نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا عن ظروف عيش اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط، في المخيمات الدائمة التي وضعتهم فيها الحكومة
اليونانية، والتي يصفها البعض بـ"المزرية" و"المظلمة" وبأنها "تفتقد أدنى مقومات الحياة".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ نقلوا إلى مواقع لا تصلح للعيش البشري، بعدما كانوا يعيشون بشكل مؤقت في مخيمات واسعة في إيدوميني.
وأضافت أن أول الأخبار الصادرة عن المواقع الجديدة، التي يديرها الجيش اليوناني، من خلال بعض الصور التي نشرها ناشطون متطوعون سُمح لهم بدخول المكان؛ تظهر غياب أدنى مقومات الحياة الضرورية، كالماء وغيره، كما أن القذارة تملأ تلك المواقع.
وبينت أن غلق مخيم إيدوميني، الذي يضم أكثر من أربعة آلاف رجل، وعددا لا يحصى من الأطفال والنساء؛ جعلهم بلا مأوى، بعد أن تم هدم أكبر مخيم للاجئين في أوروبا، كما أن عددا كبيرا جدا من الأطفال، من الذين فقدوا أهاليهم أو مرافقيهم، أصبحوا يتسكعون في شوارع المدن اليونانية، كما في سالونيك، أو أنهم اتخذوا من الغابات القريبة من الحدود المقدونية مخبأ لهم، أو أنها قد سبقتهم أيادي تجار البشر لتنقلهم للجانب الشمالي من أوروبا؛ بغرض جعلهم متاعا يباع ويشترى.
وأوضح التقرير أن غلق الحدود اليونانية في وجه اللاجئين لم يمنعهم من البحث عن سبل أخرى للوصول لأوروبا؛ ذلك أن "البعض ما زال يخوض المغامرات المميتة في البحر الأبيض المتوسط كي يصل لمقصده، حتى إنه في الأسبوع الماضي فقط انقلب قاربان في أقل من 24 ساعة على الحدود الليبية، وتسبب هذا الحادث في وفاة خمسة أشخاص، قبل أن تتدخل البحرية الإيطالية لتنقذ 562 شخصا من الموت المحتم، ليبلغ عدد من وصلوا إلى إيطاليا هذا العام 40 ألف مهاجر".
وقال التقرير إنه منذ الخميس الماضي، تاريخ إعلان غلق مخيم إيدوميني بشكل رسمي؛ أعلنت قوات خفر السواحل الإيطالية عن مشاركتها في 22 عملية متفرقة؛ أنقذت فيها قرابة أربعة آلاف مهاجر، ما جعلها أكثر الأيام نشاطا منذ بداية أزمة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف: "أما عن المخيم الجديد، الواقع بالمنطقة الصناعية بسندوس في ضواحي سالونيك اليونانية، فقد أورد التقرير بعض الصور الأولية من داخله، والتي تكشفت عن الكم الهائل من الأوساخ المتناثرة في المخزن، والخيام المنصوبة على الأرضيات القذرة".
ونقلت الصحيفة عن فوبي رامسي، إحدى المتطوعات اللاتي تعملن في مساعدة اللاجئين بشمال اليونان منذ بداية هذه السنة، أنه "لا يوجد في المخيم الماء، ولا العناية الصحية، ولا مراكز للعناية بالرضع، ولا حتى خطة طوارئ، ناهيك عن عدم وجود مترجمين".
وأضافت رامسي، أن "الظروف التي يعيشها اللاجئون في معسكرات الجيش الجديدة؛ مزرية جدا، كما أن المكان كئيب، ومظلم، وغير آمن، ولا يصلح حتى لوضع الحيوانات فيه".
ونقلت الصحيفة عن ألكسندرا ساوث، المتطوعة التي زارت مخيما آخر يقع في معمل قديم للجلود بضواحي سالونيك، حيث تملأ المكان أكوام الزجاج المهشم والنوافذ المحطمة، قولها: "لا يوجد ماء، ولا مكان للاستحمام، ولا كهرباء، ولا حتى بعض الحطب لإشعال نار الطبخ، والأمهات هنا حرمن من الماء الدافئ والحليب لأطفالهن".
وأضافت ساوث فقالت: "كان الجيش في أول أيام تواجد اللاجئين في المخيم؛ يقدم بعض الماء الذي بالكاد يروي عطش بعض العائلات، ولكنه في اليوم الثاني لم يقدم لهم الماء إطلاقا؛ لأنه أصبح يستخدمه لأفراده"، مشيرة إلى أن "قرابة ألف لاجئ يتشاركون مع بعض في ستة مراحيض، كما أنه لم يتمكن اللاجئون من تقديم طلبات
اللجوء بسبب عدم توفير السلطات للواي فاي، والبعض لا يدري شيئا عن المكان الذي نقل إليه".
ونقلت الصحيفة عن جيورجوس كيرتسيس، المتحدث باسم المهاجرين في اليونان، والمنتمي للحزب اليساري الحاكم سيريزا، نفيه أن المخيمات تفتقر إلى الضروريات، مضيفا أنه "يوجد في المخيمات الماء والكهرباء في كل مكان، وقد اخترنا نقلهم إلى منطقة صناعية قديمة، عوض منطقة مفتوحة، لهذا السبب أساسا".
وقال إن "من المؤكد أنه كلما فتحنا موقعا جديدا ستنقصه بعض الأمور في البداية، ولكن مع الوقت فإنه ستتم معالجة هذه النقائص"، متابعا: "نحن لا نقول إن الظروف جيدة، ونحن نعمل على تحسينها، ولكن للأمانة هناك فرق كبير بين المخيمين.. الآن على الأقل هناك سقف يؤويهم من الأمطار".
وذكرت الصحيفة أن كيرتسيس أنكر ضياع الآلاف من اللاجئين بعد غلق مخيم إيدوميني، ولكن هذا ما أكده العديد من المنظمات الخيرية، من بينها "أطباء بلا حدود" التي قالت في تقاريرها، إن العديد من اللاجئين المرضى ذرفوا الدموع عندما طلب منهم إخلاء إيدوميني، بدون أن تقدم لهم السلطات معطيات واضحة عن الوجهة التي سيقصدونها.