نشرت كل من الصحيفة الفرنسية "لوفيغارو" والناطقة بالفرنسية "سلايت" تقريرين تحدثا فيهما عن تواصل الصراع بين
تنظيم الدولة والمنافس الرئيسي له؛ تنظيم
القاعدة، بهدف فرض سيطرتهما على المناطق الأفريقية، فضلا عن انضمام حركة
طالبان ومحاولة بسط نفوذها في القارة الآسيوية مما أدى إلى احتقان الأوضاع.
وقالت صحيفة "لوفيغارو" في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة يعيش ورطة كبيرة في ليبيا خاصة وأن تنظيم القاعدة لا يزال يمتلك نفوذا واسعا في منطقة الساحل والقرن الأفريقي. وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم الدولة بصدد استهداف حركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم لقاعدة، وذلك من أجل تهديد نفوذه في تلك المناطق الأفريقية.
وذكرت صحيفة "لوفيغارو" أن هجوم هذه الحركة العراقية السورية على أفريقيا كان متوقعا، وذلك بسبب عملية تضييق الخناق التي يشهدها في معاقله الرئيسية داخل العراق وسوريا، فهو يحلم بإنشاء مركز موحد للجهاد العالمي، وببسط نفوذه على قارة تعيش فيها مجتمعات إسلامية كبرى وسط دول ضعيفة. غير أنه واجه تنظيم القاعدة العدو الذي كان مقربا منه في السابق، والذي توسع نفوذه في أفريقيا منذ زمن طويل. والجدير بالذكر أن جاذبية تنظيم الدولة ونشاطه على الشبكات الاجتماعية وأفلامه العنيفة كان لها تأثير كبير على المتطرفين الأفارقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن آمال توسع تنظيم الدولة كانت قد بنيت على حساب الصومال؛ التي تعدّ أرضا للجهاد منذ عشرات السنين. وقد بدت هذه الفرصة سانحة مع وفاة أمير الشباب، أحمد عبدي جودان، الذي قتل سنة 2014، ومع العلاقات العدائية التي تلت ذلك. لكن خليفته محمد عبده عبد الله رفض بشدة التقدم الميداني للتنظيم، وهدد كل من يبايع هذه المنظمة بالقتل. وقد تجرأ رئيس مجموعة "جهادية" تنشط في شمال الصومال، عبد القادر مونين، على تحدي هذه الأوامر إلا أن نفوذه ظل محدودا نظرا لأن عدد مواليه لم يتجاوز الخمسين مقاتلا.
وأضافت الصحيفة أن تنظيم الدولة واجه صعوبات في التوغل داخل غرب أفريقيا، وهو ما بيّن أن درجة تأثير التنظيم في تلك المناطق لا تزال في مراحلها الأولى. ففي مالي، ظلت العديد من الجماعات السلفية موالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. أما أمير جماعة "المرابطون"، مختار بلمختار، فقد كان يحكم سيطرته على الساحل الأفريقي، وعلى الرغم من بعض الخلافات التي جدت بينه وبين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، إلا أنه أكد تحالفه مع الحركة في تموز/ يوليو سنة 2015. أما في موريتانيا، فقد تم اعتقال عدد من الشباب يوم 21 أيلول/ سبتمبر بسبب بعض الكتابات المؤيدة لتنظيم الدولة التي غطت جدران العاصمة نواكشوط.
ومن جهة أخرى، تحدثت صحيفة "سلايت" عن الشريط الوثائقي الذي أعده مجموعة من الصحفيين والذي نقلت فيه تفاصيل لقائهما مع قادة فرع من تنظيم القاعدة في أفغانستان الذي يحارب مع حركة طالبان ومع حكومة كابول.
ووفقاً لهذا الشريط الوثائقي، فإن أفغانستان لم تشهد فترة سلام منذ سنة 1979، عوضا عن ذلك عانت من الغزو السوفيتي بعد الحرب الأهلية وغزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة وصولا إلى الهجمات التي ينفذها تنظيم الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التنظيم دخل إلى الإقليم الأفغاني بهدف إنشاء ولاية خراسان.
وكشف الشريط الوثائقي، أن العديد من أعضاء حركة طالبان الباكستانية أعلنوا انشقاقهم، وأقسموا على الولاء للخليفة البغدادي ثم شرعوا في توسيع نفوذهم في ولاية خراسان.
وقد أعلن عناصر هذا التنظيم أن هدفهم في أفغانستان هو إعادة بناء محافظة الوسطى التابعة لخراسان الكبرى. كما أنهم يريدون أن يصبحوا أكثر طموحا وديناميكية من حركة طالبان.
وعلى عكس تنظيم الدولة، فإن حركة طالبان الأفغانية لا تعترف بالخلافة المعلنة سنة 2014 عن طريق أبو بكر البغدادي. وعلاوة على ذلك، اتهم جهاز تنظيم الدولة حركة طالبان بأنها مدعومة من قبل الاستخبارات الباكستانية والأفغانية وحتى الأمريكية، لهذا السبب قام تنظيم الدولة باستهداف هذه الحركة.
وأوضح الشريط الوثائقي أن حركة طالبان التي تقاتل الحكومة الأفغانية والتحالف الدولي، أصبحت الآن تدافع عن أراضيها ضد الهجمات العسكرية التي يشنها عليها تنظيم الدولة، فضلا عن ولاء أنصار هذا التنظيم للخلافة وللأسلحة المناولة.
في الختام، بينت صحيفة "سلايت" أن الجيش وقوات الأمن الأفغانية تخضع إلى هجمات تنظيم الدولة وطالبان، وأن الشرطة الأفغانية قامت بشراء الذخيرة والمعدات نظرا لنقص الموارد وكثرة التهديد. ومنذ سنة 2015، بدأت سيطرة تنظيم الدولة في أفغانستان في التراجع شيئا فشيئا.