تصاعدت حدة الصراع بين رئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس والقيادي المفصول من حركة
فتح محمد
دحلان بعد اقتحام عناصر السلطة عددا من المدن والمخيمات في الضفة الغربية بدعوى ظاهرها القبض على عدد من المطلوبين الأمنيين لكنها كان تستهدف تحركات واجتماعات لعناصر حركة فتح الموالين لدحلان بحسب مراقبين.
واشتكى العديد من قيادات حركة فتح المقربين من دحلان من حملة تضييقات وملاحقات تمارسها السلطة لقيامهم بعمل تجمعات بعيدا عن تيار فتح الآخر المؤيد لعباس
وكشفت مقاطع مصورة التقطها نشطاء في مخيم بلاطة قرب نابلس عقب اقتحامه من قبل عناصر السلطة بحجة البحث عن مطلوبين أمنيين إطلاق عشرات الشبان هتافات تأييد لمحمد دحلان وهتافات أخرى تهاجم السلطة التي يقودها عباس.
ويرى متابعون أن دحلان ترجم تهديداته الأخيرة التي أطلقها ضد عباس عبر لقاءات على الفضائيات إلى تحركات على الأرض من خلال ظهور عناصر مسلحة في عدد من المخيمات التي يوجد لدحلان حضور فيها.
وتثير هذه التحركات للمحسوبين على دحلان في مدن ومخيمات الضفة تساؤلات حول أوراق القوة التي يملكها عباس لمواجهة تحركات دحلان في الضفة لتوسيع نفوذ التيار المحسوب عليه؟
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف قال إن رئيس السلطة محمود عباس أضاف خلال السنوات الماضية كل أوراق القوة التي كانت ستحول دون وصول الأمور إلى هذا المنزلق الخطير الذي تعيشه الضفة اليوم بسبب صراعه مع دحلان.
وأوضح الصواف لـ"عربي21" أن عباس يسير اليوم في نفق مغلق وهو سلم أوراقه من قبل لإسرائيل وأمريكا ولم يبق له أي أوراق قوة مع أبناء شعبه وبالتالي هو الآن يبدو كرجل يائس ليس له حيلة".
وأشار إلى أن المحور العربي الداعم لدحلان "لن يرحم عباس وسيعمل على إقصائه وتنصيب دحلان على رأس السلطة من أجل إنهاء القضية الفلسطينية بالكامل وفق رؤية هذه الدول ولفتح العلاقة بشكل واضح مع إسرائيل".
ورأى الصواف أن عباس وإن كان يتحكم حتى الآن بالأجهزة الأمنية في الضفة إلا أن "المستقبل ربما يخبئ الكثير ودحلان لا يحتاج سوى دفع الأموال هنا وهناك للحصول على ولاءات وتأييد العديد من القيادات في فتح لقلب الأوضاع على عباس بالكامل".
وشدد على أن ما يحصل في الضفة اليوم من اقتحامات السلطة لمدن ومخيمات بالضفة يقابلها استعراضات شبان مسلحين محسوبين على دحلان هو "حدث لا يبشر بالخير ويبدو أن الأمور تتدحرج باتجاه مواجهة بين الطرفين صاحب الخبرة الكبيرة فيها محمد دحلان".
وتوقع الصواف أن يكون المؤتمر السابع المقبل لحركة فتح بمثابة "مجزرة حقيقة لكل من يؤيد محمد دحلان" مشيرا إلى أن عباس "لن يسمح لمؤيدي دحلان بالحصول على أي مناصب داخل الحركة وسيسعى لتحصين جبهة مؤيديه من خلال قرارات المؤتمر المقبل".
وعلى صعيد التحركات الدولة الأخيرة التي قام بها عباس قال الصواف إن عباس "يلوح بورقة تغيير المحاور والاتجاه للارتماء في حضن تركيا وقطر خصوم تيار الرباعية العربية" .
ولفت إلى أن تركيا تعرف عباس و"حقيقة نواياه والهدف من التوجه إليها وبالتالي من الاستحالة أن تنخدع به خاصة أن سيطرته على الأوضاع تتراجع".
وعلى صعيد زيارته لقطر ولقائه برئيس المكتب السياسي لحركة
حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية قال الصواف إن قطر تدرك أن قيمة عباس السياسية لم تعد كبيرة اليوم خاصة وأنه ما زال "يتعنت في ملف المصالحة ويصر على طرح شروطه التعجيزية وكأنه في كامل قوته وبالتالي فزياراته إلى الدوحة وغيرها لن تنتج الكثير".
وكان الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام أبو عفيفة قال إن دحلان يدير حربا نفسية ضد عباس ويحاول تقديم نفسه على أنه المستقبل لحركة فتح والقائد الشبابي الذي يمتلك رؤية ويحرز الأهداف وليس العجوز الثمانيني الذي يقود فتح ولا يستطيع تحقيق مكاسب لها.
وأوضح أبو عفيفة لـ"عربي21" أن تيارات حركة فتح لجأت في السابق إلى حمل السلاح ضد بعضها البعض لتصفية خلافاتها والتهديدات التي يطلقها دحلان ضد أبو مازن وتياره الذي يعرف الأخير أنه قادر على تنفيذها.
ورأى بأن تهديدات دحلان ربما تبعث برسالة أخرى لقيادات فتح المؤيدة لعباس بأن عليكم "القفز من السفينة مبكرا لأنني قادم وأن كل من سيبقى بعد رحيل عباس سيندم على عدم اللحاق بي مبكرا".
وأوضح أن الصراع بين عباس ودحلان الآن دخل مرحلة كسر العظم، فعباس من جانبه هدد بقطع العلاقات مع الأطراف التي تمد يدها إلى دحلان والأخير في المقابل يهدد كل من يبقى في سفينة عباس الذي كان في يوم من الأيام حليفه بمواجهة زعيم الحركة الراحل ياسر عرفات.
واعتبر أبو عفيفة أن عباس سيسعى بكافة السبل وعبر القيادات الكبيرة التي يتوعدها دحلان إلى قطع الطريق أمام مؤيديه لعدم الاقتراب من مؤسسات الحركة التي يسيطر عليها حتى الآن، مشيرا إلى أن عباس ربما يلجأ لتجميد المؤتمر السابع للحركة خوفا مؤيدي دحلان.