على مدار 48 يوما من
اعتصام "
رابعة العدوية"، شرقي القاهرة، الذي نظمه مؤيدون لمحمد مرسي، أول رئيس مدني
مصري منتخب ديمقراطيا، عقب الإطاحة به في 3 يوليو/تموز 2013، لعبت المنصة الخشبية المقامة في قلب الاعتصام دورا حماسيا وإعلاميا، وشكلت منبرا لإعلان المواقف والخطوات التصعيدية، واعتلاها وجوه عدة من أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من قوى سياسية معارضة لعزل الرئيس.
وبعد مرور 3 سنوات على فض قوات الأمن المصرية الاعتصام في 14 آب/ أغسطس 2013، مخلفا مئات القتلى والجرحى بخلاف معتقلين ومختفين قسريا، وفق تقارير حكومية وحقوقية، تشتت 26 وجها ممن تصدروا منصة الاعتصام بين 5 مصائر مختلفة منهم "السجين"، و"المطارد"، و"المتوفي"، و"المنزوي عن الصورة"، و"المتراجع عن دعم الشرعية".
وبُنيت منصة رابعة بأعمدة خشبية على مساحة واسعة، أمام المسجد الذي يحمل اسم الميدان ذاته (تم تغيير اسم الميدان حاليا إلى هشام بركات/ النائب العام الراحل الذي توجه للإخوان اتهامات بقتله وهو ما تنفيه الجماعة)، وكان يقوم على إدارتها تنظيم جماعة الإخوان، والداعية صفوت حجازي.
ودأب على تصدر المنصة في كل مرة من 3 إلى 5 من قيادات الصف الأول والثاني للاعتصام، يهتفون بالصيحات الحماسية، ويصدرون التوجيهات للمعتصمين، والبيانات للإعلام، بخلاف تلك الأوقات التي يخطب فيها قيادات الصف الأول وعلى رأسهم "محمد بديع" مرشد الإخوان.
ويوم فض الاعتصام الشهير في 14 آب/ أغسطس، استمرت منصة "رابعة" في توجيه المعتصمين لساعات، عبر خطابات تصدرها "صلاح سلطان" و"محمد البلتاجي"، و"عبد الرحمن البر"، القيادات البارزة بجماعة الإخوان، حتى دخلت قوات الجيش والشرطة المكان وسيطرت على الميدان، وهدمت المنصة.
* مصير الـ 26
ووفق رصد الأناضول، تصدرت 26 شخصية اعتلاء "المنصة"، وتفرقت مصائرهم بعد فض الاعتصام بالقوة، على النحو التالي:
السجن:
ضم القسم الأكبر من هذه القيادات حيث يقبع 12 منهم في عدد من السجون المصرية، بتهم متعلقة بالعنف (ينفونها بشدة)، وهم: "محمد بديع" (مرشد الإخوان المسلمين)، وأحمد عارف (متحدث باسم الإخوان)، وعبد الرحمن البر (عضو مكتب الإرشاد بالإخوان وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر)، وصلاح سلطان (داعية)، وصفوت حجازي (داعية)، ومحمد البلتاجي (قيادي بارز بالإخوان)، وعصام العريان (نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنحل والمنبثق عن الجماعة)، وأسامة ياسين (وزير سابق)، وباسم عودة (وزير سابق)، وحسين إبراهيم (زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة المنحل)، وعصام سلطان (نائب رئيس حزب الوسط المعارض)، وحسن البرنس (قيادي بالإخوان ونائب محافظ سابق).
الانزواء التام أو الاكتفاء بتصريحات إعلامية على فترات:
وهذا هو حال 4 شخصيات هم: "فوزي السعيد (داعية قضي فترة حبس احتياطي وتم إطلاق سراحه)، وياسر علي (متحدث سابق باسم الرئاسة المصرية قضي فترة حبس وتم إطلاق سراحه)، وأسامة مرسي (نجل محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب)، وجمال عبد الهادي (داعية وارتبط اسمه بتصريحه عن رؤيا رواها فوق المنصة، وقال إنه رأى فيها عودة مرسي لمنصبه).
الوفاة:
برز في هذا المصير قيادي واحد، هو فريد إسماعيل، القيادي الإخواني البارز الذي توفى في مايو/ أيار 2015 في محبسه جراء ما قالت جماعة الإخوان إنه قتل عمد بالإهمال الطبي في السجن، وهو الاتهام الذي رفضته وزارة الداخلية وقتها، معتبرة أن وفاته نتيجة مرضه.
الهروب خارج البلاد:
اختار7 من قيادات المنصة هذا المصير خشية الملاحقات الأمنية وهم: جمال حشمت (قيادي بارز بالإخوان)، وطارق الزمر (قيادي بارز بحزب البناء والتنمية الإسلامي)، ومحمد عبد المقصود (داعية)، وجمال عبد الستار (وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقا)، ونور عبد الحافظ (إعلامي)، ووجدي العربي (فنان)، وعاصم عبد الماجد (قيادي بالجماعة الإسلامية).
التراجع عن الشرعية والبحث عن مبادرات سياسية:
أبرز من اتخذ هذه الوجهة اثنان هما القيادي السابق في حزب الوسط المعارض، طارق الملط، وكان يشارك في المفاوضات بين التحالف المتمسك بشرعية "مرسي" وبين شخصيات دبلوماسية دولية قبل فض الاعتصام، ويعترف بشرعية النظام الحالي، وخاض الانتخابات البرلمانية الأخيرة، غير أنه ينتهج نهجا معارضا في الفترة الأخيرة.
إلى جانب محمد العمدة، السياسي المصري الذي طرح أكثر من مبادرة لحل الأزمة السياسية لا تستند على شرعية مرسي بشكل واضح، وتعترف بشرعية عبد الفتاح السيسي.
تجدر الإشارة أن الإعلام المعارض لمرسي، استغل تصريحات لعدد من وجوه المنصة، ومنهم محمد البلتاجي، وصفوت حجازي، وعاصم عبد الماجد، وجمال عبد الهادي، وفوزي السعيد، وذلك للدعوة إلى تعجيل الفض، بحجة تحريضهم على العنف أو إدلائهم بتصريحات غير عقلانية لإلهاب حماس المتظاهرين، وهو ما كان ينفيه هؤلاء مؤكدين أنه يتم اجتزاء تصريحاتهم من سياقها.
وفي 14 آب/ أغسطس 2013، فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة، اعتصامين لأنصار "مرسي" في ميداني "رابعة العدوية" (شرقي القاهرة) و"النهضة" (غرب)؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم ثمانية رجال شرطة، حسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (حكومي)، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت ألف قتيل.