رفضت السلطات المحلية بمدينة مراكش (جنوب) قبول ملف ترشيح الشيخ
حماد القباج أحد وجوه السلفية التقليدية وكيلا للائحة حزب
العدالة والتنمية بالمدينة، فيما رفع دفاع الشيخ دعوى استعجالية في القضاء الإداري للطعن، بعد أن وجه رسالة إلى الملك يدعوه فيها إلى رفع الحيف.
وهاجمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، قرار السلطات المحلية، واعتبرته "مرفوضا تماما" وأعلنت دعمها للشيخ القباج، مسجلة أن القرار يعتبر عرقلة لإدماج السلفيين المعتدلين في مؤسسات الدولة.
وتحول رفض قبول ملف القباج إلى مادة للسخرية من وزارة الداخلية وممثليها المحليين، ومن "الدولة العميقة" التي يسميها المغاربة بـ"التحكم"، من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا المنع حرمانا لمواطن من حقوقه الدستورية.
المنع بداية الحكاية
أعلن الشيخ حماد القباج أنه تلقى رسالة من طرف عبد الفتاح البجيوي، والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش يخبره فيها برفض لائحة ترشحه لعضوية مجلس النواب.
وأضاف القباج في تدوينة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "فقد تسلمت قبل ساعات من رئيس المنطقة الحضرية الحي المحمدي بعمالة مراكش رسالة من طرف عبد الفتاح البجيوي والي جهة مراكش آسفي / عامل عمالة مراكش".
وتابع: "علل فيها رفض لائحة ترشحي لعضوية مجلس النواب بما يلي: (تبين من خلال البحث الإداري في شأن ملف الترشيح.. أن المعني بالأمر عبر في مناسبات علنية عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة، من خلال إشاعة أفكار متطرفة تحرض على التمييز والكراهية وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع
المغربي)".
والي مراكش بهذا القرار أعاد إحياء الجدل حول ترشيح القباج، الذي تعرض لهجمات لأنه من جهة مرشح "سلفي" ومن جهة ثانية "مقعد"، ليضيف الوالي معطى ثالثا هو "مناهضة الديموقراطية" و"بث الكراهية".
صوتت للدستور واليوم عدو للديموقراطية!
وجه الداعية السلفي حماد القباج رسالة إلى الملك عنونها "رسالة مفتوحة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله".
وأضاف القباج في رسالته: "أنا مواطن مغربي متشبع بروح السلفية الوطنية التي تؤمن بالاعتدال والتعايش والانفتاح وحب الوطن وتتمسك بدولة المؤسسات والقانون. كما أنني من أكبر المقاومين لدعوات وسلوك بث الكراهية والحقد والتفرقة والعنف بكل أشكاله، ومن أحرص الناس على تماسك مكونات المجتمع المغربي، وكتاباتي ومواقفي الكثيرة خير برهان على ذلك، ولو شرفتني جلالتكم باستقبال كريم فإنني أتشرف بإطلاعكم على عشرات الوثائق المثبتة لما أقول والنافية لما ادَّعاه علي الوالي".
وزاد: "ليت شعري كيف يتهمني الوالي بـ: (مناهضة المبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة)، وقد كنت من أكثر الناس نشاطا في الدعوة للتصويت على الدستور بنعم، ولا زالت عندي تسجيلات مرئيّة لعدد من المهرجانات الخطابية في هذا الصدد".
وأفاد: "عملت بجد وتفان في لجنة الحوار الوطني لإعداد قوانين تنزيل بعض أهم المقتضيات الدستورية.. ولو فرضنا جدلا وتنزلا؛ أنه كانت لي أخطاء في وقت ما فإن مواقفي المذكورة ناسخة لها؛ وقد وسع عفوكم الكريم أشخاصا اتهموا وحوكموا بما هو أكبر؛ فلماذا لا يقتدي بكم رجال السلطة الذين ظلموني بهذا الشكل غير الأخلاقي؟!".
اللجوء للقضاء
وقال إبراهيم بوحنش المسؤول الإقليمي للانتخابات بالكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بمراكش: "أقدم والي مراكش على رفض ترشيح حماد القباج عن حزب العدالة والتنمية في دائرة جليز بدعوى أن البحث الإداري الذي قام به الوالي أثبت أن السيد القباج لا يؤمن بالقيم الديموقراطية وعبر علانية عن تصريحات تنشر التمييز والحقد والكراهية التطرف".
وتابع إبراهيم بوحنش في تصريح لـ"
عربي21"، أن "محامي حزب العدالة والتنمية ووكيل اللائحة القباج رفعوا دعوى ضد وزير الداخلية والوالي البجيوي بإيقاف تنفيذ قرار عدم قبول لائحة الحزب بدائرة مراكش جليز النخيل ويطلبون من القضاء الإداري إلغاء القرار المشوب بالعديد من العيوب الشكلية والقانونية".
