستدعم في النهاية حكومة الوحدة بعد تصويت البرلمان".
وأكد سليم أن الخطوة التالية هي رفع حظر الأسلحة.
يأتي ذلك في ظل دعم زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي لحفتر، بالإضافة للقائه سراج هذا الشهر.
وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، هذا الشهر، إن "حفتر يستطيع ويجب أن يملك دورا في حكومة انتقالية في ليبيا، إلا أن هذا الدور محدد من قبل حكومة السراج"، حيث سيتم نقاش هذا الدور في قمة دولية في جنيف، تسعى للتوصل إلى خطة لتدريب القوات الليبية لقتال
تنظيم الدولة.
مصالح ثلاث
وأشارت "الغارديان" إلى أن إيطاليا لها ثلاث مصالح رئيسة تراهن عليها: أولها تأمين الاستقرار في ليبيا ضروري لوقف تدفق اللاجئين إلى أراضيها الجنوبية، وثانيا هزيمة تنظيم الدولة لدى أقرب جيرانها جنوبا، ثم حماية الموارد النفطية والغاز التي تشارك فيها شركات إيطالية.
وأشارت الأمم المتحدة في وقت سابق هذه العام إلى تدفق أسلحة من مصر والإمارات لقوات حفتر، بينما أرسلت تركيا ودول من شرق أوروبا أسلحة لقوات فجر ليبيا، في اختراق للحظر الدولي لتجارة الأسلحة.
وقال جون هاميلتون، مدير شركة "المعلومات العابرة للحدود" للاستشارات، في لندن، إن "القوى الغربية عليها أن تجد إجماعا دوليا من كل الدول لإيقاف دعم الفصائل لإنجاح الحكومة".
وبينما نجحت القوى الغربية، ومن بينها إيطاليا، في إقناع "فجر ليبيا" بدعم الحكومة الجديدة مقابل دور لها في طرابلس؛ فقد أدت هذه الخطوة لمعاداة الكثيرين في الشرق ممن يخشون التهميش، في ظل ضغط دبلوماسي على قادة الشرق للتوافق على الحكومة الجديدة، وخشية رفض قوات أساسية، بينها "فجر ليبيا"، لحفتر كرئيس للجيش.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "لويس" الإيطالية رافاييل مارشيتي، إن "مصر تدعم حفتر، سياسيا وعسكريا، وهذا الدعم مرتبط بدول الخليج التي تدعمه كذلك"، مشيرا إلى أن إيطاليا تواجه "مسارا تصادميا" في مصر، ضمن سعيها لإدخال مصر في قضية ليبيا، وفي الوقت نفسه تسعى للاستجابة للضغط السياسي المحلي حول قضية ريجيني.
من جانبها، قالت ميشيل دون، مديرة برنامج دراسات الشرق الأوسط في "مركز كارنيغي للسلام الدولي"، إنه "من الواضح أن مصر كانت تدعم حفتر من البداية، وكانت عائقا لعملية السلام".
وأضافت دون أن "مصر لديها الكثير من الأسباب التي تدفعها لتملك ضغطا في ليبيا"، مشيرة إلى أن "التهديد الأمني القادم من ليبيا حقيقي، وليس مجرد ضغط مصري على إيطاليا".