يتجه نظام حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى
تعديل قانون "التظاهر" للأسوأ، بحسب حقوقيين، أكدوا أن هذا الاتجاه يستبق تقريرا يجب على نظامه أن يقدمه في بداية العام المقبل، أمام المجتمع الدولي، عن أوضاع حقوق الإنسان، ويأتي استجابة لضغوط دولية ربطت بين ضخ الاستثمارات وتصحيح تلك الأوضاع.
وأشاروا إلى أن الاتجاه لتعديل
قانون التظاهر يأتي بالتزامن مع انقضاء نصف المدة الرئاسية للسيسي، وتزايد الانتقادات لبند العقوبات بالقانون، بعد القضاء بتغريم عدد من المتظاهرين الرافضين لاتفاقية تيران وصنافير، مبالغ طائلة وصلت إلى مئة ألف جنيه (نحو 10 آلاف دولار) مقابل الإفراج عن كل منهم، على خلفية تظاهرات خرجت في نيسان/ أبريل الماضي؛ احتجاجا على نقل ملكية الجزيرتين للسعودية.
وتقرر تشكيل لجنتين، إحداهما حكومية تابعة لوزارة الشؤون القانونية، والثانية بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، لإجراء تعديلات يشوبها الغموض على القانون.
وكان وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، أعلن بشكل مفاجئ، في تصريحات للمحررين البرلمانيين، الأربعاء، أن رئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، أصدر تكليفا بتشكيل لجنة برئاسته (العجاتي) لتعديل القانون، قائلا إنه وضع تصوره النهائي، وشكل فريق عمل بوزارته لدراسته.
وكان "العجاتي" نفسه وصف القانون من قبل بأنه "من أفضل قوانين العالم".
لكن حقوقيين أبدوا ريبتهم إزاء هذا التحرك الحكومي والبرلماني المفاجئ، مذكرين بأن الحكومة طالما أصرت على عدم تعديل القانون على مدار عامين ونصف العام، على الرغم من الرفض الدولي والمحلي الواسعين له، منذ أن أصدره الرئيس المؤقت، المعين من قبل العسكر، عدلي منصور، في 24 تشرين الأول/ نوفمبر 2013، برقم 107 لسنة 2013، باقتراح مقدم من حكومة حازم الببلاوي، وهي أول حكومة بعد الانقلاب، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.
وكشفت تقارير إعلامية أن أهم أسباب هذا التحرك الحكومي المتسارع رغبة نظام السيسي في الاستجابة للضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي عليه، لا سيما أن
مصر ستكون ملزمة في بداية العام المقبل (2017) بتقديم تقرير أمام المجتمع الدولي عن التطورات الأخيرة لأوضاع حقوق الإنسان داخلها.
وأثار مراقبون تساؤلات حول مدى التزام نظام السيسي بمبدأ تطبيق القانون بأثر رجعي، بالنسبة لكامل العقوبات المنصوص عليها في القانون، سواء كانت حبسا أم غرامات.
وقال قانونيون إنه في حال إجراء تعديلات على القانون، فيجب بناء على مذكرة من النائب العام، أن يتم الإفراج تلقائيا عن جميع المحبوسين بتهمة خرق القانون.
وأعلن رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، نجاد البرعي، رفضه للتعديل الحكومي والبرلماني للقانون.
وقال -عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر"، الخميس-: "أنا ضد أن تقوم هذه الحكومة وهذا البرلمان بإدخال أي تعديلات حتى على قانون التظاهر".
وأضاف: "في تقديري أن أي تعديلات سيقومون بها ستكون للأسوأ".
واتفق الصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية، حمدي رزق، مع البرعي، في انتقاد قيام الحكومة بتعديل القانون.
وقال في مقاله بجريدة "المصري اليوم"، الجمعة: "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا"، مشيرا إلى أنه "ما ليس حسنا بالمرة، ويجهض هذه الخطوة المعتبرة، أنها لجنة حكومية".
وتساءل: كيف تقوم لجنة وزارية على تعديل قانون تنفذه الحكومة بتفان وإخلاص؟ هل شكت الحكومة من القانون؟ هل استنكفت القانون؟ هل زهدت في تطبيق القانون؟ أخشى أنها لجنة من ضِلَع الحكومة، و"إن أعوجَ ما في الضِّلَع أعلاه"، وفق وصفه.
