أثارت
التجارب السريرية لشركتي "روش" و"نوفارتس" السويسريتان في
مصر، الانتقادات التي لا يتوفر نصف سكانها على التأمين الصحي، وإن المشاركة في التجارب هي فرصتهم الوحيدة للحصول على العلاج، بحسب ما نشرت "سويس إنفو".
ومصر بحسب التقرير هي الوحدة الثانية بعد جنوب أفريقيا لشركات الأدوية متعددة الجنسيات لإجراء تجاربها السريرية. ونقلا عن منظمة "إعلان برن"، فإن "روش" و"نفارتيس" تمارسان نشاطا مكثفا في مصر. ومن بين 57 اختبارا سريريا على الأدوية في مصر في 2016، فإن 28 تجربة تنفذها هاتان الشركتان نصفها كانت من أجل أدوية لعلاج
السرطان.
وتكمن المشكلة بحسب التقرير في أن إعلان هلسنكي، الذي يعتبر الوثيقة الرسمية للـجمعية الطبية العالمية التي تضع المبادئ الأخلاقية، ينص على أن التجارب المنجزة يجب أن تعود بالنفع على السكان المحليين، وفي مصر لم تتم المصادقة على ما يقارب الواحد من كل ثلاثة أدوية، من بين 24 دواء اختبرت هناك، رغم أنها كلها مصادق عليها في أوروبا وأمريكا.
ونقلا عن المسؤول في "إعلان برن"، باتريك درويش، فإن سعر علاجات السرطان في مصر يكلف 20 ضعف الحد الأدنى للرواتب في مصر، ولا تمولها الدولة بشكل كامل.
وفي تصريحات لصحيفة "لاليبرتي"، الناطقة بالفرنسية، قالت الشركتيان إنهما تحترمان قواعد إجراء التجارب السريرية في مصر، وإنهما حائزتان على موافقة لجنة الأخلاقيات في وزارة
الصحة المصرية، دون توضيح سبب اختيار مصر للتجارب.
مدير عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، محمد جميل، قال لـ"
عربي21" إن شروط التجارب السريرية عادة ما تجري في دول المقر لهذه الشركات، وتكون بشروط صارمة، ويعلن عنها بشكل شفاف.
أما في ما يتعلق بإجراء التجارب في دول مثل مصر، في ظل نظام فاسد، فإن التجارب تثير شبهة حول سلوك الشركة، التي عادة ما ترغب في حرق مراحل الاختبارات، والحصول على نتائج سريعة لأدويتها.
ولفت إلى أن احتمالية حدوث أي ضجة إعلامية للنتائج السلبية المحتملة للتجربة في مصر، أقل منها في دول أخرى، بسبب النظام الحكومي الفاسد وضعف الرقابة، ما يؤثر سلبا على صحة المواطن المصري الفقير.
وأشار إلى أن إجراءات التقاضي في مصر وإثبات الضرر -إن حصل- سيكون صعبا في مواجهة هذه الشركات الكبرى.
وكشف تقرير "سويس إنفو" أن محققي المنظمات غير الحكومية الذين أنجزوا عملا ميدانيا في مصر، قالوا إن "روش" تختبر أيضا على ضفاف النيل أدوية لم تتم المصادقة عليها بعد في سويسرا وأوروبا، وهو ما يتعارض مع القانون المصري.
وسبق أن توفي أحد المشاركين في التجارب السريرية لشركة "روش" في مدينة رين الفرنسية، وعانى آخرون من آثار جانبية، بحسب درويش.
وبحسب "إعلان برن" يفترض أن يكون المشارك موافقا على إجراء التجارب السريرية، مع توضيح المخاطر المحتملة، غير أن ذلك غير متوفر في مصر لكون المشاركين هناك لا يعلمون شيئا عن مخاطر التجارب، ويشاركون أملا في الحصول على العلاج.
ويتابع درويش: "إن هناك تضارب مصالح يُحتمل أن يكون خطرا على حماية المشاركين"، لكون اللجان الأخلاقية التي توافق على التجارب السريرية للأدوية تابعة للمستشفيات التي تستفيد ماديا منها.