يشارك في الانتخابات رجال أعمال وأعيان قبليون دون انتماء سياسي معروف- أرشيفية
تحت خيمة بيضاء كبيرة تستخدم كمقر لحملة انتخابية في عمان، يبدو التجمع الانتخابي وكأنه اجتماع قبلي أكثر منه حملة انتخابية لمرشحين إلى الانتخابات البرلمانية التي تجرى الثلاثاء.
وعلى وقع أغان وطنية، كانت القهوة العربية والكنافة تقدم لعشرات الحاضرين الذين جاءوا لدعم واحدة من أكثر القوائم الانتخابية انتشارا في وسائل الاعلام المحلية.
ويقول هاني عجور (55 عاما)، إنه جاء من أجل "دعم" صديق مرشح، "على الرغم من أنني فقدت الثقة في الانتخابات".
ويضيف: "لسوء الحظ النتائج معروفة مسبقا، والحكومة تأتي بالأشخاص الذين تريدهم" إلى البرلمان، والمشكلة أيضا أن "هناك فقط وعودا سرعان ما ينساها المرشحون بعد الانتخابات".
ولكنه يقول إن كل هذا لن يمنعه من المشاركة في التصويت يوم الثلاثاء المقبل، "فقط من أجل مساعدة صديقي".
أما محمد الذي تحدث باسم مستعار، فيقول، وقد جلس في إحدى زوايا الخيمة: "أنا لا أثق بوعود المرشحين قبل الانتخابات".
ويضيف: "بعد نحو ثلاثين عاما من العمل في مجال الأمن، أستطيع أن أؤكد لك أنهّم إذا فازوا، فسينسون حتى نساءهم وأطفالهم، فما بالك بالنسبة إلى ناخبيهم الذين أوصلوهم إلى البرلمان؟".
ويشير إلى أنه يأتي كل يوم إلى مقر الحملة الانتخابية "لأنه واجب علي"، ولتمضية نصف ساعة "كي لا يزعل مرشح قبيلتي".
ولكنه يؤكد أنه لا ينوي المشاركة في الانتخابات والإدلاء بصوته لأي مرشح، "حتى إذا جاء والدي من قبره ورشح نفسه لهذه الانتخابات، فإنني لن أمنحه صوتي".
ويضيف أن الكثير من الناخبين فقدوا الثقة في العملية الانتخابية بسبب التزوير والولاءات القبلية.
وباستثناء الإسلاميين، أبرز قوة معارضة قادرة على تعبئة الناخبين، فإن المرشحين الآخرين يعتمدون على صلاتهم القبلية للفوز.
وبحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز "الفينيق" للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الذي يتخذ من عمان مقرا، فإن 32 في المئة من المستطلعين أكدوا أنهم سينتخبون أحد أبناء عشيرتهم أو أقاربهم، بحسب النتائج التي نشرت في آب/ أغسطس الماضي، فيما أكد 27 في المئة أن الانتخابات "واجب وطني".
ويقول حبيب لطفي، وهو كهربائي من وسط عمان: "أنا سأصوت لمجرد ممارسة حقي في الانتخابات"، مشيرا إلى أن "معظم المرشحين يعملون من أجل مصلحتهم الشخصية وليس من أجل تحسين وضع حياة الناس".
وللسبب نفسه، يقاطع بلال شلبي، الانتخابات في كل مرة، ويقول إن "الانتخابات تجلب النواب الذين لا يعملون من أجل مصلحة ناخبيهم، وبدلا من ذلك، فهم يعملون من أجل تمرير قوانين تزيد من عبء الأردنيين"، في إشارة إلى ارتفاع الاسعار والضرائب.
عبء ثقيل
وتأثر الاقتصاد الأردني بشدة جراء النزاعات في البلدان المجاورة كالعراق وسوريا، وبسبب استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكلون عبئا على كاهل المملكة المحدودة الموارد.
ورسميا، بلغت نسبة البطالة حوالي 14 في المئة، فيما تشير تقديرات مستقلة إلى أنها تتراوح بين 22 و30 في المئة من السكان الذين يشكل الشباب تحت الثلاثين عاما نسبة سبعين في المئة منهم.
ويأمل الشباب الأردنيون في وصول جيل جديد من السياسيين إلى البرلمان قادر على العمل من أجل مستقبل أفضل للبلد.
وبعدما قاطعت الانتخابات الأخيرة، قررت سوسن (ثلاثينية) المشاركة في الانتخابات هذه المرة، قائلة إنها تأمل في وصول "مجموعات جديدة من المرشحين مع برامج جديدة تغذي الأمل من أجل إحداث تغيير كبير".
وتضيف: "هذا هو السبب الذي جعلني أقرر المشاركة والتصويت في الانتخابات".
ويعبر سامر قبعين (أربعيني) عن تفاؤله أيضا، ويقول: "الديمقراطية لا تبنى في يوم وليلة".
ويضيف: "صحيح أن الانتخابات عندنا لا يزال يهيمن عليها المال والعلاقات القبلية، أكثر من الجدل السياسي، ولكننا نحن نحاول تدريجيا أن نغير ذلك".
ويشارك في الانتخابات رجال أعمال وأعيان قبليون من دون انتماء سياسي معروف، باستثناء ولائهم للسلطة، ما يقلل من حظوظ بقية المرشحين والأحزاب السياسية ذات الميزانيات الصغيرة.
ودعت الهيئة المستقلة للانتخابات، الناخبين إلى التصويت تحت شعار "صوت لبلدك، صوتك ليس للبيع".