كرر خبراء في الشأن المقدسي تحذيرهم من سعي "
إسرائيل" لتغيير ملامح القدس، وتثبيت المشهد اليهودي، مشيرين إلى ما كشفه رئيس البلدية الإسرائيلية في
القدس المحتلة، نير بركات، عن المخطط الجديد لمسار
القطار الهوائي الخفيف "تلفريك".
وأعلن بركات أن القطار الهوائي سيمر في قلب بلدة سلوان جنوبي
المسجد الأقصى، لافتا إلى أن خطة سير القطار تهدف إلى "التأكيد للجميع من هو صاحب السيادة في القدس، ومن هو صاحب البيت" وفق ما ورد في صحيفة "هآرتس" الخميس الماضي.
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن بركات يخطط لجلب 10 ملايين سائح سنويا للمشاركة في المسار الجديد، وهو ما يطلق عليه الاحتلال "الحوض المقدس".
وتشير تفاصيل المخطط الإسرائيلي إلى أن القطاع الهوائي سيمر حول المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية والشرقية، وصولا إلى قلب سلوان، وستكون هناك أربع محطات رئيسة له تحيط بالأقصى، أقربها بجوار باب المغاربة الخارجي، والمحطة الثانية عند الكنيسة الجثمانية شرقي باب الاسباط، والثالثة على جبل الزيتون (الطور)، أما المحطة الرابعة فستبنى بجوار عين سلوان الواقعة في قلب البلدة.
وأكد وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، عدنان الحسيني، في تصريح صحفي له الجمعة الماضي، أن مشروع القطار الهوائي "يهدف إلى تغيير ملامح القدس، وهو مخالف للقانون الدولي، ويستوجب تحركا من المؤسسات الدولية، وخاصة اليونسكو".
أهداف أيدلوجية
من جهته؛ أوضح خبير الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية، ومسؤول ملف الخرائط في "بيت الشرق" بالقدس المحتلة، خليل التفكجي، أن هناك "دليلا سياسيا واضحا تماما في حديث بركات، وهو الادعاء بأن إسرائيل هي صاحبة السيادة على مدينة القدس المحتلة، وأنها تستطيع أن تبني القدس؛ فوق الأرض، وتحت الأرض، وفي السماء".
وقال التفكجي لـ"عربي21" إن "بركات أراد أن يوصل رسالته هذه للعالم العربي والإسلامي"، موضحا أن "الجانب الإسرائيلي من خلال هذا المشروع حدد أهدافا أيدلوجية، فهو يريد أن يربط القضية التاريخية بالقضية الدينية بالقضية السيادية، مما يؤدي إلى عملية مسح أدمغة عبر النشاط السياحي التهويدي".
وبين أن المقصود بالقضية التاريخية؛ إقامة جزء من هذا المشروع في منطقة سلوان، وجزء آخر مرتبط بالجانب الديني يتعلق بحائط البراق (يطلق عليه اليهود حائط المبكى)"، مضيفا أن "إسرائيل تريد أن توجد مشهدا مرتبطا بالرواية اليهودية في مدينة القدس".
وأضاف أن الاحتلال "يعمل من خلال مشروع القطار الهوائي التهويدي؛ على إعادة كتابة التاريخ في هذه المنطقة مرة أخرى، والتأكيد على أن مدينة القدس المحتلة موحدة يهوديا وغير قابلة للتقسيم"، متوقعا أن رد الفعل العربي والإسلامي على هذا التصريح الخطير "لن يتجاوز الشجب والاستنكار".
وأكد التفكجي أن هذا المشروع "هو جزء من مشاريع إسرائيلية تهويدية متسلسلة تستهدف مدينة القدس، وهي خطوة من مجموعات خطوات بدأت منذ عام 1967، ومستمرة لترسيخ الوجود اليهودي وقلع الجذور الفلسطينية"، مشيرا إلى أن "من نتائج هذا المشروع الرئيسة؛ التأكيد على أن الشطر الشرقي من القدس لن يكون عاصمة لدولة فلسطين".
مخالف للقانون الدولي
من جانبه؛ قال المحامي المختص في قضايا القدس، خالد زبارقة، إن "مجرد تنفيذ الاحتلال مظاهر السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة؛ هو مخالف للقانون الدولي، وأحد الجرائم التي يجب أن يحاكم عليها"، لافتا إلى أن "إسرائيل تتعامل مع القدس منذ احتلالها عام 1967، من منطلق أنها صاحبة السيادة، وبالتالي تفعل ما تشاء".
وأضاف زبارقة لـ"عربي21" أنه "لا يوجد قرار دولي واحد يعترف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس، ولا بما يتبعها من إجراءات تهويدية بحق المدينة المقدسة"، معتبرا أن "تصريحات بركات مردودة عليه، وهو لا يستطيع خلق وضع آخر بخصوص القدس غير الوضع المعترف به دوليا، فأي إجراء تقوم به إسرائيل في القدس باطل".
وبين أن مشروع القطاع الهوائي "تلفريك" يحمل "الكثير من المخاطر على هوية القدس، وخاصة أنه جاء لتسويق
الرواية اليهودية التهويدية المزيفة الخاصة بالقدس، وإحلالها مكان الرواية الإسلامية العربية الفلسطينية التاريخية".
وتابع زبارقة الذي جدد الاحتلال اليوم أمر إبعاده عن القدس: "التلفريك يساهم في تغيير الوضع القائم في القدس، إضافة أنه ينقل الصراع بشكل مباشر على المسجد الأقصى؛ لأنه سيمر بمحاذاة السور الجنوبي للأقصى".