كتب المعلق السياسي في صحيفة "ديلي تلغراف" كون كوغلين، مقالا تحت عنوان "بوتين وتنظيم الدولة ليس لديهما أي خوف من
الاتحاد الأوروبي"، حول فرص خروج
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعبر فيه عن موقف الصحيفة الداعي إلى الخروج.
ويقول كوغلين: "لو صدقت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ومعاونيه، بأنه في حال صوتت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي غدا، فإنه لن يكون هناك من هو أكثر سعادة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتنظيم الدولة، اللذين سيكونان أكثر المرحبين بهذا القرار".
ويضيف الكاتب أن "أحد الأساليب البغيضة التي استخدمها معسكر البقاء هو التهديد بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيتركنا تحت رحمة عاصفة القوات الروسية وذباحي
تنظيم الدولة".
ويتهم كوغلين الحكومة البريطانية بتبني سياسة التخويف منذ بداية حملات
الاستفتاء، عندما أقنعت الضابط العسكري المرتبط بمقر الحكومة، بالاتصال بقادة الجيش السابقين، والطلب منهم التوقيع على رسالة تذكر إيجابيات البقاء في الاتحاد الأوروبي، مبينا أنه بالنسبة لرئيس وزراء حاول الاستفادة من مكانة الجيش، بالقول: "أنتم تقاتلون وأنا أقوم بالحديث"، فإن "جر ضباط الجيش للسياسة يعد خطوة غير عادية، إن لم تكن غير دستورية بالمطلق".
ويرى الكاتب أن رسالة الضباط، مثل كل حملات الداعين للبقاء، انقلبت عكس الهدف المطلوب تحقيقه، حيث قال بعض من وقعوا على الرسالة إنهم تعرضوا للضغط ليوقعوا، فيما انشق البعض، مثل قائد القوات المسلحة السابق فيلد مارشال لورد غوثري، وقائد القوات الخاصة "أس إي أس" السابق الجنرال سير مايكل روز، اللذين أعلنا عبر "ديلي تلغراف" عن نيتهما التصويت لصالح الخروج.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا لم يمنع كاميرون من رفع وتيرة الحملة، عندما حذر من أن بريطانيا ستواجه حربا كبيرة لو خرجت من أوروبا، لافتة إلى أن كاميرون قارن الأسبوع الماضي معركته للحفاظ على بريطانيا في أوروبا، بمعركة وينستون تشرتشل ضد النازية.
ويلفت كوغلين في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "كاميرون لم يكن وحده في نشر هذا الكلام السخيف كله، حيث إن وزير الخارجية فيليب هاموند، الذي ظل شخصية غائبة طوال الحملة، ظهر بشكل قصير ليقول إن
روسيا هي البلد الوحيد الذي يريد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أما وزير الدفاع الهجومي مايكل فالون فقد أضاف للهستيريا عندما قال إن الخروج سيكون (أخبارا سعيدة للرقة وموسكو)".
ويعلق الكاتب قائلا: "لو كانت روسيا، أو غيرها من الأنظمة المعادية، غبية بدرجة تفكر فيها بالاحتفاء بترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي، فإنها تسيء التقدير وبشكل خطير؛ لأن بريطانيا وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء يوم الجمعة، فإن طائراتها وقواتها الخاصة وغيرها من القدرات العسكرية، ستستمر بدعم جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إضعاف تنظيم الدولة في سوريا والعراق وتدميره".
ويؤكد كوغلين أنه "في الوقت الذي تركز فيه انتباه الأمة على نتائج الاستفتاء، فإن قوات التحالف أدت دورا مهما في جهود الجيش العراقي لاستعادة مدينة الفلوجة المهمة والاستراتيجية من يد تنظيم الدولة، حيث يعتقد أن (تحرير) الفلوجة سيفتح الباب أمام عمل أكثر جدية لتحرير الموصل، وهي المدينة التي يعني خروج تنظيم الدولة منها نهايته في العراق".
ويجد الكاتب أنه "لا حاجة للقول إن الاتحاد الأوروبي لم يكن مهما لجهود التحالف الدولي الناجحة، التي ستتواصل، سواء بقيت بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أم خرجت، والأمر ذاته ينطبق على جهود الناتو الحالية في أوروبا الشرقية ودول البلطيق، حيث أدت القوات البريطانية والبوارج الحربية دورا في ردع بوتين عن القيام بمغامرات، بناء على النموذج الأوكراني، وكان استعداد بريطانيا لنشر قواتها إلى جانب عمليات الناتو، وليس عضويتها في أوروبا، هو ما قيد محاولات الكرملين لتوسيع مجال التأثير إلى دول البلطيق وشرق أوروبا".
وينوه كوغلين إلى المقابلة التي أجرتها الصحيفة مع لورد غوثري، التي قال فيها إن طموح أوروبا القديم ببناء قوة دفاع أوروبية في مركز عمليات خاص بها سيؤثر في قدرة القارة للدفاع عن نفسها، خاصة أن مصادر حيوية كان يمكن استخدامها في تقوية الناتو سيتم نقلها إلى مؤسسة متعبة وغير مجدية.
ويذكر الكاتب أن مطالب البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي لا تعني أنهم يريدون إدارة ظهرهم لأوروبا، حيث ستواصل بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي العمل مع حلفائها الأوروبيين، خاصة الفرنسيين، الذين وقعت معهم معاهدة دفاع، مشيرا إلى أن تحرر بريطانيا من بيروقراطية الاتحاد الأوروبي سيطلق العنان لفن الدبلوماسية البريطانية العظيمة.
ويقول كوغلين إنه "بعيدا عن كون بريطانيا تحت رحمة روسيا وتنظيم الدولة في حال خرجت من الاتحاد الأوروبي، فإن بريطانيا ستقوم بحماية مصالحها، وتؤدي دورا حيويا لتقوية حلف الناتو، وتشجيع الحلفاء الأوروبيين لأداء دورهم في تقوية التحالف الغربي".
ويخلص الكاتب إلى القول إنه "بناء عليه، فإن التصويت للخروج لن يؤدي إلى تلاشي موقعنا الدولي، بل إنه سيمنح بريطانيا الفرصة لاستعادة موقعها، بصفتها واحدة من القوى العظمى في العالم".