نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتبة كريستين هوسر، حول مقتل
الطالب السعودي حسين سعيد النهدي (24 عاما) في بلدة مينوموني في ولاية ويسكونسين، حيث قضت الشرطة أسبوعا إلى الآن، ولم تتعرف على مشتبه به، ولا على دافع للاعتداء بالضرب الشديد على الطالب خارج مطعم بيتزا، الأمر الذي أدى إلى وفاته.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن سكان البلدة يسعون إلى تغيير هذا الأمر، بجمع الأموال للإعلان عن مكافأة لمن يعطي معلومات توصل إلى الجناة، وقد وصل المبلغ الذي تم جمعه حتى نشر هذا التقرير إلى 20 ألف دولار.
وتكشف هوسر عن أنه تمت مهاجمة الطالب النهدي، الذي سجل في
جامعة وينسكونسين ستاوت عام 2015، ودرس اللغة الإنجليزية ثم إدارة أعمال، في الساعة الثانية صباحا يوم الأحد على شارع "مين ستريت إيست"، وهو الشارع الذي يصل الجامعة ببحيرة مينومين، بحسب ما قالت الشرطة، مشيرة إلى أنه تم نقله إلى المستشفى في إيو كلير، حيث مات يوم الاثنين، بحسب ما قالته الشرطة.
وتورد الصحيفة عن الشرطة قولها بعد وفاته إنها لا تعتقد بوجود "تهديد" للمجتمع، وأضافت أنه ليست لديها معلومات حول دوافع الاعتداء، ولم يتغير هذا الأمر حتى نشر هذا التقرير، مستدركة بأن قائد القسم تود سوارتز، قال في بريد إلكتروني إن شهودا وصفوا المشتبه به المحتمل بأنه رجل أبيض طوله حوالي ست أقدام.
ويلفت التقرير إلى أن هذه
الجريمة، التي لم يتبين بعد إن كانت دوافعها
عنصرية أم لا، هزت هذه المدينة الصغيرة في غرب الولاية، وتسببت بصدمة في حرم الجامعة، التي يبلغ عدد طلابها 9600 طالب، بما في ذلك مجموعة متماسكة من 142 طالبا سعوديا، وقال المرشد للطلاب الأجانب مايكل لي، متحدثا في مقابلة هاتفية من الجامعة: "هناك خوف أكثر؛ لأننا لا نعرف من هو مرتكب الجريمة.. وكان هذا حدثا نادر الحدوث، ولم يسمع بمثله تقريبا"، وأضاف لي أن عدد الطلاب السعوديين ازداد في السنوات الأربع الماضية، حيث يجذبهم منهاج التجارة والهندسة في الجامعة، وتبتعث
السعودية حوالي 80 إلى 100 ألف طالب في أمريكا؛ كسبيل لتنويع اقتصادها وللقوة العاملة في المستقبل.
وتستدرك الكاتبة بأن هذا يمكن أن يتغير مع تأثير انخفاض أسعار النفط على ميزانية الحكومة، وإن تم تطوير برنامج الابتعاث هذا تحت حكم الملك سلمان، الذي وصل إلى العرش في كانون الثاني/ يناير 2015.
وتورد الصحيفة أن صحيفة (أراب نيوز) السعودية ذكرت أن الجامعة أرسلت تعازيها لعائلة النهدي في البريدة شمال الرياض، وأعلن رئيس الجامعة بوب ميير، وقائد الشرطة في مينوموني، إريك أتكنسون، عن مكافأة قيمتها 15 ألف دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال المشتبه به، وقالوا إن النقود تم جمعها من تبرعات خاصة ومؤسسة مرتبطة بالجامعة.
وقال ميير: "كثير من الناس يبحثون عن طريقة لمساعدة الشرطة في العثور على المهاجم، ونأمل بأن يساعد هذا المبلغ في الحصول على المعلومات التي تؤدي إلى اعتقال المجرم وإدانته"، وقال مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية إنه سيضيف مبلغ 5 آلاف دولار للمكافأة، وأرسل المدير التنفيذي لفرعه في مينيسوتا، جيلاني حسين، للقاء الطلاب والمدرسين في الجامعة يوم الأربعاء.
وبحسب التقرير، فإن الإحصائيات تظهر أن معدل الجريمة العنيفة في مينوموني كان عام 2014 أقل من المعدل على المستوى الوطني، مستدركا بأن الأهالي القلقين في السعودية حذروا أبناءهم الذين يدرسون في الجامعة بأن يكونوا على حذر، وألا يغادروا بيوتهم إلا للجامعة، بحسب ما قاله الطالب السعودي عمر الكهمس في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء.
وأضاف الكهمس في مقابلة هاتفية: "كلهم خائفون.. وكثير من الطلاب الأجانب يطالبون بحضور أكبر للشرطة في وسط البلد خلال عطلة نهاية الأسبوع، وزيادة الأمن قليلا؛ لنشعر بالأمان".
وتنوه هوسر إلى أن صورة الغلاف لصفحة "فيسبوك" الخاصة بالجامعة أظهرت صورة للورود والشموع والبطاقات، التي حملت رسائل التعزية باللغتين العربية والإنجليزية، التي تركت خارج مطعم "توبرز بيتزا"، حيث هوجم النهدي، وكتب على إحدى البطاقات "هذا ليس من هم نحن!" وكتب على أخرى: "نم قرير العين.. سنذكرك على الدوام".
وتبين الصحيفة أن حادثة مقتل النهدي جعلت أحد المراقبين يذكر على صفحة "فيسبوك" التابعة للجامعة بأن هناك تيارا عنصريا في المدينة، الذي عاد بها إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث وقعت حوادث ضرب لطلاب أفارقة، كان منها واحدا على الأقل قاتلا.
ويورد التقرير ما كتبه بيل ميلير، معلقا على صفحة "فيسبوك"، بعد الإعلان عن المكافأة، في إشارة إلى الطالب النيجيري، الذي تم ضربه ودهسه بالسيارة: "حظا جيدا.. فلا يزال هناك بالتأكيد أناس في المدينة يعرفون ما يكفي لإدانة الرجل/ الرجال، الذين قتلوا ساني تيلا عام 1985.. كانت تلك لحظة مخزية في تاريخ هذه المدينة".
وتنقل الكاتبة عن مدرسة اللغة الإنجليزية مارغي ستينيكر، التي درست النهدي لأكثر من عام، قولها في مقابلة إنها لا تزال تذكر ردة فعل المدينة في الثمانينيات، وأضافت: "لقد كان هناك غضب عارم.. ولم يمثل ذلك الهجوم المجتمع أيضا".
وتذكر الصحيفة أن الجامعة قالت إنها تقدم المشورة لكل من أرادها، وكان هناك حفل تأبين مخطط له في وقت متأخر من مساء الخميس، وقال رئيس الجامعة ميير في مقالة نشرها على مدونته بعنوان: "نحزن لأجل حسين"، إنه "وقت صعب" لجميع من هم في الجامعة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى ما كتبه ميير قائلا: "رد فعل طبيعي في وقت كهذا أن نبحث عن أسباب لهذه المأساة.. لدي بالتأكيد كثير من الأسئلة والمخاوف، وأتمنى أن تكون لدينا أجوبة للأسئلة حول ما أدى إلى الاعتداء على حسين، لكن علي أنا وجميع من حزن على حسين أن ننتظر نتيجة التحقيقات التي تجريها دائرة شرطة مينوموني في هذا الحادث المروع .. ومهم جدا ألا يتم التوصل إلى استنتاجات إلى ماذا يمكن أن يكون وراء هذا الهجوم قبل أن نعرف الحقائق".