فتح رئيس الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي، خلال حوار مع الصحف "القومية" الثلاث (الأهرام، الأخبار، الجمهورية)، ملفات الشأن الداخلي المصري وعلاقاتها بالدول، طارحا في الوقت ذاته رؤيته لحل الأزمات في عدد من البلدان العربية، ولا سيما في
سوريا.
وقال السيسي في حديثه الذي تم نشر الجزء الأول منه اليوم الإثنين إن "القرار المصري مستقل ولا أحد يملي علينا غير ما نراه"، لافتا إلى أن هناك أربعة مبادئ رئيسة تحكم علاقة مصر بالعالم الخارجي، هي: "الشراكة وليس التبعية، والثوابت التي لا تتغير، والأسلوب المنفتح والمتوازن على الجميع في إطار من العلاقات الاستراتيجية الثابتة التي نحافظ عليها، وتبادل المصالح والرأي والاحترام المتبادل".
وقال الرئيس إن الثقة في السياسة المصرية تزداد يوما بعد يوم، والتعاون مع مصر تزداد وتيرته بمضي الوقت، مشيرا إلى أن الوقائع التي تشكلت في المنطقة تؤكد صدق الرؤية المصرية في ما يجري، خاصة في ظل الشواغل المصرية التي لم تكن مفهومة أو مقبولة من قبل.
فلسطين
وبشأن التفاوضات بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي، قال السيسي إن "علاقات مصر مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تتيح لها أن تلعب دورا محوريا لإيجاد مخرج"، كاشفا عن أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أبدي استعداده لاستقبال كل من الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة الإسرائيلية في موسكو لإجراء محادثات مباشرة".
ودعا رئيس سلطة الانقلاب في مصر، الأطراف الفلسطينية المختلفة إلى المصالحة الوطنية حتى يمكن الدفع في اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية التي طال انتظارها، واصفا الوضع على صعيد جهود حل القضية الفلسطينية بأنه "مياه راكدة" تماما ولا بد من بذل جهود لتحريكها بشرط توافر الإرادات، سواء من جانب الفلسطينيين أم الإسرائيليين، أم من جانب المجتمع الدولي أيضا.
وأضاف أن مصر لا تريد الاستئثار بدور في حل القضية الفلسطينية بقدر ما تريد أن تشكل قناعة لدى الآخرين بأن السلام هو "الضوء المبهر" الذي يمكن أن يغير من شكل المنطقة لو تحقق، مبينا أن هناك قناعة تتزايد في أوساط الإسرائيليين بأهمية السلام وهو مؤشر إيجابي.
اليمن
وفي ما يخص الموقف المصري مما يجرى في اليمن، قال السيسي إن مصر لا توجد لها قوات برية في أي بلد في المنطقة وإن القوات البحرية المصرية تقوم بتأمين حرية الملاحة في الممر الملاحي في باب المندب وتأمين وصول السفن إلى قناة السويس، فضلا عن عناصر من القوات الجوية تعمل مع أشقائنا في السعودية.
سوريا
وحول الموقف في سوريا، قال السيسي إن سوريا تتقاطع فيها كل الرؤى والمصالح بشكل أو بآخر، مشيرا إلى أن أطرافا كثيرة تتعامل مع هذا الملف، كما أن التفاهمات الأمريكية-الروسية ومرونة الأطراف الإقليمية التي لها مصالح مباشرة في سوريا، يمكن أن تؤدي إلى مخرج للأزمة. ولفت إلى أن التوصل إلى حل للأزمة السورية سيحتاج إلى وقت.
وطرح السيسي رؤية بلاده للحل في سوريا، قائلا إن هناك خمسة مبادئ أساسية هي: احترام وحدة الأراضي السورية وإرادة الشعب السوري، وإيجاد حل سياسي، ونزع أسلحة المليشيات والجماعات المتطرفة، وإعادة الاعمار، وتفعيل مؤسسات الدولة السورية من جديد.
