كيف يمكن أن تصبح
روسيا قوة عظمى مرة أخرى بعد توقيعها اتفاق الهدنة مع الولايات المتحدة؟
يجيب مراسل صحيفة "إندبندنت" البريطانية باتريك كوكبيرن، في تقرير أعده من دمشق، قائلا إن "الشراكة العسكرية مع الولايات المتحدة قد تعين روسيا على استعادة المكان الذي خسرته بانهيار الاتحاد السوفييتي السابق، والحافز الأكبر هو التعاون في حرب
تنظيم الدولة".
ويضيف الكاتب في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "روسيا يمكن أن تصبح قوة عظمى بعدما وافقت على شن هجمات جوية مشتركة مع الولايات المتحدة ضد جماعتين إسلاميتين متشددتين، ولو استمر وقف إطلاق النار، الذي سيبدأ مع غروب شمس اليوم الاثنين، وظل على مدى سبعة أيام متتالية، واستطاعت الأمم المتحدة توزيع المواد الإغاثية على المناطق المحاصرة في حلب، فعندها ستقوم روسيا والولايات المتحدة بإنشاء (مركز مشترك لمراقبة الهدنة)، الذي يقوم بتنظيم عمليات استهداف تقوم بها الطائرات الروسية والأمريكية ضد تنظيم الدولة وجبهة
النصرة (جبهة فتح الشام)".
ويتابع كوكبيرن قائلا إن الولايات المتحدة وروسيا تعدان أهم ملمح في الاتفاق الذي أعلن عنه في جنيف في الساعات الأولى من صباح السبت، ولو تم الالتزام بالاتفاق فعندها سترتفع مكانة روسيا إلى موقع الدولة العظمى، على الأقل في منطقة الشرق الأوسط، وهي المكانة التي فقدتها عندما انهار الاتحاد السوفييتي عام 1991".
ويشير الكاتب إلى أن الشراكة مع الولايات المتحدة قد تكون محفزا مهما للروس ليشددوا على توقف الطيران التابع للنظام، كي يوقف قصفه على مناطق المعارضة، باستثناء تنظيم الدولة.
ويلفت التقرير إلى أن "الروس والأمريكيين يهدفون إلى مواجهة الحركات (الإرهابية)، لكن من الصعوبة بمكان معرفة الكيفية التي سيتم فيها تحقيق هذا الأمر، حيث تنص الخطة على قيام الجماعات المعتدلة بفك ارتباطها عن جبهة النصرة، التي سيتم استهدافها بضربات جوية، إلا أن هذه الجماعات لا وجود قويا لها على الأرض، بالإضافة إلى أن الفصائل التي تفك ارتباطها عن جبهة النصرة قد تكون هدفا للطيران الأمريكي الروسي، فجبهة النصرة ليست مسلحة تسليحا جيدا في عدد من مناطق
سوريا، لكنها تتمتع بدعم سياسي، ومن هنا فإنه من الصعب إضعافها أو سحقها".
ويقول كوكبيرن إن "هناك عنصرا غامضا في الحملة الجوية الأمريكية الروسية المشتركة، فالحملات الجوية ضد تنظيم الدولة كانت فعالة ضد تنظيم الدولة وجبهة النصرة، لكنها بحاجة إلى قوات على الأرض لتحديد الأماكن وطلب الغارات الجوية، ولم يكن التنظيم قادرا على الصمود أمام هجمات جوية كهذه، رغم حماسته وشدته في القتال، وهو ما حصل له في الحصار الذي فرضه على بلدة كوباني الكردية، حيث تكبد خسائر كبيرة بسبب القصف الجوي الأمريكي له، وكذلك في الفلوجة والرمادي، وفي المرحلة الجديدة من الحرب في سوريا، فإنه لا يعرف من سيقوم بدور طلب الغارات على الأرض".
وتذكر الصحيفة أن التنظيم خسر الكثير من قوته منذ العام الماضي، وكان آخر الانتصارات التي حققها العام الماضي عندما سيطر على الرمادي وتدمر، اللتين خسرهما في العام الحالي، وخسر مدينة الفلوجة، التي كانت أول مدينة عراقية تقع تحت سيطرته في بداية عام 2014، وفي الشهر الماضي خسر آخر منفذ له للعالم الخارجي، عندما أغلقت القوات التركية الباب أمامه بالسيطرة على بلدة جرابلس، ورغم الضعف الذي أصاب تنظيم الدولة، إلا أنه لم يهزم بشكل كامل، فلديه آلاف المقاتلين من ذوي الخبرة، وسيواصل التأثير في الأجندة السياسية في العالم، في حال نفذ عمليات إرهابية في الخارج".
ويفيد التقرير بأن "تنظيم الدولة لا يزال يسيطر على مدينة الرقة، وأجزاء كبيرة من وادي الفرات، ويظل قلب التنظيم في العراق، الذي يسيطر فيها على مدينة الموصل منذ عام 2014، وهو ما سمح له بالإعلان عن الخلافة، وتجري تحركات اليوم لاستعادة الموصل، تقوم بها القوات العراقية بالتعاون مع البيشمركة، ولو سقطت الموصل، فإن تنظيم الدولة سيخسر سيطرته على معظم المناطق السورية والعراقية".
وبحسب الكاتب، فإنه في تواصل بين الصحيفة ومراقب محلي عبر الإنترنت، لقبه حماد أبو جاسم، ويعيش في الموصل، فإنه قال إن هناك إشارات عن تحرك التنظيم من داخل الموصل إلى خارجها.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول المراقب: "شاهدت طابورا كبيرا من العربات التي تحمل أثاثا ومعدات من جامعة الموصل إلى أجزاء في المدينة أو خارجها، ويعتزم تنظيم الدولة القيام بتفريغ المؤسسات العامة في الموصل، وشن هجوما ضد مقاهي الإنترنت في اليومين الأخيرين، وقام بإغلاقها لو تبين له أن أصحابها يعيشون خارج الموصل".