وأضاف أن "إقدام الوالي عبد الفتاح البجيوي على هذا القرار يعتبر شططا واضحا في استعمال السلطة الموكولة له لرفض الترشيحات، وهو ما سنقوم بفضحه لإرجاع الحق للأستاذ حماد القباج المشهود له بالاستقامة والوطنية ضدا على حملة التشهير التي انخرط فيها الوالي خدمة للتحكم والبؤس".
وسجل أن "الوالي بقراره هذا يتقمص وينتحل دور القضاء ويترامى على صلاحيات السلطة القضائية في إدانة مواطن بريء وتلفيق تهم خطيرة لمواطن نزيه من طينة الأستاذ القباج، كما يسطو الوالي بهذا القرار على سلطات المؤسسة التشريعية والتي يحق لها وحدها تحديد موانع الترشيح وشروط أهلية المترشح وليس من بين ما شرعه البرلمان أي مقتضى يمنع من لا تتوافق أفكاره مع توجهات التحكم وأزلامه من الترشح للبرلمان الذين أربك ترشيح للأخ حماد القباج الأمانة العامة للحزب حساباتهم وقلص من حظوظهم بدائرة جليز النخيل".
دعم العدالة والتنمية
أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، التي يرأسها عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، دعمها للداعية حماد القباج في كل الخطوات التي يتخذها دفاعا عن الحق والمشروعية، وتعرب عن أسفها الشديد لعدم قبول السلطات المعنية ملف ترشيح حماد القباج مرشح حزب العدالة والتنمية بدائرة كليز بمراكش.
واعتبرت الأمانة العامة للحزب، في بلاغ نشرته مساء الجمعة، أن هذا القرار يمثل اعتداء على حق حماد القباج الدستوري في الترشح، مؤكدة أن "القرار المتخذ غير مقبول تماما".
ونددت الأمانة العامة للمصباح في البلاغ ذاته بالحملة الإعلامية الظالمة التي استهدفت حماد القباج، ولم تدخر وسعها في الإساءة إليه بكل الافتراءات والأكاذيب التي وصلت إلى حد التعريض به بسبب إعاقته.
ونبه بلاغ الحزب إلى أن الأمانة العامة، وهي تعلن عن تضامنها مع الأخ حماد القباج، تؤكد أن "مكانته داخل الحزب ستتعزز بإذن الله باعتبار خصاله الحميدة وكفاءته المتميزة وتعلن مؤازرتها له في كل القرارات التي يمكن أن يتخذها دفاعا عن الحق والمشروعية".
وأوضحت الأمانة العامة للحزب، أن "نهج الإدماج لأعضاء التيار السلفي المعتدل داخل المؤسسات والحياة العامة للبلاد من منطلق ما يجب لهم من حقوق وعليهم من واجبات، قد أثبت نجاعته وفاعليته في ضمان مزيد من الأمن والاستقرار، وتوسيع دائرة الاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب، وهو ما يجعل القرار المتخذ في حق الأخ القباج غير مقبول تماما".
الريسوني: منع القباج.. عندما حاكمني فؤاد عالي الهمة
قال أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "بعد نحو أسبوعين من إطلاق نار مكثف، قامت به الأبواق الاستئصالية الحاقدة ضد المواطن المغربي حماد القباج، جاءت النتيجة المقصودة من وراء تلك الحملة الصحفية المسعورة.. لقد قررت وزارة الداخلية منع حماد القباج من الترشح للانتخابات البرلمانية ليوم 7 أكتوبر المقبل".
وأضاف الريسوني في مقال نشره على موقعه الرسمي: "بررت الداخلية قرارها بالقول (المعني بالأمر عبر في مناسبات علنية عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة، من خلال إشاعة أفكار متطرفة تحرض على التمييز والكراهية وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع المغربي)، ولا يخفى على المتتبعين أن كلام وزارة الداخلية هذا مطابق تماما لمضامين الحملة الإعلامية التي انخرط فيها ضد القباج مجموعة من الحداثويين حلفاء الفساد ومرتزقة الاستبداد".
وأضاف: "ذكرني هذا التناغم التام بين طائفتي الحداثويين والمخزنيين، بالاجتماع التاريخي الذي دعينا إليه في شهر أيار/مايو 2003، بمنزل وزير الداخلية آنذاك مصطفى الساهل، الذي كان مرفوقا بكاتب الدولة في الداخلية فؤاد عالي الهمة. وأما المدعوون للقاء مع الوزيرين، فكانوا هم أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وعلى رأسهم الدكتور عبد الكريم الخطيب، ومعهم أنا، بصفتي رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أو بصفتي المتهم الأول في هذا الاجتماع…".
وتابع: "في هذا اللقاء استمعنا إلى مرافعتين تهديديتين شديدتي اللهجة، قدمهما المدعيان العامان مصطفى الساهل وفؤاد عالي الهمة. كانت المرافعتان موجهتين ضد حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، وضد أشخاص بأعيانهم وأسمائهم، على وجه التخصيص بعد التعميم".