ليبيا
وفي ما يخص الأوضاع في ليبيا، قال السيسي إنه كلما زادت الضغوط على الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق بسبب النجاح في المواجهة فإنها تنتقل إلى ليبيا، مضيفا أن مصر قد رصدت تلك التحركات من جانب جماعات الإرهاب منذ عدة شهور.
وأشار السيسي إلى أن مصر تدعم وبقوة الدولة والجيش الوطني الليبي وتسهم في تدريب عناصر الجيش الوطني الليبي، لافتا إلى أن الليبيين على قناعة بأن جيش مصر ذو عقيدة وطنية وليس جيشا قبليا أو طائفيا.
الخليج
وتطرق رئيس الانقلاب في مصر إلى العلاقات مع دول الخليج العربية، فقال إن العلاقة خاصة مع السعودية والإمارات "مستقرة وثابتة"، مضيفا أن مصر حريصة على ذلك مثل ما يحرص الأشقاء في الخليج على توطيد هذه العلاقة أيضا.
وأضاف أنه لا يمكن اختزال العلاقة مع دول الخليج في مجرد الدعم المقدم منها لمصر، وقال إن هذا الاختزال للعلاقات "غير صحيح".
وفي ما يتعلق بالجدل الدائر حول اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بشأن جزيرتي تيران وصنافير، فقال إنه يتعامل مع هذا الملف في إطار الاحترام الكامل لمؤسسات الدولة والقضاء وأحكامه، مشيرا إلى أن مجلس النواب أمامه فرصة كاملة لدراسة الاتفاقية.
وقال السيسي إن تعيين الحدود البحرية يعطي فرصة حقيقية للبحث عن الثروات والموارد المتاحة في المياه الاقتصادية، وهو ما حدث في الاتفاق مع قبرص وأتاح لنا الكشف عن حقل "ظهر".
أفريقيا
وحول العلاقات مع القارة الأفريقية، قال السيسي إن "مصر قد بدأت عهدا جديدا في أفريقيا، خاصة تطوير العلاقات مع دول حوض النيل"، مشيرا إلى أن هناك تقديرا أفريقيا كبيرا للتعامل المصري العقلاني مع ملف سد النهضة الإثيوبي.
وأوضح أن المفاوضات بشأن الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة والتعاون الثلاثي مع السودان وإثيوبيا يسير بشكل مطمئن للجميع، لافتا إلى أن "ردود الفعل يجب أن تكون هادئة وواثقة لأن مياه النيل ستظل تتدفق إلى مصر، وهم داعمون لذلك الأمر".
أمريكا
وعن تطورات العلاقات مع واشنطن، قال السيسي إن العلاقات المصرية-الأمريكية هي علاقات استراتيجية تقوم على ثوابت يحرص الطرفان عليها، مشيرا إلى أن الجانب الأمريكي أكثر فهما اليوم لحقائق الأوضاع في مصر بعد ثلاث سنوات من "ثورة 30 يونيو" وهو ما يجعل مستقبل هذه العلاقات جيدا.
وأشار إلى أن مصر على تواصل مع كل النخب والشرائح السياسية في المجتمع الأمريكي، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
روسيا
وحول العلاقات مع روسيا، قال السيسي إن "العلاقات راسخة وقوية ولها طبيعة خاصة وأبعاد تاريخية وسياسية واقتصادية"، مضيفا أن حادث الطائرة لم يترك أثرا سلبيا على العلاقات الثنائية، وأن مصر تتفهم الموقف الروسي وحساسية موقف القيادة الروسية وشواغلها تجاه مواطنيها. وأعرب السيسي عن تفاؤله لعودة السياحة الروسية في أقرب فرصة.
وحول الاتفاق النهائي لإنشاء محطة الضبعة النووية، قال السيسي إن هناك نقاطا صغيرة يجري التفاوض بشأنها. وقال إنه من المنتظر التوقيع هذا العام على الاتفاق بين البلدين.
إيطاليا
ووجه رئيس الانقلاب في مصر الشكر إلى رئيس وزراء إيطاليا وتصريحاته الإيجابية، وقال إن الإيطاليين يقدرون تعاوننا معهم وحرصنا على استجلاء الحقيقة في قضية الطالب الإيطالي الذي قتل في مصر (ريجيني).
