كتاب عربي 21

اسألوا زوجة وزير الصحة..

طارق أوشن
1300x600
1300x600
من داخل جلسة من جلسات البرلمان المصري..
 يعتلي وزير الصحة المنبر ليرد على سؤال لأحد الأعضاء "المستقلين".
الوزير: السادة الأعضاء، جميع مستشفيات مصر لم تسجل حالة واحدة وعشان كده الرد على العضو المحترم أبو الوفا دردير مش عندي، الرد عند وزير الداخلية لأنها مؤامرة على شعب مصر. كان المفروض على وزارة الداخلية تتصدى لهذه الإشاعة المغرضة مش تنشرها.
نائبة برلمانية (منتفضة من مكانها): مش إشاعة.. وعزة الله ماهي إشاعة.
رئيس البرلمان: يا حاجة فايقة، لما يجي دورك ابقي اكلمي.
الحاجة فايقة: دور إيه يا سيادة الرئيس؟
عضو برلماني: الدور ايلي ماشي علينا كلنا يا حاجة.
الحاجة فايقة: يا سيادة النائب، الدور ده ماشي ع الرجالة مش ع الستات.
العضو: لأ إحنا الحمد لله كلنا بخير. أنا بكلم على الدور ايلي في المناقشة.
الحاجة فايقة: يا سيادة الرئيس، الراجل ده أنا مش عايزاه يكلم معايا بعد كده ولا كلمة واحدة. أنا عايزة أفضفض.. يا سيادة الرئيس، ماذا أقول، ماذا أقول والكلمات لا تريد أن تخرج من فمي.. هي المرأة ناقصة؟ تتظلم بالشكل ده وكمان حقوقها الشرعية تضيع. طب ييجوا الناس ايلي بيقولوا لازم المرأة تقعد في البيت. طب تقعد في البيت تعمل إيه؟ تعمل إيه بعد ما الرجالة بقوا عاملين زي ظل الحيطة.
العضو: بالذمة ده كلام يتقال في المجلس الموقر. ده عيب يا حاجة ده عيب..
الحاجة فايقة: أستاذ حسين فتوح، أنت بالذات مش لازم تعارضني..
حسين فتوح: ازاي ما أعارضكيش وانت بتكلمي غلط.. ثم زي ما سيادة الوزير قال ده إشاعة ده إشاعة.. متبقيش تكلمي غلط.
الحاجة فايقة: اسكت أنت خالص متكلمش معايا. اتق الله.. مراتك صاحبتي ومفيش أسرار بيننا. قسما بالله العظيم إن ما قعدت وسكتت لأنا قايلة هي قالت لي إيه.
حسين فتوح: هي قالت لك؟
الحاجة فايقة: أيوه..
حسين فتوح: كذااابة.
كان هذا مشهدا من فيلم (النوم في العسل – 1996) للمخرج شريف عرفة. وكان هذا يوم كان النواب البرلمانيون "يخجلون" من "الفضائح" ويبحثون عن الوسيلة لدرء التهم عنهم حياء حقيقيا أو مصطنعا أو رغبة في الظهور بمظهر النائب الكامل الأوصاف.
أما في برلمان الانقلاب الذي هُندست نتائجه في أقبية مقرات الأمن الوطني تحت إشراف ابن "الزعيم"، فقد خرجت إحدى طفيليات "العهد الجديد" قائلة أن "نصف رجالة مصر عندهم عجز جنسي" وأن على النساء أن يرضين بالختان "علشان العجلة تمشي" لأن توقف عملية الختان تعني بالضرورة أن مصر بحاجة إلى "رجال أقوياء، وليس لدينا هذا النوع من الرجال الآن". جاء هذا في وقت ينتظر من "البرلمان المصري" التصديق على مقترح قانون يشدد العقوبات على هذه الممارسة التي تتبوأ البلد صدارتها عالميا، حيث أشار تقرير لمنظمة الصحة العالمية في العام 2013 أن أكثر من 27 مليون امرأة مصرية خضعن للختان.
ورغبة من "النائب" إلهامي عجينة في إثبات حقيقة كلامه أفحم زملاءه بالقول : اسألوا مراتي... 
ولأن الواقعة تسربت أو سُربت للإعلام، باعتبارها فرصة لشغل المواطنين عن الالتفات لواقعهم تحت سلطة الانقلاب والتفرغ لمهمة دفع التهمة / الإشاعة عن "رجالة مصر"، لم يجد عجينة غير تأكيد أقواله بخصوص شكوكه في القدرة الجنسية لأقرانه مع التأكيد على أنه "رجل حقيقي" في تجل واضح لحالة الإنكار التي تميز تعامل "الرجل" العربي مع مثل هذه المواضيع، ودليله أن "اسألوا مراتي" مرة ثانية.
النوم في العسل...
يعترف شحتة للضابط مجدي أن سبب إقدامه على قتل زوجته أنه "معرفش" في حالة استثنائية أصابته ليلة الجريمة لأول مرة في حياته.
