تشهد
جبهة النصرة في
سوريا خلال الأشهر الأخيرة تحولات في الفكر الجيوسياسي لديها والمهاجرين منها خاصة، حيث تدفق الجهاديون للمشاركة في "الجهاد الشامي" من الأردن، ومن الجزائر، واليمن، والسعودية، والشيشان وباكستان وتونس وغيرها من البلدان.
وما إن بدأت المعركة حتى اكتشف المهاجرون بأنهم أصبحوا فريسة لحرب لا تعتمد في مبدئها على فكرة "الجهاد"، فبحسب ما أفاد بعض منهم لــ"
عربي21" فإن "المعارك كانت تعتمد على مبدأ حمية الجاهلية الأولى والعصبية القبلية".
فبعد خروج 170 عنصرا من جبهة النصرة أغلبهم من "المهاجرين" انتقلوا من
درعا إلى
إدلب شمال سوريا عبر اتفاقية أبرمت حينها مع النظام عن طريق وسطاء، قضت الاتفاقية لمخيم
اليرموك بخروج نحو 250 مقاتلا من النصرة نحو إدلب.
الفارق بين العمليتين هو أن عملية الخروج من درعا تمت بسرية شديدة، بينما حظيت عملية مخيم اليرموك بترويج إعلامي، من جهة ثانية كانت عملية درعا تقضي بإفراج جبهة النصرة عن ضابط روسي أسير لديها، بينما لم يعرف سبب الاتفاقية في مخيم اليرموك.
تضمنت عملية خروج مقاتلي النصرة من درعا شخصيات بارزة مثل أبي ماريا القحطاني، وأمير جبهة النصرة في الجنوب المهاجر أبو جليبيب، وشرعي القنيطرة أبو البراء البتار الجزراوي وغيرهم بينما لم تظهر حتى اللحظة أسماء كبيرة في عملية الخروج من مخيم اليرموك.
خروج جبهة النصرة من درعا باتجاه إدلب أتى بعد أن فقدت الجبهة قادتها من الصفين الأول والثاني في المعارك التي خاضوها ضد نظام الأسد، ووقوع من تبقى من "المهاجرين"، وهم المقاتلون الذين يحملون جنسيات غير سورية؛ بين فكي كماشة، النظام من جهة والعشائرية التي باتت الحكم الفصل في فض أي خلاف من جهة ثانية، وأفاد شرعي في مدينة درعا بأن خروج عناصر النصرة من المهاجرين حمل "جوازا شرعيا".
بلغ تعداد عناصر جبهة النصرة في أوج انتصاراتها في الجنوب السوري قرابة 2400 مقاتل، ولم يبق منهم اليوم إلا قرابة 700 عنصر أغلبهم من أبناء درعا ويخوضون معارك ضد تنظيم الدولة.
وقد كانت جبهة النصرة تتمتع بشعبية كبيرة ومؤهلة للانتشار في جنوب سوريا "درعا والقنيطرة"؛ لكن عناصرها اليوم باتوا غير مرغوب فيهم بالمنطقة بسبب الأخبار التي انتشرت مؤخرا حول فسادهم وسرقاتهم، لذا فإنهم أصبحوا يعملون تحت حماية عشائرهم.
ويعود السبب بحسب ما أفاد مصدر مطلع من مدينة درعا لــ"
عربي21" إلى "قلة وندرة الشرعيين في جبهة النصرة بعد استشهاد قادات الصفين الأول والثاني".
وذلك على خلاف موقع جبهة النصرة في مخيم اليرموك، فالفصيل الأبرز المرجح بالسيطرة على المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق هو تنظيم الدولة.
ويرى خبراء أن عملية الانتقال هذه تأتي ضمن سياسة تغير ديمغرافي يتبعها النظام تقوم على مبدأ إعادة توزيع سكاني بما يتوافق مع فكرة "سوريا المفيدة".