وأفاد: "الشاهد عندي الآن، هو أن الوزيرين كانا يقرآن ويخطبان علينا بكلام هو نسخة طبق الأصل مما كنا نقرأه في تلك الأيام بإحدى الصحف الوطنية… الاتهامات نفسها، التحليلات والتأويلات نفسها، الاستشهادات نفسها، المصطلحات نفسها، التحامل نفسها…".
وزاد: "كنت يومئذ ـ وما زلت ـ أتساءل: هل (بعض الصحافة) تشكل مرجعا سياسيا ومصدرا ثقافيا لوزارة الداخلية؟ أم أن ما تنشره هذه الجريدة وشقيقاتها مصنوع بوزارة الداخلية ومستمد من أجهزتها؟".
وأوضح: "هذا السؤال المحير تجدد عندي هذا الصباح، وأنا أقرأ صك الاتهام الذي أصدرته وزارة الداخلية ضد الأستاذ حماد القباج، وبنت عليه منعه من حقه الطبيعي والشرعي والدستوري والقانوني. فهل الوزارة تفاعلت مع الحملة الصحفية لأبنائها وأحفادها وتأثرت بها، فقررت دَوس جميع القوانين والمواثيق والقيم لأجل منع القباج، معتمدة على حيثيات الحملة وضغوطها؟ أم أنها هي من حرك الحملة وزودها بالمواد اللازمة، بغية ترويجها، تبريرا وتمديدا لإعلان قرار المنع في الوقت المناسب؟".
ودعا: "في الختام فإن كل الديموقراطيين والحقوقيين اليوم أمام امتحان صعب: لقد كان من أهم المنجزات الديموقراطية والحقوقية التي نص عليها الدستور المغربي، كون المملكة المغربية "تؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا". فهل منعُ القباج من الترشح يدخل ضمن التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا؟ وهل توجد دولة ديموقراطية واحدة في العالم منعت مواطنا من الترشح، بناء على مستندات ديماغوجية تهريجية؟".
سخرية من القرار
هاجم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب قرار ممثل وزارة الداخلية بمنع حماد القباج من وضع ملفه للترشيح للانتخابات المقبلة في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وقال الصحافي، والناشط اليساري، نجيب شوقي في تدوينة على حسابه في "فيسبوك": "منع حماد القباج من الترشح اعتداء سافر على الحقوق السياسية لمواطن مغربي، مهما اختلفنا معه في أفكاره.. وردة فعل صبيانية من التحكم على بلاغ حزب بن عبد الله.. ردود الفعل غير المحسوبة للدولة العميقة، هي حملة انتخابية مجانية للبجيدي.. غياب الكفاءات وهيمنة الجهلة على القرار في البلد، سيؤدي لكارثة. لكن مادام حزب صغير تجرأ وواجه حركة المخزن لتأديب السياسيين، لا خوف على المستقبل.. للمغاربة موعد مع انتقال ديموقراطي، رغم كل الدسائس والمكائد وتحرميات".
وأعلن الصحافي رضوان الرمضاني: "إذا كان صحيحا أنه (تبين من خلال البحث الإداري في شأن ملف الترشيح أن المعني بالأمر عبر في مناسبات علنية عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة، من خلال إشاعة أفكار متطرفة تحرض على التمييز والكراهية وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع)، فإن الذي يجب أن يحاسب ويدان ويعاقب ويمنع هو السلطة القضائية والأمنية التي تركته خارج السجن مع أنه يبث (الحقد والتفرقة والعنف)....".
وأضاف: "واش عاد دابا بان ليكم؟ هي المخزن ما دايرش خدمتو ومخلي واحد (مسجل خطر) يتسارى بيناتنا؟ إذن ما نستغربوش يلا شي نهار واحد قتال وعارفينو قتال وملي يمشي يطلب شهادة السكنى يقولو ليه لأح لأح لأح انت قتال سير لداركم ما نعطيوكش شهادة السكنى....".
وشدد الصحافي أحمد مدياني على أن "منع القباج رغم الاختلاف الجدري واللا محدود وما نعرف أشنو معه... بحال لي كتقول ليه "سير تفرقع"... أيه سير دير أكثر من دكشي... أستغرب كيف تترك دولة وجه النحس "أبو النعيم" حرا طليقا، وهو يكفر الجميع ويحرض على قتل طون ديال البشار بخطابه آخرهم الزملاء في "إحدى الصحف الوطنية"... وتمنع واحد سلم بمجموعة من الأمور... وآخر حوار خاصو يكون مرجع لمحاسبة الرجل مستقبلاً لا غير...".
واعتبر الصحافي حسن حمورو أن "من أصدروا قرار منع الشيخ السلفي حمّاد القباج من الترشح يشتغلون ضد الإرادة الملكية ويستهدفون تبخيس جهود المغرب ملكا وقوى وطنية من أجل مواصلة بناء دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان المستوعِبة لكافة أبناء الشعب دون تمييز!".