الضابط مجدي: شحتة، أنت متعود تبلبع حاجة قبل ال... ايلي معرفتش؟
شحتة: أبدا يا باشا، أنا كنت شغال بالفول والطعمية ويوم ما كنت آكل ربع كباب كنت أهد الدنيا.
الضابط مجدي: آه، ممكن توصف لي الحالة بالضبط؟
شحتة: هي حالة متتوصفش. عدم لا مؤاخذة يعني... لقيت نفسي مفيش.. مفيش.
الضابط مجدي: مفيش خالص؟
شحتة: مفيييييش.
الضابط مجدي: ده مصيبة سودا ومنيلة بستين نيلة يا شحتة. ماستنيتش ليه لغاية ما تعرض نفسك على دكتور؟
شحتة: دكتوووور؟ لأ. كله إلا الدكاترة. لسه بدري أوي ع ما نشتغل بالحقن والحبوب.. وبعدين أنا مش عاوز أفضح نفسي..
طارق، الشاب المخترع المطلوب منه اكتشاف سلاح ردع في مواجهة الأمريكان، عاش نفس الحالة ليلة دخلته على سلمى، ابنة الناظر شاك، في فيلم (ليلة سقوط بغداد – 2005) للمخرج محمد أمين.
ليلة سقوط بغداد..
طارق: على فكرة، رجالة كثير بيحصل ليهم كده في ليلة الدخلة.
سلمى: أه.
طارق: ده في العالم كله. بيقولك 30 في المية بيحصل ليهم كده.
سلمى: آه، و70 في المية بيحصلهومش.
طارق: و30 في المية مش شوية يعني.
سلمى: خلينا في المهم دلوقت. أنا خايفة الموضوع ده يؤثر على نفسيتك وتركيزك في المشروع. حنعمل إيه؟
طارق: أنت بتكلمي كده كأن الموضوع ده حيطول. لأ، أنا مش حاسكت، أنا حأقلب الدنيا...
وعلى عكس شحتة / النوم في العسل، قرر طارق / ليلة سقوط بغداد زيارة الطبيب النفسي.
الطبيب: قل لي بقا، إيه أكثر حاجة قلقاك وشغلاك اليومين دول؟
طارق: موضوع الأمريكان طبعا... قربوا أوي.
الطبيب: هو أنت زي حماك مصدق أن الأمريكان حييجوا هنا والتخاريف ايلي بتتقال ده؟
شاكر: متغلطش وخليك في الخيبة ايلي قدامك ده.
الطبيب: الخيبة ايلي قدامي ده أنت السبب فيها بالوساوس ايلي زرعتها جوا الولد.
طارق: (موجها كلامه للناظر شاكر): منك لله يا شيخ...
شاكر: أنت ح تصدق وتشيلها لي. يعني أنا السبب؟
الدكتور: أيوه أنت السبب. 
شاكر: ليه يا دكتور؟
الدكتور: فيه راجل طبيعي ممكن ينام مع مراته وفيه خطر واقف ليه على الباب؟
شاكر: لأ طبعا. ده لو حد معدي في الشارع وعطس العملية كلها تبوظ.
الدكتور: جميل. أهه أنت مفهمو بقا أن فيه عصابة واقفة له على الباب، مستني منه إيه؟... طارق أحب أبشرك.. مفيش حد بيحصل له ده إلا الراجل الوطني ايلي بيحب بلاده.
طارق: مش ممكن أكرهها يومين في الأسبوع؟
شاكر: طب الظروف ده ممكن تطول. ح يفضل وطني كده على طول؟
الدكتور: طول ما العصابة على الباب أو زي ما انتم متصورين أنها ع الباب حيفضل وضعه وطني كده على طول..
طبيب النوم في العسل لخص أسباب حالة العجز التي تكاد تصيب "رجالة" القاهرة في مجموعهم في لقائه بالضابط مجدي قائلا:
الطبيب: ممكن تكون حالة إحباط عامة. برامج التلفزيون أحيانا بتجيب إحباط.. قراية الجرايد بتجيب إحباط.. كثر سماع الكذب بيجيب إحباط.. الخوف من المستقبل ممكن يعمل خلل في كل وظائف الجسم..
انتهى كلام الأطباء، وهم فيما يقولون لا يجانبون الصواب.
شعوب تعيش سطوة السلطة والتقاليد وكبتا سياسيا واجتماعيا مزمنا، وإسهالا في الكذب الإعلامي وغيابا للخدمات الآدمية المتوفرة للشعوب "المحترمة" إنسانيا. مياه غير صحية ومنتجات غذائية مسرطنة أو غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وصراع يومي مع الزمن لتوفير لقمة العيش التي "تصلب الطول". امتهان للكرامة وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وإهدار لحقوق الأفراد والجماعات. انتخابات مزورة وأصوات مكتومة وانفراد قلة بمقدرات الأمة وقرارها. ارتهان للقرار السياسي والاقتصادي للبلدان العربية واستعمار مباشر لبعضها. صراعات فئوية ومذهبية وبلدان تحولت لساحات معارك وحروب أهلية تداخل فيها الوطني بالإقليمي والدولي. الأمريكان الذين كانوا على الباب يتربصون صاروا يرتعون ويمرحون في جغرافيا العرب ودخل معهم الروس والفرس وآخرون كثر بعد أن عجزت الأنظمة والشعوب معها في صيانة "الاستقلال الوطني". الخوف من المستقبل صار القاعدة والاطمئنان له استثناء في دول العرب من المحيط إلى الخليج.
