دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى عدم إعطاء حجم لفتح الله غولن أكثر مما يستحقه، مؤكدا أنه كشخص لا يمتلك القدرة على ترتيب كل ما حدث، وهو مجرد بيدق يدار من قبل إحدى الجهات.
جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية أجراها مع قناة "تي آر تي" التركية الحكومية، الخميس، وأضاف أن عملية التحول الديمقراطي هي مسيرة شاقّة تتطلب تفاعل جميع شرائح المجتمع، مشيرا إلى أن الشعب الذي يحقق ذلك التحوّل لا يستطيع التنازل عنه بعد ذلك، ويرمي نفسه تحت مجنزرات الدبابات للحفاظ على مكتسباته، وهذا هو حال الشعب التركي، الذي تصدى لدبابات الانقلابيين ليل 15 تموز/ يوليو الماضي.
وعن غولن، قال الرئيس التركي: "لا داعي للمبالغة بحجم غولن ودوره، فهو كشخص لا يمتلك القدرة على ترتيب كل ما حدث، هو مجرد بيدق يدار من قبل إحدى الجهات” التي لم يسمها.
وأضاف أن الجهة التي تستغل غولن في هذه الأوقات، تستغله للتنغيص على تركيا، فهي لا تريد السماح لبلدنا أن يصبح قويا معافى، بل يودون تقسيم هذا البلد وكسر روح التضامن فيه، وتمزيق وحدته الوطنية.
وحول إمكانية هروب غولن من الولايات المتحدة، قال أردوغان إن “موضوع غولن بات على عاتق الولايات المتحدة، فلو تحقق فعل الهروب فعليا، وقتها أتساءل كيف ستبرر الولايات المتحدة ذلك؟".
وجدد أردوغان مطالبته الولايات المتحدة بتسليم غولن لتركيا، وقال: “سلمنا الولايات المتحدة الوثائق المطلوبة، وننتظر ما سيفعله أوباما، لقد سلمناهم سابقا الإرهابيين الذين طلبوهم، لم نقل لهم أرسلوا لنا وثائق بحقهم، والآن نقول لأمريكا لا داعي لإطالة هذا الموضوع".
وعن المدارس التابعة لتنظيم غولن في الكثير من دول العالم، قال الرئيس التركي: "إن تلك المدارس ستتحول إلى خطر كبير في المستقبل، ونحن نُذكرهم منذ الآن"، محذرا تلك الدول من أنها ستدفع الثمن، في حال لم تتخذ التدابير اللازمة بحق المدارس التابعة للتنظيم.
وأشار في هذا الصدد إلى أن باكستان، والسودان، والصومال أقدمت على إغلاق مدارس تنظيم "غولن"، وأن دول البلقان ستشهد خطوات مشابهة في الأيام المقبلة.
وحول علاقات بلاده مع موسكو والزيارة المرتقبة إلى روسيا في 9 آب/ أغسطس الجاري)، لفت أردوغان إلى أن حادث إسقاط المقاتلة الروسية التي احترقت في الأجواء التركية وما أعقبه من توتر في العلاقات الثنائية بين البلدين، كان حادثا "غير مرغوبٍ به"، وأن العلاقات التركية الروسية مهمة جدا بالنسبة لقضايا المنطقة، مشيرا إلى أن مجموعة من الملفات سيتم حلها خلال زيارته إلى روسيا.
ماذا قال عن دحلان؟
من جهته، نقل صحفي تركي معروف، إسماعيل ياشا، أنه سمع الرئيس التركي يعلق على المقابلة التي أجرتها قناة القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، المدعوم إماراتيا، "قناة الغد" مع غولن.
وقال إنه سمعه يقول: "أالقناة المصرية التي تحدث إليها غولن وراءها إرهابي آخر".
وعلق ياشا بالقول: "اختار غولن قناة دحلان ليقول إن محاولة الانقلاب مسرحية؛ لأنه يعلم جيدا أنه لا يوجد أي مغفل أحمق يصدق قوله هذا غير حمر دحلانية".
أردوغان: "القناة المصرية التي تحدث إليها غولن وراءها إرهابي آخر"
وبالعودة إلى المقابلة في "تي آر تي"، انتقد أردوغان الغرب، قائلا إنه لا يريد لتركيا أن تكون دولة ديمقراطية قوية، إلا أن تركيا تسير بخطى ثابتة نحو أهدافها التي وضعتها للعام 2023.
ونوّه الرئيس التركي إلى أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية بدأت ببث أخبار عارية عن الصحة، منذ اللحظة الأولى للمحاولة الانقلابية.
إلى ذلك، انتقد الرئيس التركي التصريحات التي "تُطلق جزافا" من لندن وباريس وعواصم غربية أخرى ضد بلاده، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف الشهر الماضي، داعيا المعنيين إلى زيارة تركيا للاطلاع على الحقائق على أرض الواقع، وقال: "أرسلوا ممثليكم ليروا ما فعله الانقلابيون ببلد ديمقراطي، وضد النظام ديمقراطية برلماني، على أرض الواقع".
جهاز الاستخبارات التركي
ورفض أردوغان إضعاف جهاز الاستخبارات عبر قيام البعض بتوجيه انتقادات لاذعة بشكل متواصل للجهاز، عبر برامج القنوات التلفزيونية، مبينا أنه أقر منذ البداية بوجود ضعف استخباراتي، وأن هذا الضعف يوجد في العديد من أجهزة الاستخبارات حول العالم، فلولا وجود ثغرات استخبارية لما وقعت هجمات إرهابية في الولايات المتحدة، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وغيرها.
وأضاف في هذا الصدد: "يمكننا أن نقوم بتنسيق الجهد الاستخباراتي تحت مظلة واحدة، ولقد قدمت (الحكومة) لي اليوم مشروعا بهذا الخصوص، وسنقوم بإجراء تقييم ودراسة الموضوع مع السيد رئيس الوزراء" (بن علي يلدريم).
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول، منتصف تموز/ يوليو الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة اسطنبول (شمال غرب البلاد)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها، وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان في العاصمة، والمطار الدولي في مدينة اسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، ما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.