شكل الحكم القضائي الصادر الأربعاء الماضي عن محكمة
الجزائر العاصمة بتجميد صفقة تحويل أسهم المجمع الإعلامي المستقل "الخبر" إلى مجمع "سيفيتال" الذي يمتلكه رجل الأعمال المعارض يسعد ربراب، مؤشرا بنى عليه الحقوقيون والمعارضون للسلطة قناعة بأن مستقبل
الحريات بالجزائر في خطر.
ويجمع الحقوقيون والسياسيون بالجزائر أن
مجمع الخبر "يعد آخر قلعة من قلاع حرية التعبير في البلد"، وتسود مخاوف جمة في أوساط خصوم النظام من اندثار مجمع "الخبر"، الذي يعد بالنسبة لهم المنبر الإعلامي الوحيد الذي يمكنهم من إسماع صوتهم.
وسبق ليسعد ربراب أن صرح، عقب رفع وزارة الاتصال الجزائرية دعوى قضائية من أجل تجميد الصفقة، أن من بالحكم في الجزائر "يخشون أن أحكم".
لكن بقرار المحكمة تجميد الصفقة، فتح باب التكهنات على مصراعيه بخصوص مستقبل الحريات بالجزائر، بما في ذلك حرية التعبير، وحرية الاقتصاد، والاستثمار أيضا، حيث أكد الدستور الجزائري المصادق عليه شهر آذار/ مارس، "واجب الدولة صون هذه الحريات".
لكن المتتبعين لجدال السلطة ومجمع الخبر ورجل الأعمال المعارض، لا يرون أن ما ورد بالدستور يجري احترامه في قضية الصفة التجارية بين مجمع الخبر والمعارض يسعد ربراب، طالما أن تجميد الصفقة بمثابة طعن لحرية التعبير، كما أن عملية التجميد تعتبر مساسا بروح الدستور الذي ينادي بحرية الاستثمار، كما يرى الحقوقيون بالجزائر.
وبالإضافة إلى الحاصل بخصوص مجمع الخبر بالجزائر، فقد أقرت وزارة الدفاع الجزائرية قانونا يمنع ضباطها المتقاعدين من الإدلاء بالتصريحات أو التعبير عن مواقف فيما يعرف بواجب التحفظ، وجاء ذلك من خلال مشروع قانون المستخدمين العسكريين الذي ناقشته لجنة الدفاع الوطني بالبرلمان الجزائري، الخميس.
وأعلن نواب عن المعارضة بالجزائر عن تحفظات، حيث سجلوا غموضا بمفهوم واجب التحفظ، وأفاد البرلماني رمضان تعزيبت أن "التشريع الجديد يمكن اعتباره غير دستوري، ومساسا بمبادئ المساورة بين الوطنين"، وقال بتصريحه لـ"
عربي21"، الجمعة، "إن عددا محدودا من الضباط المتقاعدين يساهمون فقط في النقاش الدائر بالساحة الوطنية".
وحذر النائب من أن الإبقاء على النص القانوني الحالي، كما ورد من الحكومة، قد يحرم الجزائر من مساهمة كفاءات ونخب عسكرية في النقاش الوطني.
ويخشى بالجزائر من أن تزداد مساحات الحرية ضيقا بالتوازي مع غموض مستقبل البلاد سياسيا والقلق من مصيرها الاقتصادي وهي تواجه تداعيات تدهور أسعار النفط بصعوبة جمة.
ويرى جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" أن "مؤشرات عديدة تظهر أن الجزائر ستدخل في نسق طويل لكسر كل مقاومة ضد نظام فاسد ومستبد".
وتابع بتصريح لـ"
عربي21"، الجمعة: "مهما ارتفعت الفاتورة بالنسبة للسلطة لقمع الحريات، فسيقومون بها، وقد بعثت السلطة في قضية "الخبر" رسائل واضحة للمستثمرين بأن الدخول في عملية تجارية بالجزائر هي خطة خطيرة على رأسمالهم، وبأن لها القدرة على التلاعب بكل القوانين".