يواجه
مركز القاهرة لدراسات
حقوق الإنسان وعدد من المنظمات الحقوقية
المصرية ومديريها، يوم السبت المقبل، حكما محتملا بالتحفظ على أموالهم، على ذمة القضية 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي.
واعتبر مركز القاهرة – في بيان له الأربعاء- أن هذه القضية هي "مجرد حلقة جديدة في خطة التنكيل والانتقام من المدافعين عن حقوق ضحايا جرائم حقوق الإنسان في مصر، واستئصال الحركة الحقوقية المصرية".
وقال: "هذه هي الخطة التي بدأ تنفيذها عقب تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح
السيسي لمقاليد الحكم بنحو شهر واحد، بتوجيه إنذار بالغلق للمنظمات المسجلة بمقتضي قوانين مصرية أخرى غير قانون الجمعيات القمعي، أعقبه محاولة تمرير قانون جديد لتأميم المجتمع المدني أشد قمعا من القانون المعمول به، وذلك بعد دفن مشروع قانون كانت قد توافقت عليه منظمات المجتمع المدني مع الحكومة في كانون الثاني/ يناير 2014 قبل تولي السيسي الحكم بشهور قليلة".
وأضاف: "تتابعت الخطة بإحياء ما يسمى بقضية التمويل الأجنبي، والتوظيف السياسي والأمني للجهاز القضائي، للتخلص من منظمات ذات باع طويل -لنحو ربع قرن- في فضح جرائم الأجهزة الأمنية ضد المواطنين المصريين وفي عرقلة قوانينها المعيية".
وتابع البيان: "على مدى أكثر من عامين واجهت المنظمات الحقوقية المصرية ضغوط وتهديدات مهولة- بعد رفضها الخنوع لرغبة السلطة والتسجيل تحت قانونها المعيب المنظم للعمل الأهلي- وصلت لحد التهديدات بالقتل لمدير مركز القاهرة بعد أسبوعين من تولي السيسي للحكم، بالإضافة لتهديد عضو أخر بالمركز بالقتل".
وأشار إلى استدعاء المركز للتحقيق على ذمة ما يسمى بقضية "التمويل الأجنبي"، بالإضافة إلى استدعاء لاحق لثلاث منظمات أخرى وبعض العاملين فيها، ثم منع أحد مديري البرامج بمركز القاهرة من السفر، بالإضافة إلى 10 حقوقيين آخرين من منظمات أخرى على الأقل تم منعهم على ذمة القضية نفسها، وذلك بالتوازي مع ما وصفها بحملات التشهير والتدليس الأمنية الإعلامية.
واستطرد قائلا: "يستهدف منع المنظمات الحقوقية من التصرف في أموالها تجميد تام لعملها لأجل غير مسمى، لحين الفصل قضائيا فيما يسمى بقضية التمويل الأجنبي، بهدف شل قدرتها على توصيل صوت الضحايا للرأي العام المصري والعالمي، على نحو يضمن للأجهزة الأمنية أن لا يعلو صوت فوق صوت سياط جلاديها".
وأردف: "هذا الإجراء يعني تعيين حارس قضائي وصي على هذه المنظمات الثلاث، يحق له الاطلاع على كافة ملفات الضحايا والمتضامنين معهم، والمنظمة والعاملين فيها، وفرض الوصاية على توجه المنظمات وبرامج عملها".
وأكمل: "لعل من المؤسف ما كشفت عنه هذه القضية من انهيار تام لمنظومة العدالة في مصر، وكيفية تحكم الأجهزة الأمنية في إدارتها على نحو غير مسبوق، وتوظيفها لخدمة أهداف نظام السيسي، بداية من اختيار قضاة التحقيق في القضية بالاسم وطريقة انتدابهم بالمخالفة للقانون، مرورا بكم هائل من
الانتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة شابت القضية في جميع مراحلها، حتى أنه إلى الآن لم يسمح لأي منظمة بالاطلاع على الملف الكامل لهذه القضية".
وذكر: "ثمة نية مبيتة للانتقام من المنظمات الحقوقية المصرية أضمرتها السلطة منذ بداية فتح القضية في مع المنظمات الدولية في 2011، إلا أن هذه الخطوة كانت مؤجلة لحين تتهيأ اللحظة المواتية، بعد إجراء السيسي التعديلات القانونية المطلوبة (تعديل المادة 78 من قانون العقوبات الخاصة بالإرهاب، والتي يلوح بتطبيقها للمرة الأولى على الحقوقيين وليس الإرهابيين)، ويتم إحكام القبضة على المؤسسة القضائية".
وأضاف: "الدولة التي اعترفت في دستورها بثورة 25 يناير، مازالت تعتبرها مؤامرة كانت فيها منظمات المجتمع المدني أدوات الدول المتآمرة على مصر، ومن المفارقات السياسية المذهلة أن الدول المتهمة صراحة أو ضمنا بالتآمر على الأمن القومي المصري من خلال المنظمات الحقوقية الممولة وفقا لتحريات القضية في 2011، لم تتخذ الدولة المصرية منها أي موقف نقدي- حتى ولو ببيان رسمي حكومي أو بتخفيض حجم التمثيل الدبلوماسي- بما يتسق مع خطورة الاتهامات، بل وتعزز العلاقات معها".
وأشار إلى أن "السيسي يستجدي زيارة تلك الدول (المتهمة بالتآمر على مصر) ورضا كبار المسؤولين فيها، وتتلقي منها الحكومة والمؤسسة العسكرية المصرية معونات مالية وتبرم معها اتفاقيات تسليح، وتدخل معها الحكومة في تحالفات أمنية وعسكرية ضد الإرهاب ودول أخرى، الأمر الذي يجزم بكذب الاتهامات، وأن المستهدف بها تصفية منظمات حقوق الإنسان، وليس رد الضرر المزعوم للدول المتهمة بالتآمر على مصر".
وقال: "على النحو نفسه الذي كانت تدار به الحملة الإعلامية على المنظمات الدولية في 2011، تكرس معظم وسائل الإعلام الأمنية حاليا كافة جهودها لتشويه الحقوقيين المصريين والتشهير بهم، من خلال ترديد أكاذيب وإدعاءات مغرضة لا دليل عليها، تستهدف اغتيالهم أدبيا، بعد أن تم تهديد بعضهم بالقتل المادي".
من جهته، شدّد مدير مركز القاهرة بهي الدين حسن على أن المنظمات الحقوقية المستقلة في مصر ستواصل الوفاء بالتزامها الأخلاقي تجاه كافة المواطنين المصريين من الضحايا الحاليين أو اللاحقين، أيا كان انتماؤهم السياسي أو الديني أو العرقي أو توجهم الجنسي، وأيا كان الحكم القضائي، وأيا كان الثمن الذي ستدفعه.
وأضاف: "يقينا، أحد أسباب هذه الهجمة الضارية، هو أن هذه المنظمات تستلهم القيم والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان في دفاعها عن الحقوق الآدمية للمصريين، وهي الحقوق التي لا يخجل رئيس الجمهورية من الجهر بأن مواطنيه - بخلاف الشعوب الأخرى- غير جديرين بالتمتع بها".