استيقظ
المصريون صباح الثلاثاء على مشهد مفزع لنهر
النيل، وقد تحول لونه إلى الأصفر، مع غور مياهه، وظهور بقع رملية فيه، وهو ما فسرته الأجهزة الحكومية بأنه نتيجة السيول التي أغرقت محافظات عدة مؤخرا، ما أسفر عن هذه "العكارة"، التي تسببت في توقف عشرات محطات
مياه الشرب عن العمل بأنحاء مصر كافة.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين والثلاثاء، صورا لمياه النيل، وقد تحولت بكاملها إلى اللون الأصفر، في مناطق ومحافظات مختلفة، وأسفل كوبري قصر النيل بقلب القاهرة.
وأطلق عدد منهم، على موقع التواصل "تويتر"، وسما (هاشتاغ): "#نهر_الطين"، بدلا من "نهر النيل"، ساخرين من تحوله إلى اللون الأصفر.
تعامل حكومي يخفف من الأمر
ولجأت مصادر حكومية مصرية عدة إلى التخفيف من هول الأمر، فيما أرجع خبراء تحول النهر إلى هذا اللون، بسبب إصابته بعكارة في مياهه منذ يوم الجمعة الماضي، جراء السيول التي ضربت عددا من محافظات الصعيد الفترة الماضية، والتي أدت إلى سقوط نحو 60 مليون متر مكعب من مياه السيول في النيل.
وقال الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة، التابع لوزارة البيئة، أحمد أبو السعود، إن الصور التي ظهر عليها نهر النيل اليوم؛ أمر طبيعي؛ نتيجة المياه التي جرفها الفيضان.
وأكد أبو السعود - في تصريحات صحفية - أن مياه النيل الصفراء أمر اعتيادي، لا يجب أن يسبب أي فزع أو خوف لدى المواطنين، ويتم تنقيته بمجرد المرور على الفلتر من الشوائب العالقة به.
وزعم أن المواد العالقة في مياه النيل مفيدة للأرض الزراعية، وأمر يعتاده العالم كله في مواسم الفيضان، ويصب في مصلحة الزراعة، وسوف تنتهي بنهاية الفيضان.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الري المصرية، وليد حقيقي، إنه لا قلق من تغير لون نهر النيل، مؤكدا أنه أمر طبيعي نتيجة للسيول التي وقعت منذ أيام في عدد من المحافظات.
وأضاف، في تصريحات صحفية، مساء الاثنين، أن سبب تغير لون النيل هو وصول مياه السيول المحملة بالأتربة والطمي، مؤكدا أنها "ليست مضرة".
وتابع: ستعود مياه النيل إلى طبيعتها مرة أخرى خلال يومين أو ثلاثة على الأكثر.
خبير: بل ستؤثر على المياه والأراضي
لكن الخبير الدولي في الموارد المائية، الدكتور أحمد الشناوي، وإن كان قد اتفق مع الجهات الحكومية في تفسيرها لاصفرار النيل، فإنه اختلف معها في آثارها السلبية التي قدّر أنها ستصيب مياه الشرب، والأراضي الزراعية.
وقال، في حوار لبرنامج "من الآخر"، عبر فضائية "روتانا مصرية"، مساء الاثنين، إن الأمطار عندما تغمر الجبال الجيرية فإنها تؤدي لتحويل المياه للون الأصفر.
وأضاف، أن جبل عتاقة، من أشهر الجبال الجيرية، المتواجدة في مصر، وهذه المياه عندما تترسب تحول الأرض الزراعية إلى مالحة، نظرا لكمية الجير التي حملته معها.
وحذر الشناوي المصريين من تناول مياه الشرب، في خلال الفترة المقبلة، قائلا: "تغير لون المياه للأصفر كارثة، ولا بد من الحذر، لحين ترسيب الجير.. ثم تتم عملية تكرير مياه الشرب"، وفق قوله.
توقف 35 محطة لمياه الشرب في 5 محافظات
وجاء التأكيد العملي لكلام الخبير، والتكذيب الواقعي للتصريحات الحكومية السابقة، مع إعلان الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، فعليا، إيقاف تشغيل عدد من محطات إنتاج مياه الشرب، إثر زيادة نسبة العكارة بمجرى نهر النيل عن الحد المسموح به للتشغيل القياسي.
وبحسب بيان أصدرته الشركة، الثلاثاء، تم توقيف 35 محطة بخمس محافظات هي: الجيزة، وسوهاج، والفيوم، وبني سويف، وقنا، نظرا لاستمرار ارتفاع نسبة العكارة بمجرى نهر النيل أمام مآخذ بعض المحطات، نتيجة لجرف السيول كميات هائلة من الرمال والأتربة.
وأوضح البيان أن الشركة قامت بتشغيل محطات المياه الارتوازية، والاعتماد على كميات المياه المتوفرة بخزانات المياه الأرضية؛ للتخفيف عن المواطنين.