وتابع: "حكومة شريف باشا لم تشكُ يوما من عوار القانون، ولم تعلن في يوم من الأيام عن رغبتها في تعديله حتى أتاها الخبر الرئاسي اليقين، من فوق، إذن كيف تضطلع الحكومة التي تنفذ قانون التظاهر بالدرس والتعديل والتصويب، هكذا وحدها دون استصحاب الدارسين الداعين إلى تعديل القانون؟".
وحذر رزق من أنه: "إذا اضطلعت حكومة شريف باشا بالأمر وحدها، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وإذا قررت من رأسها، فلا تلومن إلا نفسها"، بحسب قوله.
تحرك برلماني.. ومطالب للتعديل
وفيما طالب النائب هيثم الحريري في اقتراح برلماني بإلغاء المادتين 6 و8 بالقانون الحالي، مطالبا بأن يكون الإخطار بالتظاهر قبله بـ48 ساعة، لخص القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، عضو المجلس الرئاسي للتيار الديمقراطي، مدحت الزاهد، أبرز مطالبهم لتعديل القانون، في بيان أصدره، واصفا إياه بأنه وفر مظلة للتنكيل بأصحاب الرأي، والتضييق على الحريات.
وشدد على أن الأصل في إصدار القانون: الدستور الذي أقر للمصريين بحق التجمع السلمي والتظاهر السلمي، مشددا على أنه لا يجوز للقانون أن يتضمن الجرائم الأخرى مثل العنف وقطع الطرق وغيرها، مما يندرج في قانون العقوبات متصلا بأعمال العنف والشغب.
وطالب "الزاهد" بأن تمتنع أجهزة الأمن عن ممارسة حق "الفيتو" في منع وتعطيل المواكب والمظاهرات السلمية بقرارات منفردة، مضيفا أنه لزام عليها التوجه للقضاء إذا ما قدرت أن السماح بالمظاهرة، وتوفير الحماية لها، ينطوي على تهديد خطير للأمن، على أن يكون الفيصل هو حكم القضاء، وفق قوله.
وأكد ضرورة إلغاء العقوبات الواردة في القانون الحالي، التي تصل إلى السجن لخمس سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، فيما تسمى "جرائم الرأي"، والاكتفاء بغرامات محدودة، مع مراعاة أجهزة الأمن لمبدأ التدرج في فض التجمعات والمظاهرات السلمية، وتشديد عقوبات مخالفة هذا المبدأ، بالإضافة إلى إصدار قانون بالعفو العام الشامل لكل سجناء الرأي، بحسب تعبيره.
القومي.. وصايا هزيلة للتعديل
وفي مقابل هذا الصوت، وضع المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) توصيات، وصفها مراقبون بالهزيلة، طالب الحكومة بالالتزام بها لدى تعديلها قانون التظاهر، ومن أهمها تعديل المادة الثامنة، بأن يكون الإخطار عن المظاهرة قبل موعدها بثمان وأربعين ساعة فقط، وليس سبعة أيام.
وطالب المجلس أيضا بتعديل المادة السابعة عشرة من القانون، بحذف النص الخاص بتحديد حد أقصى لأعداد المجتمعين، مشيرا إلى أن المحظور فقط هو عدم تعطيل المواصلات أو قطع الطرق.
كما دعا إلى تعديل المواد (19، و20، و21 ، و22 ، و23)، بإلغاء عقوبة السجن والحبس، والاكتفاء بتوقيع غرامات مالية مناسبة للمخالفات التي تقع في المظاهرات السلمية، وليست بهذه الضخامة.
الحكومة تمرر قانونا يعاقب من "يروج لكيانات إرهابية"
وبينما يتجه مجلس الوزراء لتعديل قانون "التظاهر"، مرر في اجتماعه، الأربعاء، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، بإضافة مادة فضفاضة تنص على أن يعاقب بالحبس، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على ثلاثين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر أو صنع أو روج أو صدر أو استورد أو نقل داخل البلاد أو خارجها، أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو اللصق أو العرض، مطبوعات أو شارات أو رسومات أو ملصقات أو علامات أو رسوما يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية ، أو غير ذلك من الأشياء التي ترمز إلى كيانات أو جماعات إرهابية تعمل داخل البلاد أو خارجها.