مع اقتراب الانتخابات البلدية المزمع عقدها في 8 تشرين الأول/ أكتوبر القادم؛ فقد بدأت الخلافات الفتحاوية تطفو على السطح، في أعقاب سلسة من
الإقالات والاستقالات الجماعية التي شهدتها الحركة في الأيام القليلة الماضية.
فقد أصدر الرئيس الفلسطيني
محمود عباس في 5 من آب/ أغسطس الجاري، قرارا يقضي بفصل خمسة قياديين من الحركة؛ هم النائبتان في المجلس التشريعي الفلسطيني، نجاة أبو بكر ونعيمة الشيخ علي، وعضوا المجلس الثوري عدلي صادق وتوفيق أبو خوصة، بسبب علاقتهم بالنائب من
محمد دحلان، المفصول من الحركة هو الآخر.
ورفضت عضو المجلس التشريعي عن
حركة فتح، نجاة أبو بكر، ما أسمتها "القرارات الجبانة" التي أصدرها الرئيس عباس، مشيرة إلى أنها لم تبلغ رسميا بقرار فصلها حتى هذه اللحظة، وأن ما وصلها من قرار الإقالة كان عبر وسائل الإعلام.
وأكدت أبو بكر أنها ما زالت "على رأس العمل الفتحاوي، ولا يحق للرئيس أو أي كان؛ أن يقوم بإقصائي متجاوزا اللوائح الداخلية المعمول بها داخل الحركة"، مضيفة لـ"
عربي21" أن حركة فتح "ليست شركة خاصة يديرها أبو مازن كيف يشاء. وإن كان قرار الإقالة صحيحا؛ فهو خيار ليس موفقا في هذا الوقت بالتحديد".
استقالات بالجملة
وحضرت ردود الفعل الغاضبة على قرارات الرئيس عباس بقوة، فقد تقدم عدد من قيادات حركة فتح في منطقة خزاعة شرق محافظة خانيونس -أبرزهم أحمد قديح وماجد القرا المحسوبان على تيار دحلان- باستقالة جماعية، احتجاجا على ما وصفوه بـ"استغلالهم من قيادة الحركة، بحسب بيان نشره الخميس موقع "الكوفية برس" المحسوب على محمد دحلان.
وحاولت "
عربي21" أخذ تصريحات إضافية من القياديين المستقيلين، إلا أنهم أعربوا عن اكتفائهم ببيان الاستقالة.
وأوضح رئيس "إقليم شرق خانيونس" في حركة فتح، أحمد أبو خاطر، أن "ما تشهده أقاليم الحركة في الوطن هو حراك طبيعي، يحدث بين جميع الفصائل عند الاستعداد لمرحلة جديدة كالتي نعيشها حاليا"، مقللا من تأثير
الاستقالات على "الصورة المعهودة للحركة في الشارع الفلسطيني".
وقال أبو خاطر لـ"
عربي21" إن "الحركة ستتجاوز هذه العقبات في قادم الأيام، ولن يهزها استقالات المتجنحين الذين ينفذون أجندة خارج إطار الحركة".
وكان خلاف حاد قد وقع خلال اجتماع لجنة انتخابات الحركة بقطاع غزة في 5 آب/ أغسطس الجاري، بحسب قيادي فتحاوي حضر الاجتماع، أكد أن الأمر وصل إلى التراشق بزجاجات المياه والعصير.
وقال القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"
عربي21" أن سبب الخلاف كان حول صرف بعض مستلزمات العملية الانتخابية، وآلية توزيع النثريات على أعضاء اللجنة، التي "لم يتم توزيعها بالتساوي، إضافة إلى اختفاء عدد من الطابعات وأجهزة اللاب توب التي كان يجب أن تستخدم لتدقيق السجل الانتخابي، وعدم وصول كافة المبلغ المرصود للموازنة اللازمة إلى لجنة الانتخابات التابعة للحركة، حيث كشفت تسريبات أن ما وصل للجنة يقدر بـ900 ألف دولار؛ من أصل أربعة ملايين دولار إجمالي ما تم إقراره للانتخابات البلدية من قبل قيادة حركة فتح".
تغيير أوراق اللعبة
من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي في غزة، مصطفى الصواف، إن" قرار دخول حركة فتح في الانتخابات البلدية سيتسبب في الكشف عن الصدع الذي تعاني منه الحركة منذ انتهاج خيار السلام بعيدا عن المقاومة، أي منذ توقيع اتفاق أوسلو في 1993".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "خوض حركة فتح للانتخابات كان ينبع من قناعات مسبقة لدى الحركة؛ بأن حركة حماس لن تشارك فيها، لكن إعلان هذه الأخيرة عزمها على المشاركة؛ تسبب في تغيير أوراق اللعبة لدى البيت الفتحاوي".
ونوه الصواف إلى أن "قرار تأجيل الانتخابات هو خيار وارد لدى الرئيس عباس؛ إذا استمرت الأمور على حالها داخل الحركة".