لم يتوقف دعم بعض دول
الخليج لنظام قائد الانقلاب بمصر، عبد الفتاح
السيسي، عند منح نظامه مليارات الدولارات فحسب، وإنما تجاوز ذلك لتمويل رحلات بعض السياسيين الأوروبيين للقاهرة، وفق كتاب "أمراؤنا الأعزاء جدا"، الذي صدر في باريس مؤخرا.
وعزز الكتاب الذي ألفه الصحفيان الفرنسيان كريستيان شيسنو من راديو "فرانس إنتر"، وجورج مالبرونو من صحيفة "لوفيغارو"، روايات محللين وسياسيين وكتاب؛ كشفوا أن عددا من لقاءات السيسي في الخارج والداخل بمسؤولين وسياسيين غربيين؛ هي مدفوعة الأجر، من أجل شراء شرعية دولية لنظام الانقلاب.
الخليج يكسر عزلة السيسي
وفي هذا الصدد؛ قال المنسق العام للائتلاف العالمي للمصريين في الخارج بفرنسا، مصطفى إبراهيم، إن رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، التي أكد الكتاب أن
الإمارات موّلت رحلتها إلى
مصر "تُعد من أوائل السياسيين الذين زاروا القاهرة للقاء السيسي وشيخ الأزهر"، مشيرا إلى أنها "استخدمت عبارة تجديد الخطاب الديني التي يرددها السيسي، في سياق الهجوم على الجالية المسلمة في فرنسا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن تمويل الإمارات لمثل هذه الزيارات أصبح أمرا مشهورا في الصحف والمجلات الغربية، مشيرا إلى أن "الإمارات داعمة بشدة للسيسي، ومن مصلحتها بقاؤه ضمن تصور معين، وهو أن تكون دبي لاعبا رئيسا في المنطقة؛ بما تملكه من إمكانات مادية كبيرة".
وأوضح إبراهيم أنه "كان هناك نوع من التجاهل الرسمي للسيسي في الخارج في 2014، حتى استطاع مؤيدوه خارجيا أن يكسروا هذا التجاهل في نهاية العام، بعد تحركات حثيثة من قبل صناع القرار في دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات والسعودية".
تجميل صورة النظام
وكان حرص دول خليجية على إضفاء الشرعية على نظام السيسي؛ الشغل الشاغل لها، وفق المحلل السياسي، أسامة الهتيمي، الذي قال إن "تأخر الاعتراف بنظام السيسي دوليا؛ كان سيعرّضه للكثير من الضغوط الخارجية التي تضعف من موقفه، وتمنح القوى المناوئة له قوة وزخما".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "بالتالي؛ لم تتردد السعودية والإمارات في تحسين صورة النظام المصري، والعمل على تفنيد الملاحظات الحقوقية التي سجلتها الكثير من المنظمات والهيئات الحقوقية العالمية على ما يحدث في مصر، والتأكيد على أنه هذا النظام من أطراف معركة المجتمع الدولي مع الإرهاب؛ المتمثل في الإسلاميين المصريين".
وتابع: "من المعلوم أيضا أن للسياسيين والبرلمانيين والإعلاميين في أمريكا وأوروبا؛ دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام، والتأثير على القرار السياسي، وأن البعض من هؤلاء يمكن أن يتبنوا آراء ووجهات نظر دول بعينها، نظير مكاسب مالية تقدمها لهم هذه الدول، أو الدول الداعمة لها".
دعم مادي ولوجستي وسياسي
من جهته؛ أكد وكيل مؤسسي حزب الضمير الديمقراطي، عمرو عبدالهادي، أن هناك دولا خليجية مولت العديد من "
الزيارات المدفوعة الأجر لنظام السيسي".
وقال لـ"
عربي21" إن الدعم الإماراتي "كان لوجيستيا وماديا وسياسيا"، مضيفا أن "الانقلابات العسكرية ترفضها كل القوانين الدولية، ولذلك؛ كان لا بد من شراء ولاءات تُرجمت مع فرنسا بشراء صفقة طائرات الرافال، بتمويل سعودي إماراتي، وأنجدت الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا؛ نظرا للسيولة المالية التي تسببت بها الصفقة".
من جهته؛ قال المنسق العام للتجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام، محمد سعد خير الله، إن "ما جاء في كتاب الصحفيين المصريين ليس بالجديد، فالنظم الفاشية تتوافق، وتجد لها أصدقاء في كل مكان؛ لأنها نظم لا تحكمها معايير أو قوانين أو مبادئ، وتربطها علاقات مادية مشبوهة".
وأكد خير الله أن "الأمر لم يقتصر على
تمويل زيارات وترتيب لقاءات، كما حدث أثناء زيارة السيسي الأخيرة لنيويورك في أيلول/ سبتمبر الماضي، وإنما تعدى ذلك إلى تمويل صفقات سلاح؛ من أجل إيجاد علاقة بين مصر والغرب، ولجلب الشرعية لنظام السيسي، وضمان الفيتو الفرنسي والروسي وقت الحاجة إليهما".