نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا للكاتب بريت ستيفنز، يقترح فيه تقسيم
سوريا، ويرى أن الأطراف المتحاربة ستظل في حالة حرب طويلة إن أريد الحفاظ على سوريا موحدة، مشيرا إلى أن وحدة البلاد تعني الإبادة.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "17 مبادرة لحل الحرب الأهلية في سوريا لم تسفر إلا عن المزيد من القتل والتشريد، حيث فشلت مبادرة كوفي عنان 2012، وخطة الأخضر الإبراهيمي بعد ذلك بعام، وجنيف الأولى والثانية والثالثة، بالإضافة إلى عملية فيينا".
ويتساءل ستيفنز عن السبب الذي يجعل الرئيس الأمريكي باراك
أوباما يبحث عن هدنة إنسانية في حلب، ويجد أنها "بادرة دبلوماسية منه، حيث لم يتبق أمامه سوى المبادرات الدبلوماسية، بعدما خسر النفوذ العسكري، وحتى محادثات الهدنة الإنسانية في حلب ليست إلا إعلانا فارغا، كإعلان عام 2011، الذي طالب بضرورة رحيل رئيس النظام السوري بشار
الأسد، وضرورة الالتزام بالخط الأحمر حول استخدام السلاح الكيماوي عام 2012".
ويشير الكاتب إلى أن "الرئيس أوباما لم يتبق له سوى 136 يوما في البيت الأبيض، وسيغادره تاركا الإدارة المقبلة لتصمم سياستها الخاصة بسوريا، وعلى الأخيرة أن ترفض (المبدأ الأساسي)، الذي أعلن عنه وزير الخارجية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف العام الماضي، والداعي إلى الحفاظ على وحدة سوريا".
ويرى ستيفنز أن "طبيعة الحرب السورية تحتم ذلك، فهي لعبة، إما أن تكون قاتلا أو مقتولا، فإما أن ينتصر الأسد أو معارضوه، وهي حرب معقدة تشارك فيها أربعة أطراف؛ روسيا، وإيران، وتركيا، والولايات المتحدة، إلى جانب خمسة من اللاعبين غير الدول، بالإضافة إلى نظام الأسد نفسه. إن الحرب في جذورها هي لعبة قائمة على مبدأ الحسم، وبسبب عدم وجود حكومة تقبل بسيادة منقوصة، فإن الأطراف المتحاربة ستظل في حالة حرب طويلة إن أريد الحفاظ على سوريا موحدة، وبالتالي فإن وحدة البلاد تعني الإبادة".
ويذكّر الكاتب بفرضيات الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أنه كان من "الساذج" التكهن بانهيار نظام الأسد، ذي القاعدة العلوية، بالطريقة ذاتها التي انهار فيها نظام معمر القذافي في ليبيا، ويقول إن "وحشية قوات الأسد هي تعبير عن مخاوف أفرادها مما سيحدث لهم، فكلما كانوا قساة أصبحوا أكثر وحشية، ومن هنا فإن اللعبة السورية هي إما أن تعيش أو أن تموت".
فما الحل؟
ويرى ستيفنز أن "خيار التقسيم هو الخيار الأفضل، وهو ليس فكرة جديدة، مع أن البعض يتوقع فشلها؛ لصعوبة ترسيم الحدود بين الأطراف المتصارعة، بالإضافة إلى أن الحدود الجديدة لن تحل الخلافات بين الأطراف، وربما تزيد الصراع".
ويوافق الكاتب على هذه النظرة، إلا أنه يدعو إلى موازنتها مع الخيارات المتوفرة، مثل الخيار الدبلوماسي، ويتساءل: هل سيعترف الداعون إلى الحل الدبلوماسي بفشلهم عندما يصل عدد القتلى إلى نصف مليون قتيل، أم إنه يجب أن يصل العدد إلى مليون قتيل؟
ويعترف ستيفنز بأن "تقسيم سوريا لن يحل مشكلاتها بالكامل، إلا أنه سيعمل على تخفيضها إلى مستوى يمكن من خلاله السيطرة عليها، فوجود دويلة علوية على شاطئ البحر المتوسط في المستقبل قد يؤدي إلى نجاة حكم عائلة الأسد واستمرارها، وستكون دولة كردية مرتبطة بكردستان العراق منطقة إثنية آمنة، خاصة لو حصلت على ضمانات أمنية من روسيا، وستكون ملجأ للمدنيين لو توفرت لها الحماية الأمريكية، إلا أن تركيا تنظر إلى هذا الحل بصفته تهديدا لها".
ويجد الكاتب أن "بقية سوريا بحاجة إلى تدخل عسكري من الناتو؛ لسحق تنظيم الدولة، وإخراجه من معاقله القوية، ودعم الجيش السوري الحر وتسليحه، بحيث يكون قادرا على رفع الحصار عن حلب، والزحف نحو دمشق، وهو ما سيدفع السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة لنشر قوات حفظ سلام دائمة".
ويذهب ستيفنز إلى أنه "لا يمكن حدوث أي من السيناريوهات المقترحة دون وجود موقف جدي من الولايات المتحدة، ولن يحدث تغير على الموقف الأمريكي إلا بعد مغادرة الرئيس أوباما السلطة".
ويلفت الكاتب إلى التحفظات حول نقطة تتعلق بالتقسيم، منها ما يتعلق بقبول أنقرة كيانا كرديا في سوريا، مشيرا إلى أن أنقرة قبلت بوجوده في شمال العراق، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي دورا في دفع أكراد سوريا إلى قطع صلاتهم بحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، وذلك من أجل تخفيف مظاهر القلق التركي.
ويذكّر ستيفنز بأزمة مشابهة للحالة السورية، لافتا إلى أنه في التسعينيات من القرن الماضي واجه العالم رعبا في البلقان، وقررت الولايات المتحدة التحرك عسكريا، وتوصلت من خلال قوى محلية وكيلة إلى نتائج سياسية، وما كان يطلق عليها يوغسلافيا أصبحت اليوم سبع دول مختلفة.
ويخلص الكاتب إلى القول: "من هنا، فإن نهج السياسة الخارجية الناجح في إدارة كلينتون قد يكون نموذجا مناسبا للإدارة المقبلة".