دافع رئيس النظام المصري، عبدالفتاح
السيسي، عن
المشروعات التي يتبناها، مطالبا المصريين بأن يثقوا به في ما يتم إنجازه. مهاجما الدعوات المنتشرة للتظاهر ضده، يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، قائلا إنها ستفشل.
وأكد تراجع دور الجيش في التـنمية في السـنوات المـقــبلة بعد الانتهاء من خطة البنية الأساسية، وفق قوله.
وفي ما بدا أنه رده على انتشار مقطع فيديو سائق التوك توك، ينعى فيه تدهور الأوضاع تحت حكمه، حذر السيسي من أن وسائل التواصل الاجتماعي "يمكن استخدامها من جانب أجهزة خارجية كمنصات لتنفيذ مخططات تستهدف هدم دول من داخلها"، على حد وصفه.
وجاء ذلك في حواره مع رؤساء تحرير
الصحف القومية الثلاث (الأهرام والأخبار والجمهورية)، التي نشرت الجزء الأول منه، السبت، واستهله السيسي بالقول: "نحن في عنق زجاجة، وفي سبيلنا للخروج، وإذا أردنا الخروج لا بد من اتخاذ إجراءات صعبة، علينا أن نتحملها، وأن نصبر عليها".
وأردف: "النتائج ستكون عظيمة جدا لأيامنا المقبلة، وللأجيال القادمة".
وتابع: "لا يوجد خيار بديل عن إجراءات الإصلاح من أجل مستقبل البلد".
وأضاف: "يقيني أن المصريين سيتحملون تبعات الإصلاح ما دامت لديهم ثقة في من يتخذ القرار.. أبناء هذا الشعب هم أهلي، وأقول لهم: لا تخافوا.. أنا رجل مسؤول.. وأنا واثق من أنهم بشهامتهم المعهودة وباستنفار الهمم، قادرون على تحمل الأعباء من أجل إعادة بناء الدولة، فهمة المصريين قادرة على تجاوز كل المشاكل"، بحسب تعبيره.
ويذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها السيسي إلى الاتجاه لاتخاذ قرارات وإجراءات "صعبة" في الفترة المقبلة من أجل تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وذلك في تلميح إلى الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي من أجل منح مصر قرضا قيمته 12 مليار دولار، خلال السنوات الثلاث المقبلة، إذ تتضمن خفض قيمة الجنيه، ورفع الدعم عن الوقود، وزيادة الرسوم والضرائب.
ثقوا بي.. معا نتباهى بمصر
وبعد أن سرد أرقاما كثيرة فيما يتعلق بالمشروعات التي يتبناها قال السيسي، مخاطبا المصريين: "أطلب منكم أن تثقوا بي فيما ننجز, وسوف نقوم معا بكل شيء، فليس عندي هدف أغلى من أن نرى جميعا مصر دولة نتباهى بها".
ومن هذه الإجابة استلهمت صحيفة "أخبار اليوم" مانشيتها الرئيس، في عددها السبت، بالقول: "السيسي: ثقوا بي.. ومعا نتباهى بمصر".
وقال السيسي: "إجراءات الإصلاح صعبة، لكنها حتمية لإنقاذ الوضع الاقتصادي. وتعودت على الخيارات السليمة الصحيحة، ولا أحد أبدا أقدم على الإجراءات التي كان يجب أن يتم اتخاذها منذ زمن طويل".
واستطرد: "أنا لا أخشى سوى الله، ولا أخاف إلا على مصلحة البلاد، فأنا مسؤول عن دولة وعن حمايتها وعن مستقبلها ومستقبل أبنائها، ولو كنت أبحث عن مصلحتي الشخصية، ما كنت فعلت أشياء كثيرة"، وفق وصفه.
والأمر هكذا، اختارت صحيفة "الجمهورية" أن يكون مانشيتها كالتالي: "السيسي في حواره مع رؤساء تحرير الجهمورية والأهرام والأخبار: "الشعب قادر على التحدي".
واختارت "الأهرام" أن يكون مانشيتها: "الإصلاح.. الأمل الحقيقي في مستقبل أفضل.. الرئيس في حديث "التحديات.. والمستقبل" مع رؤساء تحرير الصحف القومية.. مصر على الطريق للخروج من عنق الزجاجة.. والنتائج عظيمة بإذن الله في الأيام وللأجيال القادمة".
يهاجم دعوات "11/11": مصيرها الفشل
ولدى سؤال السيسي عما إذا كانت تقلقه "دعوات تتردد من جماعات معادية للدولة للخروج والشغب، وآخرها دعوة يوم 11/11"، بحسب تعبير تلك الصحف، قال السيسي: "المصريون أكثر وعيا مما يتصور كل من يحاول أن يشكك أو يسيء, لذا كل الجهود التي تبذل من جانب هذه العناصر, وأهل الشر؛ مصيرها الفشل".
