نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية حوارا مع خبير
الإرهاب ومدير مشروع العلاقات الامريكية مع العالم الإسلامي في معهد بروكينجز، ويليام ماكانتس، الذي تحدث عن دوامة
تنظيم الدولة اللامتناهية، التي لا يمكن أن تندثر بسهولة.
وقال ماكانتس، بحسب تقرير الصحيفة الذي ترجمته "عربي21"؛ إن تنظيم الدولة ليس مجرد فكر متطرف، وإنما هو أيضا بمنزلة طائفة وأيديولوجية، سيكون مصيرها الاندثار. لكن خسارة تنظيم الدولة على الأرض، ليست إلا خطوة نحو القضاء عليه.
وفي كتابه "قيامة داعش"، كتب ماكانتس أن تنظيم الدولة هو تنظيم مروع، إلى درجة أنه حتى تنظيم القاعدة يعتبر أن ما يقوم به أتباع أبو بكر البغدادي، لا يخرج عن نطاق الفساد والبدعة.
ويعمل تنظيم البغدادي أساسا على تفكيك الدول، ونشر الحروب الأهلية، وإقامة توترات لا متناهية بين السنة والشيعة. كما يتجه تنظيم الدولة إلى خلق المزيد من الأزمات، في دوامة لا نهاية لها حتى لو خسر التنظيم كل أراضيه.
س: تروج الولايات المتحدة إلى أنه سيتم استعادة الموصل خلال الشهر المقبل، كما أن تنظيم الدولة يقوم بالتراجع في كل الجبهات. فهل أن خسارة كل الأراضي تعني نهاية تنظيم الدولة؟
ج: في بداية الأمر، يمكن القول إن هذه الخطوة ستكون ضربة مدمرة لتنظيم الدولة. من جهة، لأن قيمة هذا التنظيم تكمن في سيطرته على مجال محدد. ومن جهة أخرى، فإن المواقع التي يسيطر عليها هي استراتيجية للغاية، إذ إنها كانت مركزا لخلافة سابقة تعود إلى قرن من الزمن.
ولذلك، يمكن القول إن هذه الأراضي غنية حضاريا، ولها رمزية بالغة الأهمية. وصحيح أن السيطرة على
سوريا والعراق هي مصدر شرعية تنظيم الدولة، إلا أن خسارة هذا المجال لا يعني نهايته. وجدير بالذكر أن تنظيم الدولة خسر في مرات سابقة الأرض، كما هو الحال في عام 2006 أو عام 2008، وفي كل مرة يفاجئنا بالعودة. وعموما فإن خسارة الأرض، ليست إلا خطوة نحو هزيمته.
س: لماذا؟
ج: يمكن تفسير عدم زوال تنظيم الدولة بهذه السهولة، بثلاثة أسباب. أولا، لأنه على الرغم من أن تنظيم الدولة قد لا يسيطر على مساحة معينة، إلا أنه سيتواصل وجود أتباعه في المنطقة إلى جانب قيادة هجمات مكثفة. ثانيا، لأن تنظيم الدولة سيواصل استغلال الفرص والأزمات التي تعاني منها بلدان الشرق الأوسط، مثل التي تعيشها الآن ليبيا أو اليمن. وثالثا، بما أن تنظيم الدولة سيواصل شن هجماته في أوروبا، فسنواصل الشعور بوجوده.
وعموما، إذا أخذنا بعين الاعتبار كل هذه الأسباب، إلى جانب السبب الأيديولوجي، فيمكن القول إنه لهزيمة تنظيم الدولة بالكامل، نحن بحاجة إلى 20 سنة لتحقيق هذا الهدف.
س: خلال عام 2004، قال محلل الحركات الإسلامية مارك سيغمان، إن تنظيم القاعدة في طريقه إلى التحول من تنظيم إلى أيديولوجيا. فهل سيمر تنظيم الدولة بهذه المرحلة بعد خسارته للمجال؟
ج: في واقع الأمر، نشأ تنظيم الدولة كأيديولوجية. في بداية الأمر، لم يعرها أي طرف الكثير من الاهتمام، إلا أن العديد من شباب الشرق الأوسط وأوروبا، يتبنون الآن هذا الاختيار الأيديولوجي.
س: بماذا تفسر استعمال عناصر تنظيم الدولة في أشرطتهم الدعائية لملابس محاربي النينجا، وهو أمر لم يعرفه الشرق الأوسط من قبل؟
ج: يسعى تنظيم الدولة من خلال جهاز دعايته إلى إضفاء الجمالية على أعماله. وعموما فالتنظيم يروج لنوع من "المحارب الروحي" الذي يجذب العديد من الشباب، وهنا تلعب الجمالية دورا مهما في إقناع الشباب باستخدام العنف.
ومن هنا، يمكن اعتبار أن تنظيم الدولة قام بإخراج صورة مختلفة عن الإرهابيين، لاستقطاب أتباع من جنسيات متعددة، إلا أن هذه الصورة هي بطبعها غريبة عن الشرق الأوسط فمن الرائج أن الإرهابيين هم أولئك المتشددين المجرمين، الذين يختبئون تحت راية الإسلام لتبرير أفعالهم.
س: لماذا يتبنى تنظيم الدولة كل هذه الوحشية؟
ج: أولا، لأن أيديولوجية تنظيم الدولة قائمة على الترويع بدرجة أولى، وثانيا لأن التنظيم يريد تكوين خلافة في أقرب وقت ممكن، لذلك لا حل أمامه إلا إخضاع السكان بالعنف، وحشد الدعم المحلي، الأمر الذي لن يتمكن تنظيم الدولة من تحقيقه.