زادت الأجهزة الأمنية في
مصر من وتيرة اعتقالاتها لمعارضي رئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، ممن يبدون معارضته في الشوارع، وعبر صفحات موقعي التواصل الاجتماعي "
فيسبوك" و"
تويتر"، وذلك في محاولة حثيثة منها، لإجهاض تظاهرات "ثورة الغلابة"، المزمع خروجها، يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية للمصريين، تحت حكم السيسي.
وكان السيسي افتتح "المؤتمر الوطني الأول للشباب"، الثلاثاء، بشرم الشيخ، مدعيا اهتمامه بملف المعتقلين، وسعيه للإفراج عن عدد منهم، متسائلا: "مين عايز ياخد ولاده يحطهم في احتجاز؟".
وطالب السيسي في كلمته بتشكيل لجنة لمراجعة أوضاع السجناء من الشباب، وتقديم تقرير عن حالاتهم، تمهيدا للإفراج عنهم، وفقا للقانون والدستور.
وفي المقابل، ذكرت تقارير إعلامية أن قوات الأمن ألقت القبض، في غضون الأيام القليلة الماضية، على 72 شابا، في القاهرة والجيزة والقليوبية ودمياط وبورسعيد والإسكندرية والشرقية، وأنها تتحرى عن 44 آخرين، لاتهامهم بالتحريض على الخروج للتظاهر يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، من خلال تشكيلهم مجموعات على موقعي "فيسبوك" و"تويتر"، ودعوة المواطنين للنزول إلى الشوارع.
وأمرت نيابة شرق القاهرة، بالفعل، بضبط وإحضار عدد من طلاب جامعة الأزهر لاتهامهم بتحريض المواطنين على التظاهر في اليوم نفسه.
وأكدت التحريات أن هؤلاء المعتقلين أعدوا منشورات تحريضية للنزول والتظاهر وبث الشائعات وضبطت بحوزتهم منشورات تحريضية.
وتأتي تلك
الاعتقالات في وقت تنصب فيه الأجهزة الأمنية الكمائن المختلفة بساحات تجمع وسائل المواصلات، وشوارع وسط العاصمة، لا سيما المحيطة بميدان "التحرير"، حيث يتم تفتيش المارة، وتوقيف كل من يشتبه بمناهضته للسلطات، بعد تفتيش الهواتف المحمولة، ومصادرة أجهزة الحاسوب وتلك الهواتف.
وكان الأمن المصري، اقتحم مساء الأحد، مقر موقع "الطريق" الإخباري، بشارع محمد محمود، بوسط القاهرة، واستولى على أجهزة الهواتف المحمولة والكاميرات والحاسوب الخاصة بالعاملين، وبعد أكثر من ساعتين أفرج عنها، وغادرت قوات الأمن الموقع، قائلة إن الأمر كان إجراء احترازيا، لا يخص الموقع وحده، وإنما يخص مقرات المكاتب والشركات الموجودة في شوارع وسط القاهرة كافة.
اعتقالات بالمنيا
وانتقلت الحملات الأمنية من القاهرة إلى الصعيد. وألقت مباحث الإنترنت بمحافظة المنيا، الأربعاء، القبض على "مريم عمر حبشي السيد"، بدعوى أنها تدير 12 صفحة تحرض على الجيش والشرطة، إذ نصبت كمينا إلكترونيا لها، بإرسال "هاكرز" إلى إيميلات عدة خاصة بها، بعد التعامل مع صفحتها، وإغلاقها.
ثم قامت الشرطة بالقبض عليها، وبحوزتها منشورات وأجهزة كمبيوتر، وبعض رسائل التهديد ضد الضباط والجنود، بحسب بيان صادر عن مديرية أمن المنيا.
وغير بعيد، ألقت سلطات الأمن بالمحافظة نفسها، الأحد، القبض على "حسن خ"، عامل، ويقيم بإحدى قرى المركز، لاتهامه بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتحريض العوام على العنف والشغب والتظاهر.
وتحرر عن الواقعة محضر شرطي، وتم التحفظ على المتهم، وأُخطرت النيابة لتباشر التحقيقات.
حبس 10 في بني سويف
وفي بني سويف قرر المحامي العام، الأربعاء، حبس عشرة مواطنين، بدائرة بندر بني سويف، بعد أن قام جهاز الأمن الوطني ("أمن الدولة" المنحل) بضبطهم، بدعوى أنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان، وتحريضهم على إشاعة الفوضى، ودعوة المواطنين للنزول يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وذهبت التحقيقات إلى أن المتهمين تورطوا في بث ونشر أكاذيب من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وتحريض المواطنين على التظاهر ضد الدولة، حيث انتقلت قوة أمنية للقبض عليهم، وتم عرضهم على النيابة العامة؛ لمباشرة التحقيق، حيث أصدرت قرارها السالف.
