قضايا وآراء

لسنا شعباً من المتسولين

أيمن خالد
1300x600
1300x600
بعض وسائل الإعلام تعاملت مع الفلسطينيين في غزة بطريقة غير لائقة، حيث ظهروا كمجموعة من الجياع، ينتظرون حصتهم من المساعدات الإغاثية..

أيها السادة: هذا هو الشعب الذي لا يزال يكافح متمسكاً بأرضه، رغم كل المذابح التي تعرض لها من إسرائيل والعرب، وهو الشعب الذي تخلت عنه تركيا، عندما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، تماماً كما كانت قبرص التركية تحت الانتداب البريطاني، ولما انسحبت بريطانيا من قبرص وفلسطين، استعدتم قبرص، وتركتم الفلسطينيين. لذا أرجو ألا تتعاملوا مع الفلسطينيين بمنطق الواجب الإنساني، لأن الفلسطينيين أصحاب حق تاريخي عندكم، مثلهم مثل قبرص التركية، وإذا فشلوا في مساءلتكم أمام القانون، فهم سيسألونكم أمام الله.

أعود قليلاً للوراء عام 2010، وقبل انطلاق سفينة مرمرة، كنت في جولة مع صديقي الوفي آدم اوزكوسة، وفي إحدى الليالي بعد سفر شاق، دخلنا ضيوفاً في منزل أسرة تركية رائعة، في قرية اسمها (كارابورون) تقع على مقربة من (غولباشي) في جنوب شرق الأناضول، وفي صباح اليوم التالي، ونحن على وجبة الإفطار خرج طفل العائلة الصغير أحمد، وعمره حينها أربع سنوات، وبعد برهة من الوقت عاد الطفل وأعطانا كيساً من السكاكر (الحلويات) وقال هذه لغزّة، وعندما عرفنا القصة، نزلت دموعنا جميعاً.

أحمد.. عندما علم أننا نقوم بجولة لأجل سفينة مرمرة، خرج من البيت مسرعاً وطاف على قريته الصغيرة، وجمع من أهلها هذه السكاكر، وجاء بها لكي يرسلها إلى أطفال غزة، ومع أن عمره كان فقط أربع سنوات، لكنه كان يعرف واجبه نحو فلسطين.

أيها السادة: من حقكم أن تقيموا العلاقة السياسية التي تريدون، فهذا بلدكم، ونحن بدورنا كفلسطينيين لم نعترض على الدول العربية التي أقامت علاقات مع إسرائيل، لأننا نفهم تعقيدات السياسة الدولية، ولكننا لا نريد أن تكون فلسطين عنوانا لاتفاق سياسي لا يخصنا في شيء، فنحن نريد فك الحصار عن غزة، لأن هذه مسألة إنسانية لا علاقة لها بشؤون السياسة، ونريد حماية حق الفلسطينيين في القدس، وحماية أرضهم من زحف الاستيطان عليها في الضفة الغربية، وأما الجوع، فقد تعودنا عليه، من التشريد، إلى السجون، إلى مخيم تل الزعتر، إلى مخيم اليرموك، إلى الموت في البحر جوعاً وعطشاً وغرقاً ونحن نبحث عن الأمان والسلامة.

أيها السادة: 

بالنسبة لي، إن كيس السكاكر (الحلوى) الذي قدمه لنا الطفل أحمد، وأرسلناه بالفعل في سفينة مرمرة ولكنه لم يصل إلى غزّة، بالنسبة لي هو أهم وأعظم من سفينة المساعدات الأخيرة التي أرسلتموها ووصلت إلى غزة، لأن تلك السكاكر كانت من طفل بريء يسكن في قرية نائية، لكنه عرف واجبه تجاه فلسطين، وأما سفينة المساعدات الأخيرة، فهي تفوح منها رائحة السياسة.

شكراً طفلي الصغير أحمد، لقد وصلت رسالتك التي هي رسالة الشعب التركي العظيم.

(نشر المقال باللغة التركية في صحيفة ديريليش بوستاسية التركية)
التعليقات (1)
د زياد فايز المصرى
الثلاثاء، 12-07-2016 12:01 م
لقد صدقت فيما كتبت، وليست هذه مجاملة على الاطلاقن أحسست كانك تعبر عما بداخلى، لكن وسط التكالب على الدنيا بجاهها ومناصبها فاعتقد ان الكلام يبدو ضئيلا ضئيلا