بدأ الصراع الداخلي
الإيراني بين الأقطاب السياسية والدينية يتبلور وبقوة، بعد المنافسة التي يشهدها مجلس
خبراء القيادة بين رجال الدين المتشددين وبين المعتدلين على منصب رئاسة مجلس خبراء القيادة الإيراني.
وينقسم الأعضاء في "خبراء القيادة" بين مؤيد للمعتدل علي أكبر هاشمي
رفسنجاني، ورافض لترشحه لمنصب رئاسة المجلس، وأغلب هؤلاء الرافضين لرئاسته مقربون من مرشد الثورة الإيرانية علي
خامنئي.
وبدأ الصراع بين التيارات الدينية الإيرانية يأخذ منحى آخر على رئاسة المجلس، بعد خسارة رئيسه السابق محمد يزدي، في الانتخابات الماضية، وهو المقرب من الحرس الثوري الإيراني ومرشد الثورة.
ويتخوف المحافظون من وصول رفسنجاني -وهو الشخص غير المفضل لدى خامنئي- إلى هذا المنصب الحساس والهام، في ظل الوضع الصحي غير المستقر الذي يعاني منه الأخير.
يشار إلى أن اختيار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يرجع إلى مجلس الخبراء بحسب المادة 107 من الدستور الإيراني، كما أن مجلس الخبراء هو الهيئة الدستورية الوحيدة التي تملك الصلاحيات لعزل المرشد بحسب المادة 111، على الرغم من عدم استخدامه هذا الحق منذ تشكيله عام 1979.
من جهته، هاجم رجل الدين البارز جعفر شجوني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام رفسنجاني، ووصفه بـ"الخائن، والعدو للثورة الإيرانية".
وجاء هجوم شجوني وهو عضو اللجنة المركزية لجامعة علماء الدين المناضلين المقربة جدا من المرشد الإيراني، في مقابلة له مع موقع "صدى أحواز"، المقرب من المحافظين في إيران.
ووصف شجوني كلا من رفسنجاني وابنته فائزة، بأنهما من أعداء الثورة الإيرانية، وقال: "لا يمكن أن يستلم رفسنجاني منصب رئاسة مجلس خبراء القيادة، بل يجب أن يتم منعه لأنه من أعداء الثورة الإيرانية".
وأشار إلى مواقف رفسنجاني السياسية، وقال إنها تثبت أنه شخصية "غير ثورية"، مستدلا على ذلك بمواقفه من المرشد الإيراني والولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح أن رفسنجاني كان قد طالب بشطب شعار "الموت لأمريكا"، وعدم رفع هذا الشعار في إيران، مضيفا أن هذه الدعوات توجب إقصاءه من منصب رئاسة مجلس خبراء القيادة.
وتابع رجل الدين الإيراني البارز، بأن رفسنجاني أصبح يردد مؤخرا "حديثا خطرا"، إذ إنه بدأ يطالب بحذف منصب المرشد في البلاد، لتحل لجنة مكونة من شخصيات عدة بدلا من الشخص الواحد لحكم البلاد.
وفي معرض تصريحاته، اعتبر شجوني هزيمة حداد عادل وهو صهر المرشد خامنئي في الانتخابات البرلمانية الإيرانية بـ"التطور الخطير"، وقال: "إن فوز أربع نسوة مجهولات الهوية بالانتخابات، وخسارة حداد عادل صهر المرشد في طهران، ينذر بأمر خطير، وهذه الحادثة لها تبعاتها وعواقبها الخطيرة جدا على وضع البلاد"، بحسب رأيه.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من رفسنجاني، إنه لا ينوي ترشيح نفسه لمنصب رئاسة مجلس خبراء القيادة الإيراني، وإنه سيكتفي فقط بدوره عضوا يمارس صلاحياته في مجلس الخبراء.
في السياق ذاته، تمت مهاجمة رفسنجاني وابنته فائزة بشدة على منابر الجمعة في عموم إيران، بعد لقائها مع نشطاء من الأقلية البهائية الإيرانية. واعتبر ممثلو المرشد في المحافظات، في خطبة الجمعة الماضية، أن رفسنجاني وابنته أصبحا يسيران وفق ما تملي عليهما الدول الأجنبية المعادية للثورة الإيرانية، وفق قولهم.
وحول هذا الأمر، يرى مراقبون للشأن الإيراني، أن رفسنجاني يتعمد استفزاز المرشد من خلال بعض تصريحاته المثيرة حول شطب شعار "الموت لأمريكا" في إيران، إلى جانب تصريحه الأخير عن البرنامج الصاروخي الإيراني، معتبرا أن عالم الغد هو عالم الحوار وليس الصواريخ.
وأوضحوا أن رفسنجاني يهدف من وراء هذه التصريحات، إلى إظهار المرشد بصورة الشخصية العصبية والضعيفة أمام الرأي العام الإيراني.