يشهد
معبر الكرامة الواصل بين الضفة الغربية والأردن هذه الأيام، اختناقا غير مسبوق، حيث يعج بآلاف المواطنين المغادرين والقادمين على النقطة
الإسرائيلية من الحدود، بانتظار السماح لهم بالمرور، وسط مناشدات
السلطة الفلسطينية لـ"إسرائيل" بفتح المعبر على مدار الساعة؛ لتخفيف وطأة الازدحام.
وقال الفلسطيني من مدينة الخليل، محمد سبيتان (53 عاما) الذي عاش فصلا من المعاناة على معبر "الكرامة" للولوج إلى الأردن بهدف إتمام إجراءات الإقامة لذويه، إنني "أنتظر من الساعة الثالثة فجر أمس، في القاعة المخصصة للمغادرين في الجانب الفلسطيني"، واصفا مشهد الانتظار بـ"المؤلم وغير الآدمي".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه اضطر لشراء بطاقات VIP المستحدثة على المعبر، لتسهيل عملية خروجه من الضفة إلى الأردن، وللتخلص مما وصفها بـ"رحلة الذل؛ بكل بمعنى الكلمة".
ويُعد معبر الكرامة بمسماه الفلسطيني، أو جسر الملك حسين بمسماه الأردني؛ المنفذ البري الوحيد للقادمين والمغادرين من وإلى الضفة الغربية، وسط إدارة مشتركة له بين الأردن وبين الجانب الإسرائيلي-الفلسطيني، بحسب معاهدة وادي عربة للسلام الموقعة بين "إسرائيل" والأردن في عام 1994.
وباتت بطاقات VIP المخرج الوحيد أمام المواطن الفلسطيني لتجاوز ساعات الانتظار أمام
المعابر الحدودية، وهي عبارة عن بطاقات "ممغنطة" تتراوح قيمة الواحدة منها ما بين 120 و150 دولارا، وتسهل سفر حاملها خلال أقل من نصف ساعة.
اتفاق سري
وقال مصدر في هيئة المعابر الفلسطينية، إنه تم استخدام ما يقرب من 25 ألف
بطاقة VIP خلال الشهر الماضي فقط، من أصل 247 ألف شخص تنقلوا ذهابا وإيابا عبر المعبر خلال الشهر نفسه، بحسب إحصاءات الإدارة العامة للمعابر والحدود التابعة للسلطة الفلسطينية.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ"
عربي21"، أن اتفاقا سريا تم مؤخرا بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والأردنية، على البدء بتقديم هذه الخدمة في النصف الثاني من شهر حزيران/يونيو الماضي.
وأكد أن "إجبار المواطنين على الانتظار لساعات طويلة، وربما لأيام، وسط ازدحام مفتعل من قبل إدارة المعبر، يدفعهم مضطرين إلى شراء هذه البطاقات؛ لتسهيل سفرهم خلال أقل من نصف ساعة".
من جهته؛ نفى مدير عام الإدارة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، نظمي مهنا، بشكل قاطع، وجود اتفاق بين السلطة الفلسطينية وبين دولة الاحتلال، حول استخدام هذه البطاقات على المعابر الفلسطينية.
وقال لـ"
عربي21" إن "خدمة VIP تعمل بها شركات نقل خاصة، بالتنسيق مع سلطة المعابر الإسرائيلية، ونحن كطرف فلسطيني ممثلا بهيئة المعابر والحدود الفلسطينية؛ لسنا طرفا في هذه الخدمة".
وأضاف مهنا أن "هناك أسبابا كثيرة تحول دون إقرار هذه الخدمة على المعابر الفلسطينية، أولها عدم وجود قرار سياسي من مجلس الوزراء بتفعيلها، وثانيها التكلفة المالية العالية لهذه الخدمة على المواطنين.. لذلك؛ نحن نستقبل المسافرين المغادرين والقادمين، ونتعامل معهم وفق الإجراءات المتبعة بصورة طبيعية".
الاحتلال يتحمل المسؤولية
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، قال في مؤتمر صحفي مشترك مع مدير جمعية رجال الأعمال سمير زريق، في 21 تموز/ يوليو الماضي، إن الجانب الإسرائيلي يتحمل مسؤولية أزمة الازدحام على المعابر الفلسطينية، مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على "إسرائيل" لفتح المعبر لـ24 ساعة، "لتجاوز هذه الأزمة التي باتت تعطل مصالح مواطنينا".
وأكد زريق في المؤتمر ذاته، أن الازدحام على الجسر متعمد من "إسرائيل"، حيث "يتم حجز المسافرين لثماني ساعات أو أكثر؛ لإجبارهم على استخدام خدمة VIP".
بدوره؛ قال الناشط الحقوقي الفلسطيني عمر عساف، إنه "لا يستبعد وجود اتفاق بين شخصيات من السلطة الفلسطينية وبين الجانب الإسرائيلي، حول استحداث بطاقات VIP، فهذه ليست المرة الأولى التي تتنازل فيها السلطة الفلسطينية عن جزء من حقوق مواطنيها".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "إسرائيل تهدف من وراء هذه الأزمة إلى الضغط على القيادة الفلسطينية للرجوع إلى طاولة المفاوضات؛ بالشروط التي تراها متناسبة مع متطلبات المرحلة الحالية".