وفي سياق متصل، أعلنت محافظة الجيزة حالة الطوارئ في محطات مياه الشرب، بسبب ارتفاع نسبة العكارة.
وأعلن المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، العميد محي الصيرفي، أنه تم إيقاف عشر محطات مياه بالجيزة، بسبب وصول العكارة لمآخذ المحطات.
وفي سوهاج، أعلن رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي، اللواء محمد بدري، أنه تم إيقاف مأخذ عدد من محطات المياه، بعد ارتفاع نسبة العكارة نتيجة لسقوط الأمطار، ونزوح رمال الجبال إلى مياه نهر النيل.
وأضاف أنه يتم الاعتماد على كميات المياه المتوفرة بخزانات المياه الأرضية بالمحطات، بالإضافة إلى تشغيل محطات المياه الارتوازية مما يتسبب عنه ضعف المياه فى تلك المناطق.
"الأرصاد" تحذر من احتمال وقوع سيول أخرى
وتأتي هذه التطورات في وقت حذر فيه المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، وحيد سعودي، من احتمال تساقط الأمطار وحدوث سيول جديدة بمصر إذا توفرت بعض التوزيعات الضغطية سواء على سطح الأرض أم في طبقة الجو العليا التي أدت إلى ظاهرة السيول السابقة.
وشدد سعودي، في مداخلة هاتفية، الثلاثاء، عبر "CBC إكسترا"، على احتمال حدوث سيول خلال فصل الخريف على أنحاء مصر، موضحا أن المخرات التي تمنع ظهور السيول ما زالت متهالكة نظرا لتراكم سنوات من سوء البنية التحتية.
وفي تصريحات أخرى، أكد رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري، سامح صقر، أن هناك 11 محافظة في مصر معرضة للسيول خلال هذا الشتاء، وحدد محافظات الصعيد السبع بالإضافة إلى محافظتي شمال سيناء وجنوب سيناء، وكذلك محافظة البحر الأحمر.
وكانت المفاجأة محافظة القاهرة، وخصوصا منطقتي حلوان والمعادي، اللذين توقع تأثرهما بالسيول، إلا أنه لم يذكر محافظات البحر المتوسط، مثل الإسكندرية ومطروح، وغيرهما من المحافظات.
أما محافظات الدلتا فأكد أنها سوف تشهد أمطارا غزيرة جدا، لكنها لن تصل إلى حد السيول على حد وصفه.
من جهته، توقع الإعلامي ممتاز القط، غرق محافظتي الإسكندرية والقاهرة نتيجة مياه الأمطار، خلال فصل الشتاء هذا العام، بسبب أداء الحكومة، وعدم سعي وزرائها إلى تحمل المسؤولية التضامنية عن كل شيء يحدث بالدولة، وفق قوله.
وقال القط، خلال برنامجه "حصريا مع ممتاز"، عبر فضائية "العاصمة"، موجها حديثه إلى المواطنين: "لازم تتوقعوا أن القاهرة هتغرق قريبا، وكمان الإسكندرية، ساعتها هنبدأ في تسليك المجاري والبالوعات الخاصة بمياه الأمطار".
وزير التنمية المحلية
وفي سياق متصل، انتقد عضو مجلس النواب، محمد عبدالغني، أداء وزير التنمية المحلية، أحمد زكي بدر، مؤكدا أنه "لا يقل سوءا عن أداء وزير الري، حيث تحدث عن الضحايا قائلا: "إيه يعني 20 أو 22 واحد ماتوا"، حسبما كشف.
وأضاف عبد الغني، في مداخلة هاتفية، عبر برنامج "هنا العاصمة"، على فضائية "سي بي سي"، أن "وزير الري قال إن السيول كارثة طبيعية، وخلال سنتين سيتم تنفيذ مشروعات، ولا يوجد شيء يمكن عمله، ولم يقوموا به، وهو ما لم يلاق استحسان النواب".
وتقدم النائب أشرف شوقي، ببيان عاجل لكل من: رئيس مجلس الوزراء، ووزير الموارد المائية، محذرا من كارثة قادمة بسبب عدم وجود مخرات للسيول مطابقة للمواصفات على طول طريق المنيا القاهرة.
وحذر شوقي في بيانه من أنه من المتوقع أن تلحق المنيا بقائمة المحافظات التي تضررت من السيول خلال الساعات المقبلة.
وانتقد إعلاميون موالون للسلطات أداء الحكومة في مواجهة أزمة السيول. وقال جابر القرموطي، إن أزمة السيول أكدت أن الدولة (الحكومة) أصبحت عاجزة عن وضع خطة لمواجهة الكوارث.
وطالب القرموطي، في برنامجه "مانشيت"، عبر فضائية "العاصمة 2"، بإقالة وزير التنمية المحلية، بعد فشله في مواجهة أزمة السيول، حسبما قال.