أعلنت واشنطن الأحد، أنها لم تتوصل إلى الاتفاق المرجو مع
روسيا بشأن وقف العنف في
سوريا، ملقية اللوم على موسكو التي قالت عنها إنها "تراجعت" بشأن بعض القضايا.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، صرح في وقت سابق الأحد، بأن واشنطن تتفاوض مع روسيا حول وقف العنف في الحرب المدمرة في سوريا، مؤكدا أن الجانبين "يعملان على مدار الساعة"، وأن هذه "المسألة معقدة للغاية".
وذكرت وزارة الخارجية سابقا أن التوصل إلى اتفاق أصبح قريبا، ويمكن أن يعلنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف الأحد، إلا أنها أقرت بعد ساعات بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ولفت مسؤول بارز في وزارة الخارجية إلى "تراجع الروس عن بعض القضايا التي اعتقدنا أننا اتفقنا عليها، ولذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور".
وأضاف أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، سيلتقيان مجددا الاثنين، على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية.
وقال كيري للصحافيين الأحد: "سنراجع بعض الأفكار الليلة، ومن بينها مسألتان صعبتان، وسنعود ونرى أين وصلنا".
وأضاف القول: "لن نتسرع".. مؤكدا أهمية التوصل إلى اتفاق "لإنهاء هذه المهمة"، وأوضح أنه لا تزال هناك "مشكلتان صعبتان" يجب معالجتهما، رافضا الكشف عن تفاصيل.
وفشلت جولات متتالية من المفاوضات الدولية في إنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات وخلف أكثر من 290 ألف قتيل وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها، ما أدى إلى تدفق مئات عشرات الآلاف منهم إلى أوروبا.
وروسيا هي أكبر الداعمين للنظام السوري، فيما تدعم واشنطن ائتلاف المعارضة الرئيس وبعض الفصائل المسلحة، كما أن دولا وقوى أخرى ضالعة في النزاع.
وقال أوباما عقب لقائه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، قبل قمة مجموعة العشرين: "إن محاولة جمع كل هذه القوى المختلفة في هيكل متماسك للتفاوض هو أمر صعب، ولكن محادثاتنا مع الروس مهمة".
مخاوف بشأن حلب
وتتشارك واشنطن وموسكو في رئاسة المهمة الإنسانية التي تدعمها الأمم المتحدة لسوريا، والتي تحاول جاهدة توصيل المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين داخل سوريا.
وظهرت مسألة مدينة حلب التي تنقسم السيطرة عليها بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة، كمسألة تثير القلق، خاصة مع صدور دعوات ملحة بوقف إطلاق النار لتخفيف الكارثة الإنسانية.
وتعتبر المحادثات في هانغتشو، جولة جديدة من الجهود الدبلوماسية حول سوريا، بعدما أخفقت المفاوضات الماراثونية بين كيري ولافروف في جنيف، في التوصل إلى نتيجة.
وحدد كيري بعد ذلك أولويتين لضمان استمرار وقف إطلاق النار؛ إحداهما الرد على انتهاكات النظام السوري وضبط جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقا، قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
وقال كيري بهذا الصدد، إن "النصرة هي القاعدة، ولا يمكن أن يخفي تغيير اسمها حقيقتها وما تحاول أن تفعله".
وفشلت اتفاقات وقف إطلاق نار سابقة، وقال أوباما الأحد، إن واشنطن تتعامل مع المحادثات "ببعض التشكيك، ولكن الأمر يستحق المحاولة"، مضيفا أنه "حتى لو اقتصر الأمر على حصول الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء على الطعام والإمدادات الطبية التي تعينهم في رعب التفجيرات المستمرة، فإن الأمر يستحق العناء".
"قد يعلن قريبا"
في سياق آخر، قال مايكل راتني، مبعوث واشنطن في سوريا، إن اتفاقا بشأن سوريا تبحثه الولايات المتحدة وروسيا قد يتضمن وقفا لإطلاق النار في أنحاء البلاد -يركز على مساعدات الإغاثة إلى حلب- قد يعلن قريبا.
وتقول رسالة راتني إلى المعارضة السورية، السبت، إن الاتفاق سيلزم روسيا بمنع الطائرات الحكومية السورية من قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة التيار الرئيس للمعارضة، وسيطالب بانسحاب قوات دمشق من طريق إمداد رئيس شمالي حلب.
وأضافت الرسالة دون ذكر تفاصيل، أنه في المقابل ستنسق الولايات المتحدة مع روسيا ضد تنظيم القاعدة.
وقالت إن المعارضين يجب أن يتعاونوا حتى يبدأ العمل بالاتفاق، لكن يجري السعي للحصول على ضمانات بأن تحترم موسكو، أقوى حليف لسوريا، الاتفاق.
وأفادت رسالة راتني بأن الاتفاق الجديد سيشمل انسحاب القوات الحكومية من طريق إمداد رئيس يقود إلى شرق المدينة الذي تسيطر عليه المعارضة والذي قطع في تموز/ يوليو، ويمكن أن يتحول طريق الكاستيلو إلى منطقة منزوعة السلاح.
وانهارت هدنة اتفق عليها الخصمان السابقان في الحرب الباردة في شباط/ فبراير الماضي، وتوقفت محادثات السلام في وقت سابق هذا العام وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة، بانتهاك الهدنة.
وتصاعدت حدة القتال منذ ذلك الحين في مختلف أرجاء البلاد، خاصة حول حلب المقسمة، حيث أدى تقدم الطرفين إلى قطع خطوط إمداد وانقطاع التيار الكهربائي وتوقف إمدادات المياه لنحو مليوني شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وتلك التي تسيطر عليها المعارضة.