نشرت صحيفة "موند أفريك" الفرنسية تقريرا؛ تحدّثت فيه عن عودة بشير صالح، الذراع اليمنى للزعيم الليبي الراحل معمر
القذافي، للمشهد السياسي في
ليبيا.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن أبرز زعماء القبائل الليبية في مدينة
فزان، التي تقع في جنوب غربي ليبيا، اجتمعوا في بداية شهر حزيران/ يونيو الجاري استجابة لنداء بشير صالح، السكرتير الخاص للقذافي وأبرز الرجال المقربين من نظامه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ بشير صالح عمل على حشد زعماء القبائل الليبية في مدينة فزان، انطلاقا من مقر إقامته في جنوب إفريقيا التي لجأ إليها منذ فترة. ويهدف صالح من خلال هذه المجهودات إلى تكوين قطب ثالث مواز لقطبي طبرق وطرابلس، ويراهن في ذلك على موقع مدينة فزان التي تزخر بالثروات الطبيعية والنفطية.
وذكرت الصحيفة أنّ بشير صالح وجّه خطابا لليبيين، عرضه المؤتمر الذي عقدته القبائل الليبية في مدينة فزان برعايته، وأكد خلال هذا الخطاب ضرورة اللجوء إلى الطرق السلمية لحلّ النزاعات التي تتخبط فيها ليبيا منذ سنوات.
وأشار في خطابه إلى أن ليبيا في حاجة لتفادي السيناريوهات الأكثر الخطورة، والتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها دول الجوار الليبي، مثل أنغولا وساحل العاج، ومالي التي عاشت فترات صعبة بسبب الحرب والعنف، لعبت خلالها على حد تعبيره ليبيا دورا محوريا في الحد من الخلافات بين كل الأطراف، كما قال.
وذكرت الصحيفة أن القبائل الليبية المشاركة في أشغال هذا الاجتماع السري؛ اختتمته بالمصادفة على بيان مشترك يتكون من 14 فصلا، أثار بعضها جدلا واسعا بين الأطراف الحاضرة، قبل التوصل للصيغة النهائية التي تضمنت مؤشرات إيجابية حول دور مدينة فزان في الصراع الليبي.
وأكدت النقطة الأولى في البيان على دور فزان في المصالحة الوطنية الليبية، ولذلك "يجب على القبائل في المدينة الليبية، من هذا المنطلق، رفض إقامة أي اجتماع أو مؤتمر أو ندوة تخص ليبيا، بصفة عامة، أو فزان، بصفة خاصة، خارج تراب وطنهم، إضافة إلى رفض الاجتماعات التي لم تحصل على موافقة المجلس الأعلى في فزان، باعتباره ممثلا شرعيا للسلطة المحلية ممثلة في مجلس تشريعي محلي".
وتضمنت النقطة الأولى إشارة إلى اجتماعات فيينا حول الصراع الليبي، التي أقيمت منتصف شهر أيار/ مايو وشهدت مشاركة وزراء خارجية 21 دولة، اجتمعوا لبحث وضع ليبيا، دون أن تنبثق عن هذا الاجتماع أي نتائج ملموسة.
وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماع فزان ذهب أبعد من ذلك، عندما اعتبر في بيانه أن كل هذه المجهودات الدبلوماسية الدولية كان مصيرها الفشل، وقال إن مثل اجتماعات فيينا هي محاولة لزعزعة استقرار فزان وتدخل خارجي في الشؤون الداخلية للمنطقة.
وذكرت الصحيفة أن بيان اجتماع فزان تمسك بضرورة إقامة حوار بين الليبيين، دون تدخل وسطاء، وذلك بهدف وضع حد للصراعات التي تخرب البلاد وللخروج من الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات، وإعادة فرض سلطة القانون.
وعارض بيان اجتماع فزان "التدخلات الأجنبية" في الشؤون الليبية واعتبر الأطراف الدولية "وسطاء غير مرغوب فيهم"، ولذلك لا بد أن يكون أي حوار وطني دون وسطاء دوليين.
ورأى البيان الختامي أنّ "تواتر حكومات مختلفة، ونشأة دولة تخضع لرغبة المؤسسات المالية الدولية؛ دون مراعاة للقانون أو السيادة الليبية"، تسبب في الكوارث التي تشهدها ليبيا منذ سنوات.
ودعا مجلس فزان شباب القبائل الليبية إلى مغادرة المليشيات المسلحة والعودة إلى الحياة المدنية، أو الالتحاق بالحياة العسكرية في إطار الجيش النظامي. وأكد من ناحية أخرى أهمية المراهنة على دور الضباط والجنود في ضمان سلطة الدولة وتكوين فريق عمل يخدم الوطن.
كما تضمن البيان دعوة كل الليبيين، "دون استثناء"، إلى الوحدة لتقرير مصيرهم بأنفسهم، وشدّد على ضرورة تحرير كل السجناء، وعودة النازحين واللاجئين، في الداخل والخارج كخطوة أولى نحو المصالحة الوطنية.
وتقول الصحيفة إن الاجتماع يُنذر بظهور قوة ثالثة في ليبيا، ضمن مساعي بشير صالح لضمان دور مؤثر في المشهد السياسي الليبي خلال المرحلة القادمة.