يفترض أن ينتهي بناء الجدار مع نهاية العام الحالي - أرشيفية
"نحن بصدد إعداد خطة متعددة السنوات لمحاصرة إسرائيل بالأسوار للدفاع عن أنفسنا في الشرق الأوسط، لمواجهة المفترسين".. تصريحات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في شباط/ فبراير الماضي، خلال زيارته لموقع بناء جدار إسمنتي على الحدود الفاصلة مع الأردن.
وقالت صحيفة هآرتس العبرية إن حرس الحدود الإسرائيلي أنجز ما طوله 15 كيلومترا من الجدار الذي يمتد على طول 30 كيلومترا، من إيلات وحتى مطار تمناع الذي ستنتهي إسرائيل من بنائه في نهاية العام الحالي بالقرب من مدنية العقبة الأردنية على البحر الأحمر (جنوب الأردن).
وحسب قرار لمجلس الوزراء الإسرائيلي في عام 2014، كان مخططا للجدار أن يمتد بطول 400 كيلومتر، من إيلات وصولا إلى جنوب البحر الميت، فيما يمتد الجزء الثاني من شمال البحر الميت ولغاية بحيرة طبريا، وبسبب شح التمويل اللازم في ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية، سيقتصر العمل على 30 كيلومترا بكلفة 77 مليون دولار.
لا خيارات أردنية
وعلق رئيس مركز الدراسات الإسرائيلية في عمان، عبد الله صوالحة، بأن الميزانية المخصصة لهذا الجدار غير كافية، إذ خصصت "إسرائيل" ميزانية لبناء 30 كيلومترا فقط ستصل إلى مطار تمناع، بينما تبلغ تكلفة بناء الجدار بطوله الأصلي 250 مليون دولار.
وبحسب قول الصوالحة لـ"عربي21"؛ فإن الحكومة الأردنية "لا تملك أي خيار قانوني أو دبلوماسي للاعتراض على بناء الجدار؛ كونه يقع في الأراضي الإسرائيلية"، مستدركا بالقول إن "الأردن يستطيع التحفظ فقط على إقامة الجدار في غور الأردن والمناطق التابعة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يعتبر تغييرا للوقائع على الأرض قبل مفاوضات الوضع النهائي وحل الدولة الفلسطينية"، كما قال.
هل باتت "إسرائيل" لا تثق في حليفها؟
ويبرر الإعلام العبري أسباب بناء الجدار بـ"تنامي وجود اللاجئين السوريين في الأردن، ما يثير احتمال أن تكون الجماعات الجهادية في سوريا قد استفادت من ذلك من خلال نشر خلايا إرهابية تسعى لعبور الحدود مفتوحة ومهاجمة القرى الإسرائيلية القريبة من الحدود الأردنية في صحراء وادي عربة".
ولا يرى الكاتب والمحلل السياسي الأردني عامر السبايلة؛ في بناء إسرائيل للجدار "عدم ثقة في الأردن وتراجعا في التعاون الأمني بين الطرفين"، مضيفا لـ"عربي21": "هنالك تعاون أمني كبير بين إسرائيل والدول التي وقعت معها معاهدة سلام، لكن إسرائيل مضطرة لزيادة الجهد الشخصي في التعامل مع الأخطار الإرهابية من خلال تعزيز النظرية الأمنية وخلق حاجز جديد تشرف عليه مباشرة"، وفق تقديره.
وبحسب السبايلة، "ترى مراكز القرار في إسرائيل منذ عام 2013 أن الأردن ليس بعيدا عن الأخطار التي تجري في المنطقة، وتضع إسرائيل اعتبارات أمنية بالنسبة للأردن التي لا تراها واحة سلام وهدوء، ومن هذه المعطيات حجم التطرف في الداخل الاردني، وخطورة عودة المقاتلين، وانتشار العنف".
وعبر عن اعتقاده بأن على صانع القرار الأردني "التفكير لماذا تضطر إسرائيل أن تبني سورا، وهل هنالك مواضع ضعف وخطر مستقبلي على الأردن؟".
إلا أن الصوالحة، من جهته، دعا إلى عدم "تضخيم أسباب بناء الجدار، وتصويره بأن هنالك إشارات لعدم استقرار الأردن، خصوصا مع تراجع مناطق سيطرة المنظمات الإرهابية"، مطالب "إسرائيل باتباع سياسية الجسور عوضا عن سياسة الجدران التي لا تجلب الأمن"، وفق تعبيره.
موقف صامت للحكومة الأردنية
وبدورها، التزمت الحكومة الأردنية الصمت حول بدء "إسرائيل" ببناء الجدار، حيث رفض الناطق باسم الحكومة الأردنية ووزير الإعلام، محمد المومني، الإجابة على استفسارات "عربي21" حول موقف الأردن من بناء الجدار.
واكتفت عمّان بنشر تصريحات صحفية على لسان مصدر حكومي عبر الصحف اليومية، قبل أشهر، اعتبرت فيه بناء الجدار "شأنا داخليا، لا سيما أنها تشيده داخل حدودها"، مشددة على أن "عقلية القلعة لن تجلب الأمن إلى إسرائيل".
الجدار يستهدف أراضي الضفة الغربية
فلسطينيا، يرى الكاتب والصحفي المقدسي، خليل العسلي، أن "إسرائيل" تستهدف خنق أراضي الضفة الغربية الحدودية مع الأردن، ويقول لـ"عربي21" إن "بناء الجدار على الحدود الأردنية هو استكمال لمشروع قديم أقره (رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أر يئيل) شارون صاحب نظرية التلال المرتفعة والجداران العالية، ولن يكون الجدار على كافة الحدود، إذ سيشمل مقاطع معينة هي الأقرب إلى الفلسطينين في الضفة الغربية، أما في بقية المناطق فستكون هناك أجهزة إنذار مبكر وغيرها".
واعتبر العسلي بناء الجدار "دليلا على عقلية الجدران العالية التي تسود المجتمع الإسرائيلي في السنوات الماضية، وتحديدا بعد تولي اليمين دفة الحكم، إذ يخشى الآخر ولا يثق بالسلام بقدر ما يثق بقوته العسكرية".
ولفت إلى أن "قلقا يسود المستوى السياسي اليميني، وحتى اليسار، في إسرائيل، بأن ما يجري في المنطقة قد يؤثر على الأردن، وبالتالي قد يصل إلى إسرائيل بسب طول الحدود بينهما".
وبحسب بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية، سيضم الجدار طرقا أمنية وأبراجا للمراقبة وغرف عمليات ووسائل متقدمة أخرى، إلى جانب نشر كتيبة مشاة جديدة، تحمل اسم "تمار" سيتم نشرها بشكل دائم في المنطقة.
ومن المتوقع أن ينتهي العمل في الجدار في نهاية 2016 ليكون الجدار الخامس الذي تشيده "إسرائيل" بين مع الدول العربية بعد جدار الفصل العنصري في الضفة، إلى جانب جدار مماثل في هضبة الجولان، وآخر على الحدود اللبنانية، وجدار بطول 240 كيلومترا على طول الحدود مع مصر.