وملوحا بالقبضة الأمنية قال: "جزء كبير من استقرار الحالة الأمنية يأتي من وعي المصريين، وليس فقط من جهد مؤسسات الدولة، كوزارة الداخلية، التي يتحسن أداؤها كل يوم، ودعم القوات المسلحة، وأجهزة الدولة المعنية بالاستقرار. والشعب المصري يدرك محاولات إدخال مصر إلى دوامة الضياع، ويصر على عدم الدخول إلى هذه الدوامة".
وتابع القول مهددا: "كثيرا ما كنت أقول: خللوا بالكم من بلدكم. والحقيقة أن المصريين يضعون بلدهم نصب أعينهم.. لذلك كل تلك المحاولات فاشلة، وستفشل"، حسبما قال.
ويذكر أن هناك دعوات متزايدة في الشارع المصري تحمل شعار "ثورة الغلابة" للخروج في مظاهرات حاشدة ضد تدهور الأحوال المعيشية للمصريين تحت حكم السيسي، أطلق الدعوة إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشطاء غير منتمين لأي تنظيمات أو حركات ساسية، حسبما قالوا.
دور الجيش سيتراجع.. بعد البنية الأساسية
وردا على من الانتقادات المتزايدة لتدخل الجيش، ودوره، في الحياة المدنية، أجاب السيسي عن السؤال "كيف ترى دور القوات المسلحة في مشروعات التنمية؟"، بالقول: "القوات المسلحة تقوم بدور كبير في عملية التنمية، لكن هذا الدور سوف يتراجع في السنوات المقبلة، بعد أن تكون قطعت، وانتهت من خطة إعادة بناء وتأهيل البنية الأساسية للدولة"، وفق قوله.
وأضاف: "قواتنا المسلحة تمضي بشكل جيد جدا في تنفيذ خطتها للتطوير التي بدأت منذ 3 سنوات ونصف السنة، ونحن مستمرون في تنويع مصادر السلاح"، مردفا بأن: "علينا أن نعلم أن ثمن حاملة الهليكوبتر طراز ميسترال تعادل قيمة دخل حقل "ظهر" (للغاز) في شهر واحد".
وعن ما يقصده بقوله أخيرا: "إن قواتنا المسلحة يمكنها الانتشار في كل أنحاء البلاد في غضون 6 ساعات"، وهو ما وُصف بأنه تهديد للمصريين من التظاهر ضده؛ قال: "ما أقصده هو أن أؤكد جاهزية الجيش وقدرته على حماية حدود الدولة من الإسكندرية إلى حدودنا الجنوبية، ومن رفح إلى حدودنا الغربية".
وحول الوضع في سيناء قال: "الوضع في سيناء يتحسن، والجهد مستمر، فالحرب طويلة، والإرهابيون يطورون من أنفسهم، ونحن نطور من عملياتنا".
واستطرد: "أما عن الحدود الغربية فنحن نؤمنها على مدار الساعات، ومؤخرا دمرنا 15 عربة كانت تحاول التسلل عبر الحدود، وعموما أنا لا يوجد لدي قلق خارجي، لكن قلقي من محاولات الاستهداف من الداخل المصري".
يهاجم إعلامه.. ويحذر من "التواصل الاجتماعي"
ومنتقلا إلى الشق الإعلامي، هاجم السيسي الإعلام المصري، على الرغم من أنه موال له، مؤكدا أنه "لا يوجد سياق إعلامي يعكس حقيقة الدولة المصرية"، على حد قوله.
وقال لرؤساء تحرير الصحف القومية: "تتحدثون عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.. لا يوجد سياق إعلامي يعبر عن حقيقة الدولة المصرية.. هناك من وسائل الإعلام ووسائل التواصل ما يشكل حالة لو ظلت تتراكم، سوف تكرس الإحباط، وتؤدي إلى تغييب الأمل، ولاتوجد دولة أو مواطنون يقدرون على العيش بلا أمل".
وأضاف أن دور الإعلام هو التنوير وإيجاد الوعي وكشف أي سلبيات، حتى تتقدم البلاد، لكن هناك من يتداول أشياء ليست في صالح البلاد أو أمنها القومي، مبنية على معلومات خاطئة، أو رؤى غير سليمة، أحيانا يتصدى بعض الكتاب لموضوعات دون معلومات أو أفق أو تصور، ومن ثم تكون رؤيتهم أقل اتساعا من رؤية الدولة لأن الصورة متكاملة لديها، حسبما قال.
وأضاف: "هناك دستور ينظم وضع الإعلام وهناك قوانين توضع وفقا لهذا الدستور، والتجربة هي التي توجد الحاجة للتغيير، وليس القرارات الاستثنائية.. أنا ضد القرارات الاستثنائية لأنها قد تفسر على أنها تدخل من الإدارة لتقييد الإعلام".
وأردف: "أما وسائل التواصل الاجتماعي، فلقد سبق أن تحدثت عنها، ولكن الكثير ينسى، بأنه يمكن استخدامها من جانب أجهزة خارجية كمنصات لتنفيذ مخططات تستهدف هدم دول من داخلها"، على حد قوله.