إنه الخراب لمن أراد له تنظيرا أو ممارسة فعلية على الأرض... وبعدها يطلب من "المواطن" أن يلعب دور "بطولة" زائفة على أَسِرة متهالكة تحمل جثثا أضناها شغف العيش. لكنها حالة الإنكار العامة تنتقل من مقهى ليلة سقوط بغداد إلى أستوديو التلفزيون في النوم في العسل. ساسة ينشرون الأباطيل والأوهام الكاذبة وشعوب ألفت اللعب على الكلمات والهروب من مواجهة واقع فشلت في تغييره دليل عجز مزمن عن التأثير في الأحداث إسوة ببقية شعوب الأرض. حالة إنكار للواقع ألفوا سماعها من حكومات عاجزة على توفير الكلأ والمرعى ومعها الكرامة، لكنها تصر على أن تقصفهم كل يوم ببيانات الإنجازات الفنكوشية وحكمة الرئيس والملك والأمير الملهم وباني النهضة ومنظر التنمية وحامي الوطن والحارس على الثغور.
في مقهى ليلة سقوط بغداد..
شاكر: على فكرة يا جماعة.. ايلي منكم عنده مشكلة مع زوجته في فراش الزوجية ما يزعلش. بالعكس، ده حاجة لازم يكون فخور بيها.
المواطن 1: فخور بيها؟ إزاي؟
شاكر: اتضح علميا أنه في الظروف المهببة ايلي إحنا عايشينها ده، الراجل ايلي بيحب بلده وشايل همومها لا يمكن يبقى كويس مع مراته وده وسام على صدره بيقول أنه راجل وطني.
المواطن 1: ده أنا على كده مبحبش مصر خالص.
المواطن 2: وأنا مقدم على هجرة.
النادل: وأنا معنديش رائحة الانتماء.. بس الحاج هو ايلي وطني قديم.
الحاج: اخرسزز ده أنا جاسوس.
وفي أستوديو التلفزيون الحكومي في النوم في العسل..
المذيعة: وكأنهم كرهوا لهذه الأمة الفتية أن تنهض.. الويل لهم.. خفافيش الظلام يريدون تعطيل المسيرة وتدمير الإدارة عفوا الإرادة.. لم يجدوا سوى الإشاعات المغرضة والدنيئة ليحاربوا هذا الشعب الجسور والمقدام. السيدات والسادة، معنا الرجل الذي يعرف الحقيقة، السيد وزير الصحة.. ممكن سعادتك بصفتك الرجل الأول المسؤول عن الصحة في مصر تشرح لنا أبعاد الحالة.
الوزير: أوي أوي... أناشد كل الشعب بكل طبقاته وكل فئاته عمال وفلاحين وحرفيين و... ومثقفين. أناشد الجميع أنهم يبتعدوا عن الإشاعات والتخاريف.. الواحد يشد نفسه ويوقف قدام المراية ويقول أنا كويس، أنا بومب، أنا حديد ثلاث مرات قبل الأكل وبعده ويتكل على الله وبإذن الله حيبقى زي الحديد...
وضعية زميلة الوزير رأفت في فيلم (معالي الوزير- 2002) للمخرج سمير سيف، لا يبشر بخير وهو على الفراش بجانب زوجته فوقية.
معالي الوزير...
فوقية: مالك يا رأفت؟ مالك يا حبيبي؟
رأفت: قلقان يا فوقية.. قلقان.
فوقية: من إيه؟
رأفت: ايلي بيحصل في المنطقة وقلقان على البلد.
فوقية: وكل زمايلك قلقانين زيك كده؟
رأفت: طبعا.. تقصدي إيه يا فوقية.
فوقية: اقصد أن كل مشكلة وليها حل. فكرت تروح لدكتور؟
رأفت: آه، علشان الخبر يوصل لجرايد المعارضة وتبقى فضيحة.
فوقية: متكبرش المسألة كده. لو رحت لدكتور متخصص في الحكاية ده مش بعيد تلاقي كل زعماء المعارضة عنده.
رأفت: فوقية.. أؤكد لك أني أنا طبيعي. أنا بس عتدي شوية إجهاد عصبي من الخطة الخمسية.
فوقية: الخطة الخمسية معمولة علشان الأجيال ايلي جاية.. طب الأجيال ايلي عايشة دلوقتي تعمل إيه في الليلة ده؟
الأكيد أن لن يفصل في الموضوع غير زوجة وزير الصحة فاسألوها..
0
التعليقات (0)

خبر عاجل