يرى اقتصاديون أنه لا يمكن الفصل بين تحسن سعر صرف
الليرة السورية في الأسواق الداخلية والإقليمية، مقابل
العملات الأجنبية، وبين الضغوط العسكرية والسياسية التي تمارس على المعارضة، إذ انخفض سعر
الدولار مؤخرا إلى ما يقارب 450 ليرة سورية، بعد أن كان قد تخطى قبل ذلك بأيام قليلة حاجز الـ650 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.
ويربط اقتصاديون وسياسيون بين التطورات العسكرية في الشمال السوري، المرتبطة بتكثيف النظام وروسيا للضربات الجوية على كل من محافظات حلب وإدلب، وتلك المتعلقة منها بتقدم "قوات
سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة، في محيط مدينة منبج" الاستراتيجية، في ريف حلب الشرقي، على حساب تنظيم الدولة، وبين المضاربات الاقتصادية التي يقوم بها بنك سوريا المركزي، موضحين أن النظام يقوم بضخ الدولار بشكل جنوني في الأسواق، بغرض الظهور بمظهر الطرف القوي اقتصاديا أيضا، بعد أن استطاع تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، وكل ذلك بدعم من الأطراف الدولية.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة، إن المصرف مستمر بتخفيض سعر صرف الدولار، مشيرا في تصريحاته لوكالة أنباء (سانا) هذا الشهر، إلى أن "البنك ماض في إدارة تخفيض سعر
الصرف بشكل مدروس، ويحقق نوعا من الثبات والاستقرار والمنفعة الاقتصادية للمواطن دون الإضرار بالاقتصاد الوطني"، بحسب تعبيره.
وعلى الرغم من تأكيد ميالة على أن تحسن سعر صرف الليرة السورية جاء "بفعل سياسية طويلة ومدروسة"، يرى رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية، عبد الهة عثمان، أن تحسن سعر صرف جاء بطلب روسي، مضيفا عبر حسابه الشخصي على تويتر: "الارتفاع الحاد لليرة السورية هو جزء من الحرب النفسية الدولية على الشعب السوري".
وعلى المنوال ذاته، ينوه المراقب الاقتصادي منذر محمد إلى تزامن تحسن سعر الصرف "غير المسبوق"، وما يجري من تطورات سياسية وعسكرية.
ويوضح خلال حديثه مع "عربي21" أن "النظام هو أكبر المستفيدين من تدني سعر صرف الليرة السورية؛ لأنه يغطي نفقاته (الرواتب، المصاريف التشغيلية) بالليرة، وبالتالي ضخ الدولار بالأسواق بهذا الحجم وبهذه الكمية يثير الاستغراب".
ويقول محمد، المفتش المالي المنشق عن النظام: "شراسة المضاربة التي يقوم بها المصرف المركزي تدلل وبوضوح على حجم الضغط الذي يتعرض له النظام".
وعلى عكس محمد يرى الصحفي الاقتصادي فؤاد عبد العزيز؛ أن ربط سعر صرف الليرة بالضغط على المعارضة "أمر مستبعد"، مشيرا في حديث لـ"عربي21"؛ إلى "أن سعر صرف الدولار يحدده العرض والطلب فقط".
ويعرب عبد العزيز عن اعتقاده بأن "سعر صرف الليرة السورية في قادم الأيام، متعلق بحجم السيولة التي يمتلكها النظام بالدولار"، مضيفا: "النظام روج أحاديث تفيد بوجود أوراق نقدية مزورة من فئة الدولار في الأسواق، وهذا يؤكد أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة"، على حد تقديره.
في موازاة ذلك، أشار عبد العزيز إلى ممارسات للنظام وصفها بـ"الجنونية"، موضحا أن "النظام اليوم يقوم بدور التاجر، وبالتالي هذه الأسعار التي نراها للدولار في الأسواق السوداء ليست طبيعية، وإنما هي أسعار وهمية".