نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتبة سعاد الصالحي، تتحدث فيه عن الثمن الذي دفعته القوات
العراقية لتحقيق النصر في المعركة، التي دامت خمسة أسابيع، لاستعادة مدينة
الفلوجة من
تنظيم الدولة.
ويكشف التقرير عن أن مئات الجنود العراقيين قتلوا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من ثلاثة آلاف جندي بجروح مختلفة خلال المعركة، مشيرا إلى أنه منذ بداية
حرب العراق على تنظيم الدولة، في شهر حزيران/ يونيو 2014، عندما سيطر التنظيم على ثلث أراضي البلد تقريبا، بعد الانهيار الدرامي للجيش العراقي، رفض المسؤولون التعليق، أو قللوا من أعداد الإصابات بين قوات الأمن العراقية.
وتشير الكاتبة إلى أن نائب قائد عمليات الفلوجة الجنرال هادي رزيج، قال سابقا للموقع: "لدينا إصابات، لكنها ليست كبيرة، ونحن لا نزال نقاتل، ولا نستطيع الكشف عن هذه المعلومات".
ويستدرك الموقع بأن مسؤولا أمنيا كبيرا قال لـ"ميدل إيست آي"، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن ما لا يقل عن 394 عنصرا من عناصر القوات الأمنية قتلوا، وإن 3308 عناصر جرحوا في المعركة، التي بدأت في 23 أيار/ مايو، وانتهت في وقت سابق من هذا الشهر.
ويفيد التقرير بأن مصادر عسكرية وطبية أشارت إلى أن عدد القتلى أكبر من ذلك، حيث قالت هذا الأسبوع إن أكثر من 900 جندي قتلوا في المعركة.
وتلفت الصالحي إلى أن هذا الرقم لا يتضمن عناصر المليشيات، التي تقاتل في الفلوجة، بالإضافة إلى أن المسؤولين العراقيين لم ينشروا أرقاما للقتلى من أهالي الفلوجة، حيث تفيد التقديرات بأن عدد السكان الذين نزحوا خلال الحرب وصل إلى 80 ألف شخص.
وينقل الموقع عن المصدر ذاته، قوله إن 35 ألف جندي عراقي، تدعمهم قوات مليشيات متعددة الطوائف، بالإضافة إلى قوات التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة، قتلوا آلافا من المتطرفين خلال الهجوم.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن محللين وضباط عسكريين، قولهم إن استعادة المدينة تمثل "ضربة قاضية" لتنظيم الدولة، مشيرا إلى أن مسؤولا عسكريا قال لموقع "ميليتري تايمز" يوم الخميس، إن الحجم الحقيقي لقوات تنظيم الدولة المقاتلة بات مشكوكا به بعد معركة الفلوجة.
وتذكر الكاتبة أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن للمرة الثانية على الأقل في الأسابيع الأخيرة، أنه تم تحرير الفلوجة، وتم رفع العلم العراقي على البنايات الحكومية في وسط البلد، مستدركة بأنه لم يعرف إلى الآن كلفة هذه الحملة للعراقيين.
وينوه الموقع إلى أن معظم من سقطوا من قوات الأمن في الفلوجة قتلوا إما بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، أو بصواريخ استخدمها المتطرفون بشكل كبير مع اقتراب نهاية المعركة؛ لمنع تقدم القوات العراقية، بحسب المصادر.
وبحسب التقرير، فإن خسائر وحدة مكافحة الإرهاب، وهي وحدة قوات خاصة، كانت هي الأقل، حيث قالت المصادر العسكرية إن أعلى الخسائر هي تلك منيت بها قوات الشرطة الفيدرالية، التي قاتلت مع وجود غطاء جوي في شمال الفلوجة، والتي أمنت وسط المدينة.
وتنقل الصالحي عن قائد الشرطة الفيدرالية العراقية الفريق رعد جودت، قوله: "نحن لسنا جيشا، أو قوات مكافحة الإرهاب، نحن شرطة فيدرالية.. ليست لدينا دبابات وطائرات، كنا نقاتل بأجسادنا"، ويضيف جودت أن الشرطة الفيدرالية، التي كانت تقاتل في شمال المدينة، هوجمت بتسعين سيارة مفخخة يقودها انتحاريون، وقال: "لو جمعناها معا، فإن أثرها هو أثر قنبلة ذرية"، لكنه رفض التعليق على حجم خسائر الشرطة في الفلوجة.
ويشير التقرير إلى أن الفلوجة، التي تدعى مدينة المساجد، بعد أن تم بناء مئات دور العبادة في عهد الرئيس السابق صدام حسين، الذي شجع التجار المسلمين السنة على بناء المؤسسات الدينية المعفاة من الضرائب، كانت القاعدة الرئيسية لمعظم قيادات تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتورد الكاتبة نقلا عن بعض الخبراء، قولهم إن استعادة الفلوجة تشكل بداية النهاية لتنظيم الدولة في العراق، على الرغم من أن التنظيم لا يزال يسيطر على مدينة الموصل، حيث يقول الخبير في المجموعات الإسلامية المسلحة، ومستشار الحكومة الأمني هشام الهاشمي: "شكلت الفلوجة دماغ الحشرة".
ويقول هاشمي ومسؤولون عراقيون آخرون تحدثوا لـ"ميدل إيست آي"، إن الفلوجة شكلت الخاصرة الرخوة لبغداد وبابل وكربلاء والنجف وصلاح الدين ومحافظة الأنبار، واستخدمت منطلقا لمعظم الهجمات الانتحارية، التي استهدفت المحافظات على مدى العقد الماضي.
وينقل الموقع عن مصادر عسكرية عراقية، قولها إن ما لا يقل عن 2500 مقاتل تابع لتنظيم الدولة قتلوا في الفلوجة وضواحيها، لافتا إلى أن القوات العراقية ألقت القبض على 2186 آخرين، كانوا يحاولون الفرار من المدينة بين العائلات النازحة، حيث يقول الجنرال رزيج: "تركوا المدينة مع العائلات الفارة، بعضهم استخدم هويات مزورة، وآخرون تخفوا في زي نساء".
ويرجح التقرير احتمال زيادة عدد المعتقلين من المتطرفين؛ لأن السلطات العراقية لا تزال تحقق في خلفيات ستة آلاف معتقل آخر لدى السلطات الأمنية المحلية في معتقلات مؤقتة، بالقرب من الفلوجة، مشيرا إلى أنه يتوقع ارتفاع عدد الضحايا من الجانبين عن الأرقام الحالية؛ بسبب المفقودين، أو جثث الجنود والمتطرفين، التي لم يعثر عليها في المدينة، بحسب المصادر.
وتستدرك الصالحي بأنه بالرغم من الخسائر الباهظة، إلا أن بعض المحللين يرون أنه يجب أن ينظر إلى استعادة الفلوجة على أنها انتصار؛ لأنها رفعت معنويات القوات العراقية.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول هاشمي: "الفلوجة شكلت (دينامو) تنظيم الدولة، فمن كسب معركة الفلوجة كسب الحرب.. الآن نستطيع القول إن تنظيم الدولة خسر الحرب، فعندما خسر الفلوجة، فإنه خسر الحرب في العراق".