قال تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن
الحرب الطويلة التي تخوضها قوات التحالف العربي ضد
الحوثيين في
اليمن تسببت بـ"كارثة إنسانية"، وذلك بعد أن تضررت البنية التحتية في البلاد وتعرقل وصول المساعدات الإنسانية.
وكتب التقرير الصحافي البريطاني المعروف، بيتر أوبورن، بعد أن زار مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فيما لم تشر "ميدل إيست آي" إلى أن أوبورن زار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية للبلاد، ما يعني أنه يروي مشاهداته لمناطق الحوثيين دون غيرها.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن الهجمات العشوائية التي نفذتها قوات التحالف العربية على مواقع في اليمن أدت إلى مقتل عشرات المدنيين، بما وصل إلى مستوى "جرائم حرب".
وبحسب التقرير، فإن الكارثة الإنسانية في اليمن أدخلته في مرحلة جديدة من الحرب، خاصة بعد شن هجمات في العاصمة صنعاء. فقد قامت طائرات من قوات التحالف التي تقودها
السعودية بقصف المدينة عقب فشل محادثات السلام في الكويت، وتؤدي مثل هذه الهجمات إلى تدمير البنية التحتية، وإلى منع وصول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى العاصمة صنعاء.
وذكر التقرير أن العديد من هذه الهجمات تبدو عشوائية، حيث إن ما لا يقل عن 16 شخصا لقوا حتفهم داخل مصنع للبطاطس المقرمشة، فيما أكد صديق صاحب المصنع أنه لا يوجد أي نشاط عسكري في المنطقة التي يتواجد فيها المصنع. كما أدت هجمات التحالف إلى مقتل 10 أشخاص وتدمير مدرسة في حيدان في محافظة صعدة الشمالية يوم 13 آب/أغسطس الماضي.
كما استهدف هجوم آخر مركزا طبيا تابعا لمنظمة أطباء بلا حدود، وأسفر عن مقتل 19 شخصا وجرح 24 آخرين، الأمر الذي دفع المنظمة إلى إجلاء موظفيها من ستة مستشفيات في شمال اليمن. وقد أعلنت قوات التحالف أنها شكلت فريقا مستقلا للتحقيق في الحوادث التي قتل فيها المدنيون.
وأضاف الموقع أن هجمات التحالف قامت أيضا باستهداف ميناء الحُديدة ومناطق أخرى في جميع أنحاء اليمن.
وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا أكدت أنها قامت بعملية تقييم استنتجت من خلالها أن السعودية لم ترتكب أي انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، لكن في أواخر الشهر الماضي، اضطرت الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بأنها قامت بتضليل البرلمان عدة مرات لإخفاء حقائق حول الحرب في اليمن، وفي الواقع، اكتشفت وزارة الخارجية أن بريطانيا لم تقم بأي عملية تقييم وأن الأدلة القوية التي تقدمها منظمات حقوق الإنسان تشير إلى جرائم الحرب التي ترتكبها قوات التحالف ضد اليمن.
ويقول موقع "ميدل إيست آي" إنه قام بتقييم خاص به، حيث تم إرسال صحفيين إلى اليمن، وقد اكتشف من خلال هذا التقييم وجود أدلة قاطعة على أن قوات التحالف المدعومة من قبل المملكة المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، تقوم باستهداف المدنيين في انتهاك صارخ لقواعد وقوانين الحرب.
ويقول أوبورن في تقريره إن قوات التحالف تقوم بتدمير المنازل بلا شفقة، حيث تحدث إلى العديد من الناجين من الغارات الذين تحدثوا عن قصص مروعة عن كيفية تمكنهم من الفرار من منازلهم.
ويزعم التقرير أن قوات التحالف تعتمد ما يسمى "الهجمات الازدواجية"، وهو ما يعني توجيه ضربة أولى ثم ضربة ثانية عند وصول خدمات الطوارئ، وبذلك يتم قتل المدنيين عندما يكون لهم أمل في أن يتم إنقاذهم. ووفقا لأطباء يعملون في اليمن، فإن الحصار المفروض على اليمن لمنع إمدادات الأسلحة منع أيضا وصول الأدوية الحيوية والمعدات الطبية.
ونقل التقرير عن الدكتور أحمد يحيى الحيفي، وهو طبيب في مستشفى صنعاء، قوله: "نحن غير قادرين على الحصول على الإمدادات الطبية مثل أدوية التخدير، وأدوية الكلى وغيرها، حيث هناك أطفال يموتون؛ لأننا لا نملك الأدوية اللازمة لعلاجهم". ويتوقع الحيفي أن تبلغ نسبة الذين يموتون بسبب نقص الأدوية 25 في المئة.
وأضاف: "يسمونه الموت الطبيعي، لكن ذلك غير صحيح، فلو كان لدينا الأدوية، لكنا استطعنا إنقاذهم، أنا أعتبرهم قتلوا، وكأنهم قتلوا في غارة جوية". وأكد الصحفيون أنهم سمعوا العديد من القصص المماثلة من أطباء آخرين، وهناك أيضا أدلة قوية على أن التحالف الذي تقوده السعودية استهدف عمدا المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.
ويخلص تقرير "ميدل إيست آي" إلى القول إنه "في الحقيقة لا توجد أي أطراف بريئة في الحرب اليمنية، التي تعود بدايتها لاندلاع الربيع العربي سنة 2011 والإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح بعد فترة حكم استبدادي وفساد تفشى في شتى المجالات. وكان عبد ربه منصور هادي خليفة له، لكنه سرعان ما واجه تمردا من الحوثيين، وهم عشيرة في شمال اليمن لطالما عانوا من القمع في فترة حكم علي عبد الله صالح.
وفي سنة 2014، قام الحوثيون بالدخول إلى صنعاء والسيطرة عليها، وكان شعارهم "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام". وتمكن منصور هادي من الفرار من خطر الحوثيين، حيث هرب إلى ميناء عدن جنوبي البلاد، ثم ذهب إلى السعودية، وطلب منها المساعدة للتصدي للحوثيين. ولم يتردد الملك سلمان في الاستجابة له، فهو مقتنع أن الحوثيين حلفاء لإيران، وقام على إثر ذلك بتشكيل تحالف ضد الحوثيين".
وقال التقرير إن جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، صرح في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء الماضي بأن 10 آلاف شخصا على الأقل لقوا حتفهم منذ بداية الحرب، وأجبر ثلاثة ملايين من اليمنيين على الفرار من منازلهم. كما أعلنت السعودية منذ بداية الحرب أن منطقة صعدة الشمالية أصبحت منطقة عسكرية، وهذا ما سمح لها أن تقصف بطريقة عشوائية، ما جعل الصراع أكثر حدة.
في الختام، قال الموقع إنه على الرغم من أن الآلاف من اليمنيين أصبحوا لاجئين، إلا أن ذلك لم يلق اهتماما من وسائل الإعلام. كما أن عملية فرارهم من اليمن تعدّ صعبة للغاية، فعليهم أن يجتازوا أميالا من الصحراء، كما أن الهروب عن طريق البحر محفوف بالمخاطر، وهذا يعني أنه على الرغم من أن وضعهم شبيه بوضع سوريا، إلا أن اليمنيين لم يحظوا باهتمام من قبل أوروبا، لكن حان القوت أن يستيقظ العالم، وأن يجد حلا للأزمة اليمنية.