قررت محكمة جنايات القاهرة،
التحفظ على الأموال السائلة والمنقولة لعدد من مديري منظمات حقوقية
مصرية من بينهم حسام بهجت، وجمال عيد، وبهي الدين حسن ومصطفى الحسن وعبد الحفيظ طايل، وأموال مركزهم الحقوقية، الحق في التعليم وهشام مبارك والقاهرة لدراسات حقوق الإنسان، واستبعاد العائلات والعاملين بالمراكز الحقوقية من قرارات التحفظ، في القضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة إعلاميا بقضية تمويل منظمات المجتمع المدني.
وأكدت
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية "عزمها الاستمرار في أداء دورها في الدفاع عن الحقوق والحريات والنضال من أجل تغيير السياسيات العامة والممارسات الأمنية المناهضة لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية، بالرغم من استمرار الدولة ومؤسساتها في الهجوم على كافة أشكال التنظيم والمبادرات المدنية في مصر خلال ما يزيد عن الثلاث سنوات".
ودعت المبادرة المصرية، في بيان لها السبت، القوى السياسية والحركات الشعبية المؤمنة بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية للتضامن مع حركة حقوق الإنسان المصرية وبذل كافة الجهود لضمان استمرار الحركة في القيام بدورها.
من جانبه، قال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، إنه سيتقدم بتظلم على قرار محكمة الجنايات بعد انتهاء المدة القانونية والمقررة 3 أشهر، مؤكدا أن الحكم كان متوقعا باعتبار أن القضية سياسية في المقام الأول، ومحاولة لتكميم أفواه المراكز الحقوقية التي تتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد جمال عيد، في تصريح صحفي، أن "القرار يعد انتقاما من الحقوقيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر"، مؤكدا استعداده "للعيش مسجونا لا متواطئا على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر".
وأشارت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" إلى أن هذا الحكم يأتي كمحاولة لإرهاب ومنع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من أداء دورهم في الدفاع عن حريات وحقوق ضحايا السلطات المصرية".
وأضافت في بيان لها اليوم: "صدر قرار
المحكمة بناء على طلب قدمه أحد قضاة التحقيق في القضية الخاصة بمنظمات المجتمع المدني، وهي القضية التي استخدمتها أجهزة الدولة سياسيا، على مدى ما يزيد عن خمس سنوات، كوسيلة للضغط على المجتمع المدني".
وأوضحت أنه تخلل تلك السنوات اقتحام مقرات وإغلاق منظمات وتشميعها مثل مركز النديم، واعتقال حقوقيين من داخل مقار عملهم في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الانتهاكات التي طالت المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان بشكل عام، حتى أولئك الذين يعملوا بشكل فردي فقد امتلأت السجون بهم خلال الثلاثة أعوام الماضية.
وشددت "مونيتور" على أن تلك "الممارسات القمعية التي تواجهها المنظمات الحقوقية والنشطاء في مصر لن توقف العاملين على فضح انتهاكات السلطات في حقوق المواطنين، بل إن الانتهاكات التي تواجهها تلك المنظمات إنما هي دليل أقوى على استمرار ومنهجية السلطات في قمع كافة الحريات".
وقال الباحث الحقوقي أحمد مفرح أن حكم اليوم يأتي متسقا مع العمل الذي بدأه النظام العسكري بعد 3 تموز/ يوليو 2013 في محاولته تجفيف منابع عمل مؤسسات المجتمع المدني والأهلي في مصر، والذي بدأ بالجمعيات الأهلية والخيرية تحت زعم انتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي أعطى للسلطات الأمن الاستحواذ على أموال وممتلكات أكثر من 1055 جمعية أهلية وخيرية.
وأشار "مفرح" في بيان له إلى أن تلك الممارسات كان يجب أن يتم الوقوف في وجهها منذ البداية باعتبارها هجمة علي المجتمع المدني بأكمله، وهو ما لم يحدث وترتب عليه تلك النتيجة حتى الآن.
وأردف: "الحكم بمثابة رد عملي على بعض منظمات حقوق الإنسان في مصر، والتي خضعت لضغط السلطات الأمنية والتنفيذية لإخضاعها لرقابة قانون العمل الأهلي ووافقت على التقدم بطلبات للقيد تحت هذا القانون القمعي".
وأكمل: "مواجهة المجتمع المدني في مصر سمة من سمات الحكم العسكري، فنجد أن القضية رقم 173 لسنة 2011 لم تبدأ إلا في الوقت الذي سيطر فيه الجيش على مقاليد الحكم بعد ثورة 25 يناير 2011، ولم يتم إظهارها إلا بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، فمواجهة المجتمع المدني و الحقوقي وتجفيف منابعه من سمات النظم العسكرية".
واختتم مفرح بقوله: "بالنظر إلى الاتهامات الواردة في ملف القضية رقم 173 لسنة 2011، والتي على أساسها تم الحكم اليوم سنجد أنها نفس الاتهامات الموجهة لجماعات المعارضة السياسية المصرية وأعضائها الأمر الذي على أساسه يشرعن القمع".