اعتقال محام وصيدلي بقنا
وفي محافظة قنا بالصعيد نفسه، ألقت أجهزة الأمن، بالتنسيق مع قطاع الأمن الوطني، القبض على كل من: "أحمد.أ.م" 32 عاما، صيدلي، و"بركات.س"، 38 عاما، محام، لاتهامهما بتحريض المواطنين في الشوارع على العنف والتظاهر ضد مؤسسات الدولة، وذلك بمركز فرشوط شمال المحافظة.
الجيزة: حبس خمسة
وفي إقليم القاهرة الكبرى، أمرت نيابة العجوزة التابعة لمحافظة الجيزة، الأربعاء، بحبس خمسة مواطنين كونوا صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحريض المواطنين على النزول يوم 11/11.
وأكدت التحقيقات قيام المواطنين الخمسة بإنشاء صفحة تحريضية عبر مواقع "فيسبوك وتويتر وانجسترام"، لتوجيه دعوة للمواطنين للنزول يوم 11/11 للتظاهر.
ووجهت النيابة إليهم تهم: التحريض على التظاهر وقطع الطريق وتعطيل مصلحة العمل والانضمام إلى جماعة متطرفة، بجانب نشر صور قتل وتعذيب للشباب داخل السجون، لتأمر النيابة بحبسهم 15 يوما، وسرعة تحريات المباحث، وانتداب لجنة فنية لفحص المضبوطات والصور عبر أجهزة "اللابتوب" المضبوطة.
غضب الأهالي في الشرقية
ومن إقليم القاهرة إلى محافظات الدلتا، حيث أعلنت أجهزة الأمن، في قرية العدوة التابعة لمركز ههيا بمحافظة الشرقية، مسقط رأس الرئيس محمد مرسي، الأربعاء، "السيطرة على شغب جماعة الإخوان، بعد قطع أنصارها طريق "الزقازيق - ههيا"، لمحاولة تخليص ثلاثة من قيادات الجماعة، أُلقي القبض عليهم في حملة أمنية بالقرية"، بدعوى أنهم مسؤولون عن تنظيم مسيرات أنصار مرسي.
وكانت قوات الأمن بالمحافظة اعتقلت للمرة الثانية، مصطفى عطية، وشهرته مصطفى المصري، 26 سنة، من أحد شوارع مدينة "أبو حماد"، الخميس، وأخفته بشكل قسري، ليتم عرضه على النيابة، على خلفية رفضه للانقلاب العسكري، وقررت حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.
حبس مدير صفحة "تمت الترجمة"
وتأتي تلك الاعتقالات الواسعة، في إطار حملة مستعرة تشنها الأجهزة الأمنية المصرية، بحق مستخدمي ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لمجرد أنهم يوجهون انتقادات حادة للسيسي، ونظام حكمه، تحسبا لمظاهرات 11/11.
ويوم الجمعة الماضي، ألقت قوات الأمن القبض على "خالد مختار عبد اللطيف"، الشهير بـ"شيكو بيكو"، مدير صفحة "تمت الترجمة" الساخرة على "فيسبوك".
وأنشأ مختار الصفحة في 21 شباط/ فبراير 2013، وتعدى عدد المعجبين بها حتى الآن 1.6 مليون متابع، وتهتم بترجمة بعض الصور والفيديوهات الأجنبية باللهجة المصرية، مع السخرية بين الحين والآخر، من بعض الأمور السياسية، وكان آخرها السخرية من دعوة السيسي المصريين للتبرع بالفكة.
لكن النيابة وجهت لخالد، الذي اعتقلته من المنزل، تهم "الاشتراك والتحريض على التظاهر، وقطع الطريق العام، والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون هي جماعة الإخوان المسلمين".
وقال محاميه طارق خاطر، إن "الاتهامات واهية طبعا، خاصة أنها تتضمن تهمة التظاهر، وهو ما يتناقض مع القبض عليه من منزله، كما أن المحضر لا يتضمن أي معلومات عن المظاهرة، ولا أين نظمت"، معتبرا أن اعتقاله يرجع إلى التشديدات الأمنية التي تأتي استعدادا لدعوات التظاهر يوم 11/ 11 المقبل.
وعلق ناشطون، على اعتقال خالد مختار، بالقول إن السيسي لا يعرف سوى تكريم الشباب بحبسهم، واعتقالهم، ورغم ذلك يسمي عام 2016 باسمهم، ويعقد مؤتمرا، الثلاثاء، بدعوى تشجيعهم على الانطلاق والإبداع، في وقت يتركهم فيه يعانون من واقع أقفل فيه أبواب الأمل والحرية والكرامة في وجوههم.