ومستدركا قال: "لا أتحدث عن الإعلام المصري في سياق إساءة له.. أبدا. لكن هناك تناولا في فضائيات وصحف لأمور خاصة بالوقود مثلا، تؤدي للجوء البعض إلى تخزينه، مما قد يتسبب في اختناقات، وتناولا لقضية السلع الأساسية، يؤدي إلى تكالب وتدافع على شرائها وتخزينها تحسبا لارتفاع أسعارها، مما يؤدي بالدولة إلى استيراد كميات أكبر لضخها في الأسواق، وبالتالي إنفاق أكثر من العملة الأجنبية.. هل هذا في مصلحة أحد؟".
وأضاف: "سألت الرئيس البشير (الرئيس السوداني) خلال مباحثاتنا منذ أيام: "كيف تتحدث عن زيادة التعاون بين البلدين بينما تتخذون إجراءات لحظر الحاصلات الزراعية المصرية"، فكان رده: "إن تقارير الإعلام المصري قالت ان الزراعات المصرية غير صالحة للاستخدام، لأنها تروى بمياه الصرف الصحي.. لذا قلنا إننا سنفحص الواردات منها، وستجد كثيرا من الدول تعمل في إطار ما أقول".
وأضاف: "قلت للرئيس البشير: إن لدينا 4500 قرية و37 ألف تابع، فهل الأرض الزراعية بها تروى بمياه الصرف، إذن أين تذهب كميات المياه التى تستهلكها الزراعة من نهر النيل، وقدرها 35 مليار متر مكعب؟". وعلق السيسي: "لا أحد يفعل هذا بنفسه، مثلما نفعل".
قضايا ومشروعات في الحوار
وأطلقت الصحف الثلاث، ورؤساء تحريرها: محمد عبدالهادي علام (الأهرام)، وياسر رزق (الأخبار)، وفهمي عنبة (الجمهورية)، أوصافا دعائية عدة على الحوار مع السيسي، أبرزها: "حوار الصراحة والأمل"، مشيرة إلى أنه استغرق أربع ساعات، (حوار الـ 240 دقيقة)، وأن السيسي تطرق خلاله إلى الموضوعات التي تشغل الرأى العام.
وقال رئيس تحرير الأهرام إن الحوار جاء على مدى اليومين الماضيين، بحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية.
ووصف رئيس تحرير "الجمهورية" الحوار بأنه "يجيب عن كل الأسئلة التي تشغل الرأي العام.. أراد أن ينقلها (السيسي) إلي المواطنين عبر منابر "الجمهورية" و"الأهرام" و"الأخبار" لتصل إلي الشعب في وقت تقف فيه مصر في مفترق الطرق، وتريد أن تخرج من عنق الزجاجة.. يصارحهم بالحقيقة كعادته.. لابد من تناول الدواء المُر حتي يتعافى الاقتصاد المريض"، وفق تعبيره.
وفي الحوار دافع السيسي أيضا عن "برنامج الإصلاح الذي قدمته مصر إلى صندوق النقد الدولي"، قائلا إنه "يمثل برنامجا للإصلاح الحقيقي، يستهدف وصول الدعم إلى مستحقيه دون غيرهم، وخفض فاتورة خدمة الدين، خاصة أن الدعم يزداد بزيادة النمو السكاني"، على حد قوله.
وأشار إلى مراجعة البطاقات التموينية وتنقيتها بهدف استبعاد غير المستحقين، وأضاف: "نعمل على توفير احتياطي من السلع الاستراتيجية يكفي 6 شهور على الأقل".
ودافع عن رجال الأعمال فقال: "أعلم أن المرحلة التي نعيش فيها مرحلة صعبة، وأعرف تأثير ظروف سعر الصرف على المستثمرين، وبوضوح أقول إننى مشجع وداعم لرجال الأعمال، وأقول لهم: مصر أولى بكم، والحرية كاملة لكم، ولا إجراءات استثنائية ضد أحد منكم".
ودافع عن وزيرة الاستثمار (التي وُصفت مؤخرا بأنها أسوأ وزيرة) فقال: "وزيرة الاستثمار تعمل منذ تولت منصبها في مراجعة القانون الحالي لتعديل قانون الاستثمار بما يناسب متطلباتنا، ويشجع على جذب الاستثمار من الداخل والخارج، وأتوقع الانتهاء منه خلال أسابيع، وإقراره في البرلمان قبل نهاية العام".
وأضاف: "الخطوة الأولى التي اتخذناها لتشجيع الاستثمار كانت إعادة تأهيل البنية الأساسية، وكان المفروض أن تستغرق من 6 الى 8 سنوات لكن الخطة ستنتهي في أبريل 2018".
وادعى أن مشروعات البنية الأساسية وفرت ثلاثة ملايين فرصة عمل في قطاع المقاولات، "فالناس تعمل وتتقاضى أجورا جيدة، وهذه المشروعات بجانب تحفيزها لمناخ الاستثمار وتغييرها لواقع حياة المصريين، أعطت القدرة المالية لملايين من المواطنين محدودي الدخل، واستوعبت أيضا العمالة العائدة من ليبيا دون أن يشعر أحد بعبء عودتها"، بحسب زعمه.