وقال إن "أجهزة التحقيق في البلدين تتعاون في هذا الشأن، وقد أسهمت زيارات الوفود الشعبية في إيضاح صورة التعاون المصري-الإيطالي، وعلى الرغم من أن التحقيقات في القضية ما زالت مستمرة فإن بعض وسائل الإعلام كان لها دور مساهم في تعقيد القضية".
بريطانيا
وبشأن تأخر رئيسة وزراء بريطانيا بالرد على تهنئة السيسي لها، قال رئيس سلطة الانقلاب في مصر: "لقد طلبت في الرئاسة إجراء هذا الاتصال مع رئيس وزراء بريطانيا وتم الاتصال على الفور، ولا أعلم من أين أتت المعلومات التي ذكرها البعض بأن البريطانيين تأخروا في الرد علينا أسبوعين أو ثلاثة".
وأضاف: "هذه المكالمة كانت للتهنئة بتوليها منصبها، وللحديث عن علاقات التعاون بين البلدين، وتناولنا موضوع عودة السياحة البريطانية لمصر، وكان الحديث إيجابيا في هذا الشأن، ونتوقع عودة السياحة البريطانية في الخريف المقبل، وسنتلقى إجابة حاسمة في هذا الشأن قريبا".
تركيا
وبخصوص العلاقة بين مصر وتركيا، قال السيسي: "نحن نعطيهم الوقت لتصحيح مواقفهم وتصريحاتهم لكن لا جديد على مستوى العلاقات، ونحن نرد بموضوعية إذا احتاج الأمر إلى رد، فليس كل ما يقال يستحق الرد، وفي العلاقات بين الدول ينبغي أن يكون هناك مستوى لائق للتصريحات والتعامل".
وتابع: "بالنسبة لي فإنني أحرص على أن أعكس أصالة وثقافة وحضارة مصر في التعامل مع الآخر (
تركيا).. المصريون أصبحوا متفهمين لذلك، أما عن العلاقات بين الشعبين فلا توجد أي أسباب للعداء، فنحن في مصر ليست لدينا نزعات طائفية أو مذهبية ونتعامل بشكل يليق بمصر".
الصين
وحول زيارة السيسي للصين مطلع الشهر المقبل للمشاركة في قمة العشرين، قال السيسي إن حرص الرئاسة الصينية على دعوة مصر لحضور قمة مجموعة العشرين، التي ستُعقد في مطلع سبتمبر المقبل في مدينة هانجو الصينية، يعكس مدى التقدير الذي تحظى به مصر على الصعيد الدولي، ومدى الثقة في ثقلها الإقليمي، فضلا عن النظرة التفاؤلية إزاء مستقبلها الاقتصادي.
وأضاف: "سوف تحرص مصر خلال مشاركتها على إيصال صوت الدول الأفريقية بوجه خاص والنامية بوجه عام، وأن تحقق القمة النتائج المأمولة في ما يتعلق بتقديم المساندة الفاعلة لهذه الدول في سعيها لتحقيق الأهداف الدولية للتنمية المستدامة 2030، بما في ذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول النامية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي إليها، وتيسير نفاذ منتجاتها وخدماتها لأسواق الدول المتقدمة".
وأردف السيسي بأن "مصر ستقوم خلال القمة بعرض رؤيتها إزاء الموضوعات الاقتصادية الدولية المطروحة على جدول الأعمال، وأهمها سبل تنسيق السياسات الدولية وفتح مسار جديد للنمو، ودفع التجارة والاستثمار على الصعيد الدولي كوسيلة للتغلب على تباطؤ أداء الاقتصاد العالمي وتجنب الانزلاق مجددا إلى أزمة كساد".
ولم يتطرق رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر إلى الوضع الاقتصادي المتردي في ظل حكمه لمصر، والارتفاع المستمر لأسعار السلع مع الانهيار المتسارع للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي.